الاسلحة الكيميائية هل من خطوط حمراء؟

الأسلحة الكيمائية هل من خطوط حمراء ...؟!

تناول مركز الدراسات الأميركية والعربية في تحليله الأسبوعي أنواع المواد الكيميائية السامة على خلفية استخدامها بمنطقة خان العسل قرب مدينة حلب، ووضعه ضمن سقف "الخطوط الحمراء" التي تحدث بشأنها الرئيس أوباما في زيارته لفلسطين المحتلة والأردن بالنسبة لاعتبارات الولايات المتحدة وهو ما يعد شرارة لتصعيد الدعم الاميركي لقوى المعارضة السورية.

ويرى المركز بأن تكتم الأمم المتحدة عن نشر أية تفاصيل ذات أهمية؛ حفز البعض الاستناد الى فرضية أن الهجوم تم باستخدام غاز الكلور من مخزون مصنع الكلور في حلب المملوك لمصطفى الصباغ أمين عام ائتلاف الدوحة والذي يقع مصنعه تحت سيطرة جبهة النصرة.

وسبق أن صرح صباغ لصحيفة "التايمز" اللندنية مؤخرا انه عقد اتفاقا مع جبهة النصرة لتوريد 200 لتر من الوقود يوميا للحفاظ على تشغيل الصمامات في المصنع الذي تبلغ قيمته حوالي 25 مليون دولار.

ويرى التحليل أن واقع الحقائق العلمية يؤكد أن الاسلحة الكيميائية لا تشكل حدا فاصلا لما يسمى "بالخط الاحمر" في سياق حرب جارية. فعدد من المكونات الكيميائية والأنماط الحربية لو استخدمت يصبح من العسير التحقق والتيقن مما جرى أو تحديد هوية الطرف الجاني. وعليه، بوسع الرئيس اوباما اطلاق تصريحاته وتحذيره بحتمية التدخل، لكن حقيقة الامر ان من يدري حقا ما جرى يبقى في دائرة محصورة على بعض الافراد مما يهيء للسياسيين مجالا للمناورة وفرصة للتنصل من اتخاذ اجراءات ردعية تواكب حجم التهديد اللفظي.

يمكن استعراض مكونات الأسلحة الكيميائية في اربعة اقسام مكونات كيميائية غير قانونية؛ مكونات كيميائية قانونية؛ مكونات كيميائية شبه قانونية؛ ومكونات كيميائية سامة اطلقت في سياق الاستخدام الفعلي للاسلحة المصنفة قانونية.

تشتمل المكونات غير القانونية ثلاثة انواع وهي الغازات التي تسبب الحروق مثل غاز الخردل وغازات الاعصاب مثل غاز السارين وغاز "في اكس."، والتعرض لتلك الغازات تؤدي لحرق الطبقة الخارجية للجلد وتنتقل بسهولة كبيرة الى أي فرد يمسها خاصة اثناء تقديم مساعدة للمصاب.

وغازات الاعصاب عادة تسبب الوفاة المؤكدة خلال دقائق معدودة، ومن عوارضها احداث تشنجات في الجسد المصاب والتي تتطلب ارتداء بدلات واقية من قبل طواقم الاغاثة الطبية قبل تقديمهم المساعدة للضحايا.

وتشكل تلك الغازات بمجملها ما اطلق عليه "الخطوط الحمراء،" التي تتكرر باستمرار في التصريحات والتحذيرات العلنية. وتترك خواصها الكيميائية آثارها لفترة زمنية ليست قصيرة مما يسهل اجراءات الحصول على عينات وتحليلها للتحقق منها.

المكونات "القانونية" المسموح استخدامها وفق تصنيف المعاهدة المذكورة تشمل الغازات المسيلة للدموع، والتي يثير أحدها الشكوك باستخدامه في سورية وهو غاز الكلور. والذي تم استخدامه بوفرة خلال الحرب العالمية الاولى، ولم يصنف ضمن الاسلحة الكيميائية من قبل اطراف المعاهدة الدولية.

في 22 نيسان 1915 استخدم الجيش الالماني نحو 168 طنا من مادة الكلور في احدى المعارك الثلاث الشرسة في مدينة ايبره، غربي بلجيكا، مما دفع الجيش الفرنسي لاخلاء تحصيناته هربا من هلاك محقق، أسفر عن فجوة بعرض 730 مترا في الخطوط الدفاعية للحلفاء. ولم يستطع الجيش الالماني استثمار الثغرة قبل وصول امدادات الفرقة الاولى الكندية برفقة قوات فرنسية اخرى استجمعت على عجل.

من ميزات غاز الكلور سهولة تحضيره لمن لديه معرفة بديهية بمبادئ الكيمياء ونية الخوض في تجربة إنتاجه. من خصائصه التسبب بحساسيات جلدية مفرطة والحاق الاذى بالعينين والأنف والحنجرة والرئتين، فضلا عن سهولة استخدامه ويحتاج لدرجة تركيز عالية كي يصبح فتاكا.

ويصبح التغلب على عوارضه أمرا يسيرا، عبر تجنب الارتطام بالارض. وبما ان الكلور سريع الذوبان في الماء، يمكن استخدام قطعة قماش مبللة بالماء لتغطية الفم والأنف والعينين لتحييد المفعول.

وعلى الرغم من خطورته كمادة سامة فتاكة، الا ان معاهدة الاسلحة الكيميائية الدولية لم تصنفه كذلك، وقد لا يتم ادراجه ضمن "الخط الاحمر" الاميركي للتدخل في سورية بالاتساق مع ذلك.

أما المواد شبه القانونية، والتي يعتبر استخدامها قانوني في بعض الاستخدامات الفوسفور الابيض، التي ينتج عن اطلاقها سحبا من الدخان على مواقع يراد تمويهها في ميدان المعركة، فسرعة احتراقه الشديدة بامكانها التهام القماش والوقود وذخائر الاسلحة والمواد القابلة للاشتعال في دائرة تأثيره الفتاكة، ويسبب حروقات جلدية كبيرة وربما الهلاك. ومن خصائصه القدرة على التسبب في حرائق جلدية عميقة وواسعة النطاق من طراز حروق الدرجة الثانية والثالثة، نظرا لخاصيته للالتصاق بالجلد.

وينطوي على حروق الفوسفور الابيض معدلات كبيرة لوفاة المصاب، مقارنة بالمواد الاخرى، نظرا لخاصية الجسم في امتصاصه عبر بقع الاصابة، ويتسبب باضرار في أداء وظائف الكلى والكبد والقلب، وفي بعض الحالات تعطيل وظائف متعددة للجسم البشري.

استخدمت "اسرائيل" الفوسفور الابيض بكثافة في عدوانها على قطاع غزة 2008/2009، وعملية الرصاص المصبوب 2010.

نظرا للخطورة البالغة لاستخدامات الفوسفور الأبيض، فقد وضعت الدول الموقعة على المعاهدة قيودا صارمة على استخداماته، منها عدم جواز استخدامه ضد السكان المدنيين. أما فيما يتعلق بظروف ميدان المعارك، فالغموض هو سيد الموقف، اذ يسمح باستخدامه لانتاج سحب دخانية، لكنه من غير المسموح به استعماله كاحد الأسلحة نظرا لأضراره السامة التي تشوه أو تفتك بالجندي المصاب.

استخدام المكونات الكيميائية شبه القانونية على أرض المعركة أو ضد المناطق الآهلة بالسكان المدنيين يندرج تحت خانة مبهمة وملتبسة للحصول على رد محدد من دول معنية بانتاجه واستخدامه كالولايات المتحدة وحليفتها "اسرائيل."

القسم الرابع من تصنيفات الاسلحة الكيميائية يضم المواد السامة الناتجة عن استخدام عدد من انواع الذخيرة المختلفة وما تنثره من سموم في الهواء. فعددا من المتفجرات ينتج غاز اكسيد حامض النيتريك المصنف ضمن المواد السامة والفتاكة في الاستخدامات المنزلية، ويتطلب اقصاء العمال عن دخول مناطق حدوث التفجير حتى انقشاع وتبدد السحب الدخانية.

وينتج عن إطلاق الصواريخ كميات كبيرة من الغازات السامة، وتستخدم بعض الجيوش الوقود الصاروخي الصلب واكسدته بمادة حامض بيركلور الأمونيا، الذي ينفث عدد من الغازات من ضمنها غاز الكلور عند تعرضه لمصدر حرارة خفيفة.

وينتج عن اطلاق الصواريخ غاز كلور الهيدروجين الذي يتحلل بسهولة الى عنصري الماء وحامض الهيدروكلور، ويتسبب بالضرر في وظائف الرئتين والعينين وجلد المصاب وتلويث مصادر المياه المحلية.

وتندرج هذ المكونات تحت التطبيقات القانونية رغم الاضرار الجانبية التي تسببها أو الفتك بالمدنيين في محيط ميدان المعارك.

وفي المحصلة تتواجد المواد ومكونات الاسلحة الكيميائية بوفرة عالية في ساحات المعارك، والقليل جدا منها يدخل في تصنيف "الخطوط الحمراء" عند استخدامه وتطبيقه.

» منظمة حظر الاسلحة الكيميائية: توضيب وتجهيز اخر الاسلحة الكيميائية السورية لنقلها
» خطوط حمراء .. بقلم: هيثم احمد
» خطوط حمراء .. بقلم: هيثم احمد
» منظمة حظر الاسلحة الكيميائية تجتمع الجمعة لبحث ازالة الاسلحة السورية
» منظمة حظر الاسلحة: نقل الاسلحة الكيميائية السورية قد يتأخر قليلا