خفايا الاموال السرية لجماعة الاخوان المسلمين
السبت , 2 اذار 2013 - 17:26 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
حمدى السعيد سالم
الكاتب الروسى ( ديستوفيسكى ) فى روايته العالمية (الاخوة كرامازوف ) هو الذى قال : ( ان المسيح نفسه اذا عاد حيا .. فسوف يحاكمه المسيحيون بتهمة الخروج عن الدين ) .. ديستوفيسكى فى روايته هذه جعل المسيح يعود حيا الى اشبيلية فى اسبانيا .. وجعل الشعب يلتف حوله مما اغاظ احد رجال الدين الذى انصرف عنه الناس , ليروا المسيح حافى القدمين عارى الصدر نحيفا بسيطا .. اما رجل الدين الذى هو كما يدعى كل رجال الدين انهم اتباعه فكان يرتدى ملابسه الفاخرة فوق كرشه الكبير .. رجل الدين هذا فى رواية ديستوفسكى هدد المسيح بانه ان لم يخرج فورا فسوف يضعه فى السجن .. ثم وضعه فى السجن وهدده بصلبه بتهمة الكفر والالحاد !!..وقال للمسيح : ان الدنيا تغيرت واننا نحن معشر رجال الدين تعذبنا من اجل الحفاظ على دينك ولانستطيع ان نمشى حفاة ولا ان نتحدث الى كل الناس ولا ان نموت من اجلهم .. هذا الكلام يلخص حال كل من يتاجر بالدين وعلى رأس هؤلاء يأتى تنظيم الاخوان المتأسلمين …وهناك نظرية سياسية تقول : هناك ثلاثة يحكمون العالم ( التاجر , والعسكرى , والمبشر ) فالتاجر يخاف على ماله فيرسل العسكرى ليقتل ويضرب بالاجر , والمبشر(رجل الدين) يفتى لهم بان مايفعلون حلال لكى يرتاح ضمير العسكرى والتاجر …. فدور رجل الدين مثل المسكنات بالنسبة للتاجر او (الحاكم) أوالعسكرى …ممما سبق نفهم ونعرف كيف تستفيد شركات الاخوان الكبرى من ثروة مصر دون ان نستفيد من ثروات وخير مصر مثل الملك الاغريقي «تنتالوس» الذى عاقبته الآلهة بعقاب فريد من نوعه……هو ان يري فواكه الدنيا كلها أمامه وتجري اعذب الانهار تحت قدميه طيلة الوقت…… لكنه كلما مد يده ليقطف ثمرة أو يشرب قطرة…. ابتعدت الفواكه عن يده…. وتراجعت المياه بعيدا عن قدميه…… ليظل طيلة عمره ينظر إلي الخير يجري أمام عينيه دون أن يستفيد منه!!! وهذه القصة الاغريقية الخالدة هى التى تمثل وبصدق حال الشعب المصرى قبل وبعد الثورة مع جماعة الاخوان او عصابة خيرت الشاطر الاقتصادية !!!…
فمنذ شهور لاول مرة تصدر ادارة الكسب غير المشروع تقريرا عن خفايا الاموال السرية لجماعة الاخوان المسلمين … وما يورده التقرير اشد اثاره خاصة ان كلامه غير مرسل بل يعتمد على وثائق وجدت لدى رجال الاعمال المقبوض عليهم وخاصة حسن مالك وكذلك وثائق اخرى من السجل التجارى والاقرارات الضريبية للشركات التى يمتلكها رجال الاعمال الاخوان والتى قدموها بانفسهم ممايزيد من مصداقية التقرير …. والتقرير الذى اعده ثلاثة من خبراء ادارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل كان حريصا على الا يضع تقديرا لحجم الاموال التى يديرها رجال الاعمال الاخوان … واعتمد فقط على اصول تقييم الشركات ورؤوس اموالها المصدرة والمسجلة فى السجلات التجارية … ولم يقم التقرير بتقييم اسعار الاراضى طبقا للاسعار الحالية بل تم تقييمها على اساس ماهو مدون بعقود شرائها …
كما يكشف التقرير عن معلومات خطيرة ومثيرة عن عدة شركات وهمية غير معلوم مصدر تكوينها ويظهر التقرير ان اموال هذه الشركات ما هى الا طريقة مستترة لتمويل انشطة تنظيم الاخوان خاصة انها غير مسجلة او مرصودة ويضاف اليها شركات المحاصة الاخوانية … التى تقوم على نظام الحصص بين الشركاء وهذه الشركات غير ملزمة بتقديم لوائح مالية … مما يوضح عن حقيقة واحدة هى : ان هذه الشركات مسئولة عن اخفاء اموال الاخوان …. وكان فى مقدمة هذه الشركات ( مالك لتجارة الملابس الجاهزة ) المملوكة لحسن مالك رجل الاعمال الاخوانى والوصى على ابنائه حمزة وعمر ….ويشاركه فى هذه الشركة خيرت الشاطر رجل الاعمال الاخوانى والقيادى البارز فى جماعة الاخوان ….
وجاء فى التقرير عن هذه الشركة : انه يوجد اخفاء وتمويه فى المال المستثمر فى الشركة …. وهو ماظهر فى المحلات الكائنة بالعقاد مول واركاديا مول … والتى ا صبغ عليها صفة الايجار مرة وصفة التمليك مرة اخرى باسم حسن مالك او باسم خيرت الشاطر او بهاء الشاطر شقيق خيرت الشاطر … وهو ما يبين وجود تلاعب فى قيمة رؤوس الاموال الحقيقية المكونة للشركة … فقد خلت الاوراق من بيان مصدرها الحقيقى … وبالتالى فان رأس المال المدرج بعقود تلك الشركة وهو عشرة الاف جنية لايكفى لانشاء او ادارة الشركة لكون رأس المال الخاص بها بالاضافة الى ما حققته من ارباح لايكفى لادارة الشركة او تغطية قيمة مشترياتها من الاصول …
كما ان الثابت ان هذه الشركة لاتمسك دفاتر محاسبية وحسابات منتظمة , كما خلت الاوراق ممايفيد اوجه الصرف وانفاق اموال تلك الشركة ….. وجاءت شركة ( رواج ) التى يمتلكها حسن مالك ضمن الشركات التى ثارت حولها الشبهات وهى شركة متخصصة فى بيع الاثاث المستورد الذى يتم بنظام تسهيلات الموردين لكونه وكيلا حصريا للشركة التركية وانه يستلم منها البضاعة ويعمل على تسويقها باستخدام الاسم التجارى للشركة الاجنبية ثم يسدد لها عائدات البيع وانه حال تحصيله لعائد البيع لتلك البضائع المستوردة يستثمر هذا العائد فى شراء اراض ويعيد بيعها لحين حلول اجل الوفاء بقيمة البضاعة او الاحتياج للمال .. وهو ماينفيه جهاز الكسب غير المشروع مؤكدا ان حسابات شركة رواج لم تتضمن اشارة الى تملك اراض او مبان او وجود حسابات تخص عمولات او ارباح غير متعلقة بالنشاط تتمثل فى حصيلة بيع او سمسرة او استثمار عقارى …
كما ان المورد التركى للاثاث المستورد ظهر فى حسابات الشركة بتاريخ 31 ديسمبر 2005 كأحد مدينيها وهو مالا يحدث مع نظام الوكالة المصرية او نظام الاستيراد بتسهيلات الموردين …. لان ذلك لا يكون الا اذا كان الاستيراد عن طريق حساب جار مفتوح للشركة لدى الشركة الاجنبية .. يتم من خلاله التمويل فى شكل بضاعة والسداد وهو ما لايستقيم مع طبيعة عمليات الاستيراد باى نظام سوى ان تكون الشركة المحلية لها علاقة خاصة بالشركة الاجنبية لاتظهرها الاوراق الرسمية …. ويضيف التقرير انه تبين ان شركة ( رواج ) عمدت الى اخفاء البيانات المالية الخاصة برؤوس الاموال والارباح والبضائع المستوردة واخفاء تعاملاتها وارصدتها فى البنوك كلية عن الجهات الرسمية … واصطنعت حسابا بدائنين غير حقيقيين لتخفى من خلاله مصادر التمويل الرئيسية للنشاط كما تضمنت حسابات الشركة تلقيها اموالا من الغير – المقصود جهات خلاف البنوك – افصحت عنها ميزانية الشركة تحت بند رصيد القروض كأحد مصادر التمويل … فى حين ان حسابات الشركة لم تتضمن اى حسابات تدل على حصول الشركة على تسهيلات ائتمانية او قروض من البنوك .. الى جانب خلو الاوراق من اوجه الصرف والانفاق الفعلى لاموال تلك الشركة لان الشركة تتعمد اخفاء ارباحها عن الجهات الرسمية ..
كما رصد التقرير بعض المخالفات المشبوهة فى نشاط شركة ( الفجر ) لتجارة الخيوط والمنسوجات … وهى ايضا مملوكة لحسن مالك … حيث يوجد فيها تناقض فى الملكية الحقيقية لهذه الشركة …. لانه يوجد اصحاب حقوق من غير الشركاء تدخل اموالهم ضمن رأسمال الشركة المستخدم فى ادارتها … وهو ما يؤكد وجود تلاعب فى مستندات الشركة …. وهو ما ينطبق على الشركة الدولية لنظم الحاسبات الالكترونية ( المستقبل ) والمملوكة حسب الاوراق الرسمية لبهاء الدين سعد الشاطر شقيق خيرت الشاطر ولكن الحقيقة ان حسن مالك وخيرت الشاطر هما المالكان الحقيقيان لهذه الشركة التى يوجد بها تلاعب فى المركز المالى … واستند التقرير الى الاوراق المضبوطة فى مسكن حسن مالك التى تؤكد ملكيته للشركة … كما يبرز فى تقرير جهاز الكسب غير المشروع مجموعة شركات يطلق عليها ( حجاب ) وهى اربع شركات تحمل الثلاثة الاولى منها اسم محمد حجاب للاستثمار والاستيراد والتصدير .. والرابعة باسم ( يرومينت ) وملكية محمد حجاب واخوته لهذه الشركات هى ملكية وهمية لان المالك الفعلى لها هو حسن مالك الذى يتحكم فى جميع القرارات الصادرة بشأن الشركات الاربع ….
ومع اسم شركة ( حياة ) للادوية يقفز مرة اخرى اسم خيرت الشاطر فقد اودع الشاطر مبالغ نقدية كبيرة فى الشركة لزيادة رأسمالها ولكن هذه الاموال غير مثبته يعنى تمويل مستتر لانه وزع هذه الاموال واستغل وجود فرع اخر لشركة حياة فى الجزائر ليزعم ان هذه الاموال تأتى للشركة تحت مسمى تمويل الجزائر … وهو ما يعنى وجود ارتباط قوى بين الشركة والتنظيم الدولى للاخوان … وتعتبر شركة حياة من اكثر الشركات المثيرة للجدل حيث يوجد اربعة متهمين فى قضية غسيل الاموال الخاصة بالاخوان من مؤسسيها وهم : الكتور محمد حافظ – الذى يدير الشركة – … واحمد عبد العاطى … واسامه الشيخة – مسئول فرع الجزائر – …بالاضافة الى خيرت الشاطر الذى يبرز مرة اخرى مع شركة ( اى . سى . جى ) او مجموعة الاتصالات المملوكة لعماد عرفة ..
وقد تأسست كشركة مساهمة مصرية بين المؤسسين ومكتتب ليس من بينهم احد من المتهمين … وتبين انه من ضمن المضبوطات بشركة ( سلسبيل ) وجود عقد غير موقع ومؤرخ فى 10 اكتوبر 2006 يتضمن اجراء تعديل لهذه الشركة بدخول خيرت الشاطر ضمن المساهمين فيها … وضمن بنود العقد اشتراط بتغيير التوقيع عن الشركة فى البنك ليكون للسيد بهاء الدين الشاطر … وقد تبين وجود تحويل بالسويفت ضمن مضبوطات شركة سلسبيل موقع من بهاء الشاطر يتضمن تحويل مبلغ 1.2 مليون دولار من حساب شركة ( اى . سى . جى ) طرف البنك الاهلى سوستيه جنرال فرع النزهة الى عماد الفقى على بنك ( بكلجارى ) بكندا …. اما بالنسبة لانشطة شركات الاخوان فى الاقاليم فهناك شركة ( طيبة ) للتجارة والمقاولات بمركز بيلا محافظة كفرالشيخ .. اجمالى معاملات هذه الشركة طبقا لبيانات الضرائب الخاصة بالخصم والاضافة يصل الى 7.7 مليون جنية رغم ان رأسمال الشركة هو الف جنية فقط ويؤكد التقرير استحالة قيام الشركة بهذه العمليات لولا وجود اموال مجهولة المصدر فيها … ويوضح التقرير ان سبب ومصدر هذه الاموال هو سعيد عبده احد المتهمين فى القضية العسكرية واحد قيادات الاخوان فى كفرالشيخ .. خاصة وان سعيد عبده هو الذى كان يدير الشركة فعليا …
كما كشف التقرير نجاح الاخوان فى اخفاء اصول شركات مملوكة لاعضاء الجماعة فى شركة ( المدائن ) للمقاولات والتى يديرها احمد شوشة مسئول الاخوان فى القاهرة … الذى اكد التقرير ان شوشة لدية رؤوس اموال مستثمره غير معلومة المصدر او التمويل بلغت اكثر من 3 مليون جنية وان شوشة يستثمر بالشراء او البيع فى العقارات مما يجعلها انشطة مستترة لانها لم ترد ضمن المستندات الرسمية بميزانية الشركة التى لم تزيد على 125الف جنية وهى لاتكفى للاستثمارات المشار اليها ولاتمثل الحقيقة لتعمد احمد شوشة اخفاء رأس المال الحقيقى للشركة…
وهنا يطفو على سطح النقاش سؤال بسيط وبديهي، ومضمونه أنهم ما داموا قد رفعوا شعار الدولة الإسلامية وانتشر أنصارهم بين الأحزاب السياسية يدعون لدولة دينية يحكمها الإسلام، فلماذا لا يقدمون إلينا – نحن الرعية – برنامجاً سياسياً للحكم، يتعرضون فيه لقضايا نظام الحكم وأسلوبه، سياسته واقتصاده، مشاكله بدءاً من التعليم وانتهاء بالإسكان، وحلول هذه المشاكل من منظور إسلامي… ففي مجتمع الكفاية والعدل، حيث يجد الخائف مأمناً، والجائع طعاماً، والمشرد سكناً، والإنسان كرامة، والمفكر حرية، والذمي حقاً كاملاً للمواطنة، يصعب الاعتراض على تطبيق الحدود بحجة القسوة، أو المطالبة بتأجيل تطبيقها بحجة المواءمة، أو عن قبول بارتكاب المعصية اتقاء لفتنة، أو تشبها بعمر في تعطيله لحد السرقة في عام المجاعة، أو لجوءاً للتعزير في مجتمع يعز فيه الشهود العدول…
مما لاشك فيه اننا نعيش فى مجتمعاتنا العربية ازمة فكر طاحنة …. اذا اختلفت مع اى انسان فى وجهة نظرك المطروحة فى موضوع ما واختلفت معه فى الرأى او لم تكن من رأيه …. فانه يلقى بك فى الشارع ويطعنك بالكلمات البذيئة التى تدل على التخلف الفكرى وفقر الدم الثقافى والمعرفى او يقتلك معنويا او ماديا …. هذا لو كان المختلف معه فردا عاديا , اما لو كان المختلف معه من رجال الدين فسيطلق عليك قنابل التكفير العنقودية ويتهمك بالخروج من الملة …. وكأنه رب العالمين .. فمشكلة كل مثقف ليست مع الله , بل مع رجال الدين الذين يجعلون انفسهم مكان الله ….فرجال الدين قد افسدوا حياة الناس فى كل العصور …. ومصائب الدنيا كلها بسبب الخلافات بين رجال الدين …. فالصراعات الدينية قد هدمت من الكرة الارضية اضعاف ما هدمته الزلازل والبراكين ….لذلك اذا اختلفت مع رجل دين يكون حكمه عليك هو انك (كافر) وكل ذلك يصب فى مصلحة التاجر او رجل الاعمال صاحب المال ….