العرب والأعراب - د. خالد المطرود

العرب والأعراب - د. خالد المطرود

لكل زمان في التاريخ رجال يؤثرون به وبمساره فالبعض يوثر أيجابا ويصنع تاريخا مشرقا. والبعض يؤثر سلبا ويكون سببا في خراب أمته ودمارها , وهؤلاء قد اصطلح على تسميتهم بالعملاء أو الخونة , وفي تاريخنا العربي المعاصر نجد أن هناك قادة عظام يدافعون عن أوطانهم وعن أمتهم ويقدمون التضحيات في سبيل ذلك وبالمقابل نجد من وضع نفسه في خدمة أعداء هذه الأمة التاريخيين وقد نصب نفسه وبكل وقاحة بأنه يعمل على تنفيذ مصالحهم مستفيدا من رعاية الغرب له ومده ودعمه بكل وسائل الحركة ماديا وسياسيا لدرجة انه اصبح اليوم أمثولة لم يسبقه أحدا في التاريخ بالدور المشبوه الذي يقوم به في التأمر على هذه الأمة وعلى شعبها لمصلحة الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين عدو الأمة التاريخي , واذا ما أردنا أن نسمي من هو المسؤول العربي اليوم الذي تنطبق عليه هذه المواصفات فسوف نجد عددا كبيرا ممن يعتبرون انفسهم ملوكا وأمراء وحكاما يقال أنهم عرب لكنهم أعراب .
فالتاريخ العربي المعاصر ومن خلال الأحداث الأليمة التي مرت بها الأمة وخاصة منذ عام النكبة 1948 عام اغتصاب فلسطين والأحداث التي برزت من خلال الصراع العربي الصهيوني من حروب النكبة الى العدوان الخماسي ( بريطانيا – فرنسا – اسرائيل – اميركا – والخليج العربي ) على مصر عبد الناصر والدور التأمري الذي لعبته بعض مشيخات الخليج في دعم هذا العداون , الى حرب النكسة في الخامس من حزيران عام 1967 والتي برز الدور التأمري الكبير لبعض الأنظمة العربية بدعمها المخفي للكيان الصهيوني في الحرب التي شنها على دول الطوق العربي والتي كانت نكسة حقيقية للأمة العربية . الى مؤامرة ايلول الأسود عام 1970 في الأردن للقضاء على المقاومة الفلسطينية ثم كان عنوان التأمر لبعض هؤلاء في اغتيال الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر في نفس العام. وما أن قامت حرب تشرين التحريرية عام 1973 بقيادة القائد العربي الكبير حافظ الأسد وببطولات من الجيشين العربيين السوري والمصري والأنتصارات الكبيرة التي تحققت في مواجهة العدو الصهيوني فكان التأمر العربي أيضا من قبل الأعراب جليا في أن تكون حرب تشرين حرب تحريك وليس حرب تحرير وما الخطوات التي اتخذها انور السادات أنذاك بتشجيع ودعم من الرجعية العربية إلا مؤشرا على تورط بعض هذه الأنطمة ومسؤليتها التاريخية في الويلات والمأسي التي لحقت بالأمة العربية , وبعد انتصار تشرين وظهور الكيان الصهيوني بالكيان العاجز بعد انهيار قوة الردع لجيشه تحالف الأعراب مع الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني لمحاولة التعويض للكيان الصهيوني عن خسائره الإستراتيجية والعسكرية في حرب تشرين فكانت مرحلة جديدة للتأمر على الأمة تجلت :
أولا: تفجير الحرب الأهلية في لبنان .
ثانيا : مؤامرة الأخوان المسلمين في سوريا .
ثالثا :الوقوف في وجه الثورة الأسلامية في ايران بعد ما أسقطت العلم الأسرائيلي ورفعت العلم الفلسطيني راية وبوصلا لهذه الثورة .
رابعا :التأمر في زج العراق في حرب مجنونة مع ايران استمرت لثماني سنوات .
خامسا :الدور التأمري الذي لعبته في التغطية على عدوان اسرائيل على لبنان منذ الإجتياح الأول عام 1978 إلى الأجتياح الثاني عام 1982 .
سادسا : الوقوف في وجه حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية لأنها رفعت شعار ضرب اسرائيل .
سابعا : العمل الدؤوب مع الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل لتميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال المبادرات المسمومة التي يسوقونها ويعملون على تغطيتها .
ثامنا : العداء للدول العربية ذات التوجه القومي والتي حافظت على توجهها القومي بالعمل من أجل تحرير فلسطين .
تاسعا : مساندة قوى الولايات المتحدة الأميركية في احتلال العراق عام 2003 وتدمير مقدراته والعمل على بث الفتنة الطائفية والمذهبة فيه , فقد سخرت اراضيها ومواردها لتحقيق هذا الهدف .
عاشرا : وقوفها علنا مع اسرائيل في حربها مع حزب الله في لبنان عام 2006 وقوفها ايضا مع اسرائيل في حربها ضد المقاومة الفلسطينية في غزة عام 2008 .
لقد امتلكت هذه الأنظمة منظومة مالية هيئ لها الغرب الأستعماري لتمويل مشاريعه الأستعمارية في الشرق الأوسط وتم منحها دورا سياسيا اقليميا لتقوم من خلاله بتوازن سياسي بالتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل خاصة بعد بروز محور المقاومة في وجه اسرائيل والممتد من ايران الى العراق الى سوريا الى المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان وبعد الأنتصارات الكبيرة التي حققها هذا المحور فكان لابد من زج هذه الأنظمة وبشكل علني في مواجهة مباشرة مع محور المقاومة رافعا الغرب معادلته لهم بأن استمرار محور المقاومة يعني زوال ممالكهم وأماراتهم وكان قد وضع استراتيجيته الجديدة في الشرق الأوسط داعيا للعمل على تنفيذ مشروع الشرق الأوسط وتحويل الصراع التاريخي في المنطقة من صراع عربي صهيوني إلى صراع اسلامي ( سني- شيعي ) وقد اتكل الغرب لتنفيذ هذا المشروع على هؤلاء الحكام وبعدما فشل الغرب في تنفيذ الشرق الأوسط من بوابة العراق عام 2003 ومن بوابة لبنان عام 2006 ومن بوابة غزة عام 2008 فكان لابد من تغير في الأسلوب فكان مايسمى ( مشروع الربيع العربي) الذي انطلق من تونس الى اليمن إلى مصر وليبيا ليتكشف في ما بعد حقيقة هذا المشروع الأستعماري التقسيمي الجديد من خلال تعريته والتعرف على حقيقته المسمومة في سوريا منذ العام 2011 حتى الأن. فإذا ما نظرنا إلى مجمل الأحداث التي مرت في تاريخ هذه الأمة منذ بداية الصراع العربي الصهيوني حتى الأن نجد ان الأنظمة الرجعية العربية كانت دائما أخطر على الأمة من أعدائها من خلال العمالة والخيانة والغدر...وما قول تشرشل إذا مات العرب ماتت الخيانة ..إلا وصفا حقيقيا لهؤلاء الحكام .

لقد سقطت ورقة التوت الأخيرة عن هذه الأنظمة وارتباطها المشبوه مع الكيان الصهيوني وماتأمرهم اليوم على سوريا إلا خدمة لاسرائيل ولمشروع الشرق الأوسط الكبير الأميركي للمنطقة , إن الأزمة في سوريا ومارافقها من أحداث مؤلمة وتطورات كبيرة أقليميا ودوليا كشفت حقيقة هذه الأنظمة وحقيقة أن الصراع في المنطقة هو بين عرب يريدون العزة والكرامة للأمة وبين أعراب يجلبون الذل والعار لهذه الأمة .
لقد ثبت ان اسرائيل انتصرت على العرب في معظم الحروب ليس بقوتها وإنما بتأمر هذه الأنظمة وخيانتها واليوم إذا ما أراد الشعب العربي تحقيق حلمه في الوحدة وتحرير فلسطين فلابد من اسقاط هذه الأنظمة العميلة.. والتي سنشهد نهاية قريبة لها بربيع عربي حقيقي سيولد مع انتصار سوريا الكبير على أعراب هذا الزمان وأسيادهم الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل .
وإن غدا لناظره قريب .. فاستعدوا
د.خالد المطرود

» بشار حافظ الاسد ... د . خالد المطرود
» الولادة من الخاصرة : خالد المطرود
» دعوة للتفكر... خالد المطرود
» سورية يا حبيبتي.... د . خالد المطرود
» سقوط داوود اوغلو: خالد المطرود