علماء المسلمين … صح النوم

علماء المسلمين … صح النوم
السبت , 2 اذار 2013 - 08:22 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
أحمد الحباسى تونس

ينطبق عليهم المثل الشعبي “الكثرة و قلة البركة” ، نسمع عنهم و لا نسمع منهم ، يقال أنهم كثيرون..كثيرون.. كثيرون و لكن لا نراهم ، كل تلك العمائم في كل تلك الندوات و كل تلك الخطب مع كل نلك الفتاوى ماذا نفعت الأمة ، و مع ذلك يريد البعض منا أن نصمت ، أن لا نتكلم ، أن ننافق ، أن نتستر ، و أن نقول أنهم هنا بيننا مع أننا لا نراهم ، لا نسمعهم ، لا نجدهم .

بطبيعة الحال هناك قامات محترمة فاضلة مرابطة و لكنها بقياس العدد قليلة و قليلة جدا ، و الأمة كما ترون حالتها تحتاج إلى ضمير كل علماء الإسلام و ليس إلى ضمائر قلة منهم ، و مع أننا نعرف أن الحاضرين بالغياب هم علماء البلاط الذين يشكلون الأغلبية الساحقة النائمة في العسل فإننا نتعفف تقديرا للموقع عن كل ما يسيء إليهم تاركين الأمر لصاحب الأمر .

وجدنا القليل منهم في الثورة المصرية و لو متأخرين بعض الشيء ، و فهمنا من توقيت حضورهم في الميدان أن فيهم من فك قيده عنوة ، و فيهم من أستشرف نهاية حسنى مبارك ، و فيهم من خير ركوب الموج في لحظة غرق المركب و هم كثيرون في هذه الثورات العربية ، رأينا بأم العين عمائم الزاهر و قامات محترمة أخرى بحيث كانت الدافع و المساند لتنجح ثورة مصرية سلمية بكل المقاييس خلعت من كان بالأمس القريب مستهزئا مغاليا مستفزا مخيفا.

إلى اليوم و رغم زوال النظام الإجرامي السابق لا أثر للعمائم التونسية و أقصى ما نرى في المشهد تلك الخطب و الإعادة الهابطة المحنطة التي تعاد كل يوم جمعة نقطة إلى السطر ، و إلى اليوم لم يقدم شيوخنا الأفاضل أي اعتذار للشعب التونسي على صمتهم المخجل إزاء إجرام و استبداد الرئيس المخلوع ، و إلى اليوم لم يفسر لنا شيوخنا أسباب عقدة لسانهم عما حصل من ضيم و استبداد مع أنهم يقولون أن الدين نصيحة و رجل الدين لا يخاف في الحق لومة لائم .

في لبنان من يملأ ساعات البث و يدير العناق و يثير فضول الإعلام ؟ بطبيعة الحال الشيخ أحمد الأسير ، و حتى لا يغضب متابعوه نكتفي بالتساؤل هل ما يقدمه الرجل من “مادة إعلامية” يقدم أو يؤخر في مصير القضايا العربية المهمة و بالخصوص القضية الفلسطينية التي نزعم أنها القاسم المشترك الجامع المفترض ، هل بمثل ذلك “الخطاب” الذي يعرف الشيخ قبل مناصريه أنه لن يقدم حلا لمشكلة لبنان المستعصية الدائمة ، و مع ذلك نتساءل أين البقية من ألسنة رأب الصدع و الكلمة الطيبة و لماذا تنامت و تناسلت و تكاثرت بعض الطفيليات الفكرية المتشددة إذن .

في السعودية البوصلة الأمريكية للنظام الحاكم هي من تحرك الجميع في نفس الاتجاه و من تعلوا أصواتهم و هم قلائل قلائل باعتبار الأهمية الدينية الروحية للمملكة بالنسبة للشعوب العربية و الإسلامية فهناك من يلجمهم ، و يقوم ضدهم ، و يصوب نيران بعض الأبواق الإعلامية المأجورة عليهم ، و لذلك لا نستغرب هذا التلاعب بالحقائق و هذا التهافت المفرط على إنتاج الفتاوى حتى أصبحنا نتساءل لماذا لا تسعر المملكة هذه الفتاوى لينتفع الشعب السعودي الشقيق بمداخليها تعويضا على مداخيل النفط المسخرة لجيوب العائلة الحاكمة و لتمويل الحملات السلفية الإرهابية المنتشرة ف ي العالم و التي مكنت للأسف من وصم الإسلام بالإرهاب.

في المغرب لا صوت يعلو على صوت الملك ، ورغم كل الأخبار السيئة الآتية من المشرق ، و رغم فضائع الصهاينة ، و رغم المأساة العراقية ، ورغم المؤامرة الصهيونية العربانية على سوريا ، ورغم ما يحصل من تمدد صهيوني في القارة الإفريقية ، رغم كل هذا و أكثر فشيوخ المغرب صامتون و في صمتهم كل العبر لمن يفهم لغة الصمت .

على بعد أمتار قليلة انتقلت عدوى الصمت إلى علماء الجزائر بلد المليون شهيد ، لا أخبار ، لا مواقف واضحة ، لا حياة لمن تنادى ، كابوس من الصمت المثير لكل التساؤلات ، هل فقدت الجزائر لغتها الإسلامية التي صنعتها ودافعت عنها بشلال من الدماء و بكثير من النضال ، هل وصلت غربة علماء الجزائر حدود الصمت على كل ما يحدث في سوريا ، هل تساءل البعض في الجزائر عن سر هذا الصمت المرعب ، أليست القدس تاج عروبتنا ، أليست سوريا من دفعت الأثمان الباهظة لينعم الجميع في الخليج تحديدا بإسرائيل بعيدة قليلا عن قصورهم .

في اليمن و السودان و ليبيا و البقية هناك حاجز صمت مريب ، هناك موت سريري لأغلب شيوخ الدين و حتى لا نظلم أحدا نتساءل أين هم مما جرى و يجرى ، أين مواقفهم المتباينة عن هذه الأنظمة المتساهلة بفعل الضغوط الدولية ، أين مظاهر التعبير الواضحة عن الرفض للواقع العربي بما فيه من خيانات كثيرة و هجوم مدمر على قلاع المقاومة ، أين المساهمات الإعلامية المؤثرة لفضح كل ما يحدث و يمس المصلحة العربية العليا مهما كانت الاختلافات ، أين حلقات التواصل مع العالم الخارجي للتعريف بما يحدث من مشروع صهيوني ضد المصالح العربية.

كما تقوم وسائل الإعلام العربية بدور على غاية من السلبية و التضليل و التزوير خدمة للمشروع الصهيوني فان علماء الإسلام الصامتين هم مشاركون بالتضامن و في المسؤولية عن الدماء العربية التي يريقها هذا النظام الخليجي الإرهابي المتآمر ، و كما أن هذه الجماعات الإرهابية تدمر كل شيء في سوريا و تحاول الإطباق على حزب الله من كل ناحية وصوب مثلما يفعل هذا ” الأسير” فان شيوخ الإسلام الذين لا يأخذون صراحة موقفا معاديا دون لف أو دوران من العدوان الصهيوني على سوريا و من الأنظمة الخليجية المتآمرة العميلة هم شركاء في إهدار الدم السوري.

هذه الأمة لا تحتاج إلى صمت العمائم و خيانة الأنظمة و سقوط الإعلام و هبوط الأخلاق لدى بعض الطبقات “المثقفة” ، الأمة تحتاج إلى من يتكلم لان الصمت لم يعد من ذهب.

» هل يتحرك علماء المسلمين لافشال مخططات اشعال الاقتتال والفتن الدموية
» هيئة كبار علماء المسلمين في مصر: القرضاوي يفتي لمن يعطيه والأزهر بريء منه
» اتحاد علماء المسلمين برئاسة القرضاوي: ما يحدث في العراق ثورة شعبية
» النوم مع الشيطان: نصوص مختارة من كتاب روبرت باير النوم مع الشيطان – الحلقة الأولى والثانية
» الانشقاقات تضرب “علماء المسلمين” بالسعودية بعد فتوى الرابطة بوجوب قتال “داعش”