مــِنْ الـتـكـتيـك الـى السـتـراتيـج حـزب الله يـقـلب المـوازيــن ويصحح المعـادلـة .. بقلم: د احمد الاســدي
دام برس:
مـِنْ الـشــيشـان وافـغـانـســتـان والـيـمـن والســـودان وتــونـس والمغــرب ولـيـبـيــا ومـصـر ولـبنـان والأردن والعــراق والـســعـوديـة وقــطـرائيـل والامـارات والـكـويـت وبـريطـانيـا وايـرلـنـدا وبـلجـيكــا والســـويـد والمـانـيـا وفــرنـســا وكـنـدا وامـريكـا واســـتـراليــا جــاؤو بهــم الــى ســــوريـــة , بعـد أنْ أمـنــوا لهـم مصـادر المـال والســلاح والـدعـم الســــيـاســي والاعــلامــي , فـنـشــروا الارهـاب والـقـتــل واســـتبـاحـة الاعـراض وهــدر دمــاء الابــريـاء وســـرقـة امـوال البــلــد وتـدميـر بنــاه التحتـيــه وتـفـكيـك مـصـانعـة ونهـبهـا وتهـريبهـا الـى تـركيـا والاردن ولبنـــان , وكـــل هـــذا تـــحــت مـســمـى ( الثــورة ) تـارة و (الجهــاد فـي ســـبيـل الله ورايـة الاســلام ) تــارة اخـــرى ,ولــم يــتــوقـف الأمــر عــنـد الحــدود الســـوريــة لـكنهـم وفــي كــل مــرة عــنـدمـا يــشـعـرون بـالهـزيمــة امـام ضــربـات الجـيش تـأتـيـهـم الأوامــر مـِنْ اســــيـادهــم فـي عــواصــم الشــــر والتــآمـر لـلجــوء الــى لـعبــة خــلـط الأوراق والإســــتـرزاق الســـيـاســي وشـــراء الـتعـاطــف الـدولـي مــِنْ خـــلال زج اســـم حـــزب الله واخــتـلاق دور وهــمــي لــه فـــي الحـرب الـدائــرة عـلـى الأرض الســـوريــة , و الحـديـث عـن مـا اســمـوه ( تــورط حـزب الله فـي القـتـال داخـل الأراضـي الســوريـة بـطـلب مـن ايــران ) ,بـالـرغـم مـن الـنـفـي القــاطـع لحـزب الله لـمـثـل هــذة الشـــائعـات والــتقـولات جملـة وتفصـيـلا مـنـذ بـدايـة الاحـداث .
الاســتخبـارات العسـكـريـة الاســرائيليــة الـتـي تـتـحــرك بـأوامـرهــا مـعـظـم الجمـاعـات المســلحـة فـي الـداخـل الســوري بـالتـنســيـق مــع قطـر والاردن وتـركيـا والســعـوديـة وبـعض مِـنْ مـأبـونـي حـريـري لبــنـان ليســت بعـيـده عـــن الـتلفيقـات والاكـاذيــب الـتي تـزخـر بهـا قــنـوات التضـليـل والعـهـر العـربـي ومـواقــع المتـسـاقـطيـن والـشـــذوذ ومنقـطعـي الطمـث الفكــري , الـتي تــدعـي فيـهـا عـلـى حــزب الله وايــــران , فـالتــخـوف الاســرائيـلـي مِـنْ المخـزون الاســتراتيجـي الصــاروخـي لحـزب الله القـادر عـلـى زلـزلـة الكيـان الصهيـونـي مـِنْ شــمـالــه الــى جــنـوبــة كـان ولا زال الـدافــع مِـنْ وراء مـحـاولات طــراطـيـر مـا يســمـى بـالجـيش الحـر وعـصـابـات جـبهــة الـنصــره الـتحـرش بـالمنـاطـق الشـــيعيـة اللبنـانيــة عـلى الشـريط الحـدودي اللبنـانـي الســوري والقصـف المـتكـرر لـمنـطقـة الهـرمـل والقـرى المحيطـة بهـا تحـت حجـة الـرد عـلـى مقـاتـلـي حـزب الله فـي تلـك المنـاطـق لغـرض جـر الحـزب وقـوى المقـاومـة الـى حـرب جـانبيـة تـبعـدهـم عـن هـدفهـم الأول والأخـيـر وهـو اســرائيـل ومشـروعهـا الاحـتلالـي الاســتيطـانـي البغـيض .
محـاولات جـرجـرة اقــدام حـزب الله الـى ســاحـات المـواجهـه فـي ســوريـة واجـبـارةعـلـى تـغييـر تـكتيـكـاتـه المـرحليــة والـدفــع بــه لخـوض غمـار الحـرب المباشــرة فـي الـداخـل الســوري قــد فـشــلـت طـوال الســـنتيـن المنصـرمـتيـن رغـم الحملـة الاســتهـدافيـة الســيـاسيـة والاعـلاميــة والتحـرشـات الاســتفـزازيــة الـتي مــارســتهـا الـدوائــر الاســتخـبـاراتيــة الدوليـة التي تــديـر المـلـف الســـوري وتـرســم مـخـططـات تــنفـيــذة ضــد حـزب الله وشــخص الســيـد حـسـن نصــر الله , ولــكـن الســـؤال الـذي اصــبـحـت الاجـابــة عـليــة مـلحــة اليــوم بعــد أنْ تـبـلـورت صــورة الـمشــروع المـرســوم للمنطقــة جمعــا ومـحـور المقـاومــة فيهــا عـلـى وجــه التحــديــد والـذي وصــل التحـدي فيــه حــد ذروتــه فـي ســـوريـة وأخــذ يجتـاز الحـدود بـاتجــاة لبنـان والعـــراق .
هـل ســـيكتـفـي حــزب الله وحـلفـاءه فـي المـقـاومــة بــإســـلـوب الــتكـتيــك والـمـنـاورة مـِنْ بـعـيــد أم انــه قــد آنَ الآوان لـلإنـتقــال مِـنْ التـكتيكـات المـرحليـة التي كـانت ســائـدة عـلـى مـواقـف الحـزب وحلفـاءه بخـط المقـاومـة الــى ســـتـراتيــج الـدخــول المبـاشــر الـى ســـاحــة الـلـعــب وفــق خـط تفـاهـامـات مـدروســة و محســومــه يـمـتــد مســارهمِـنْ لبنــان الــى دمشــق وعبــر بغــداد الــى طهـــران ؟
كـاتب الســطـور هنـا فـي طـبيعــة الحـال لا يتحـدث عــن مـوضـوعـة حمـايـة المقـامـات والضـرائـح المقـدســة لأنْ هــذا الأمـر محـســوم ســـلفـا , و هنـاك مَـنْ اخــذ عـلـى عـاتقــة مهمــة الدفـاع عـن ضـريح الـســيـدة زيــنب ( ع ) وبقيــة المقـامـات الدينيــة , ولـم يـعـد خـافيـا ولا يحـتـاج الـى مـواراة إنَ هـنـالـك الآلاف مـِنْ الشـــبـاب المتطـوع الـذي لا ينتظـرالـى فــتـاوي ولا مـوافقــات مِـنْ هـذا الطـرف او ذاك فـي اداءه لــواجبــة الدينـي والاخـلاقـي الشـــرعــي , ولـكن الحـديـث هنـا عـن الـوضــع الســـوري اجمـالا والحـرب الـدائــرة مـنـذ عـاميــن خـصـوصـا و إنَ الدعـم الصهيـونـي الامـريكـي البريطـاني الفـرنـسي التـركـي الاردنـي الخـليجـي لـلجمـاعـات المســلحـة ومـدهـا بـكـل انـواع الاســلحـة والمسـاعـدات اللوجـيستيـة والاســتخـبـاراتيـة و الســياسيـة والمـاديـة والاعـلاميـة والبشــريـة قــد وصــل الـى الحــد الـذي لايمـكـن الســـكـوت عنــه او تجـاهـلــــه , والمســألــة لــم تعـــد مـشكـلـة داخليــة تتـعـلق بـمطـالـب شــعبيــة او صـراع مـع معـارضــة بقــدر مـا هــو صــراع وجـود بيـن محـور يـؤمـن بـالمقـاومـة والصمـود والكـرامـة ويـرفض التبعيــة والاحـتـلال والعبـوديــة , وبيـن محـور اســتكـبـاري صهـيـونـي يعمـل وبـالتـنســيـق مـع دول الخـنـوع والرجعيــة العـربيـة عـلـى انهـاء حــالـة الصـراع العـربـي الاســرائيـلـي عـن طـريـق اســتهـداف آخـر مـعـاقـل المقـاومـة فـي ســـوريـة ولبنــان وتمـريـر مشـــروع الـدولـة العبـريـة وتحـقـيق حـلـم اســـرائيــل الكبــرى .
بـالنســبــة الـى ايــران فــإنَ اتفـاقيــة الـدفـاع المشـــتـرك الموقعــة بينهـا وبيـن ســوريـة والتـحـالـف الاســـتـراتيجـي بيـن البـلـديـن تــمنحهــا الحــق بـالــتدخـل العســـكـري المـبـاشــر فـي اي لحـظـة شــاءت وحـقهـا هـذا لا يخـتـلـف عـن تدخـل القـوات الامـريكيـة لحمـايـة الســعـوديـة واســتعـادة الكـويـت عـام 1990 _1991 , والأمـر ذاتـــه يـنـطـبـق عـلـى تــدخـل جـيش ال ســعـود فـي البحـريـن تحـت غـطـاء مـا يسـمـى قـوات درع الجـزيــرة , رغـم إنَ الـذي حـصـل هنـاك مجـرد مظـاهـرات وحـراك ســلمـي وعـدم وجـود اي تـدخـلات خـارجيـة فـي البحـريـن .
أمــا بـالنسـبـة الـى حـزب الله فــإنَ ســـتـراتيجيــة تحــركــاته المسـتقبليــة بـالـرغــم مِـنْتـوقفهـا عـلـى طبيعــة تـطـورات الاوضـاع الأمـنيـة والســيـاسيـة فـي لبــنـان ,والطـريقــة الـتي ســـيتعـامـل بهـا الجـيش اللبـنـانـي وقــواة الأمـنيــة مـع اســتفـزازات الجمـاعـات المســلحـة وقصفهـا للقـرى والقصـبـات الحـدوديــة , فـإنـهـا ســتشــهـد تـغيـيـرا ملـحـوظـا وانتقـال مـن مـرحلــة الـتكـتيـك الـتي فـرضتهـا الـتـزامـات عـدم الـتـدخـل فـي الشــأن الســوري مِـنْ منـطـلـق ( إنَ اهـل دمـشــق ادرى بحـاراتهـا ) الـى مـرحلــة الســتراتيجيـات الحـاسـمـة الـي تـعيـد الأمـور الـى نصـابهـا الصـحيـح خـصـوصـا وإنَ هـنـاك مـَنْ فـســر مـواقـف حـزب الله التكتيكيـة الســابقــة عـلـى إنهـا ضــعـف وعـدم قــدرة الـرد عـلـى الاســتفـزازات المســتمـرة والاعـتداءات المتكـررة عـلـىالمنـاطـق المـواليــة للحـزب والمقـاومـة ســواء فـي الداخـل اللبـنـانـي او القـرى التي يقطنها لبنـانيين شــيعـة فـي ســوريـة , واخـريـن اعـتقـدوا واهـميـن إنَ مـواقف الحزب الاخلاقية الـتي فضـل فيهـا عـدم الـتدخـل المبـاشـر وتـرك الأمـر للســورييـن الـى الـوصـول الـى خـارطـة تفـاهمـات تحـت ســقف البيـت الســوري , فيهـا تـنصـل منــه عن التزاماته المقاومة المبدئية وتـقـاعـس عـن وفـاءه بتعهــداتــه الاخـلاقيـة الـداعـمةلســـوريـا الأســد .
قـلنـاهـا ســـابقـا إيــاكــم وغــضـب الحـليــم ولـكـن الســفهـاء وكعـادتهـم اعـتبـروا الـحلـم ضـعـفـا فــتمـادوا فـي غـيهـم و اخـذتــهم العـزة بـالإثــم ولـم يــتعـظـوا وهـا هـو وقــت حـصـاد الـرقـاب قـد حــان وقـطـع الألســـن الـتي تـطـاولــت قــد وجـَـبْ .
al_asadi@aol.com