في ذكرى الوحدة: سوريا تصنع التاريخ دائماً.. وتنتصر

في ذكرى الوحدة: سوريا تصنع التاريخ دائماً.. وتنتصر ...أحمد زين الدين

.ليست المرة الأولى التي تُستهدف فيها سوريا، فعلى مرّ العصور، والتاريخ الحديث يُعلمنا ويعطينا الكثير من الوقائع والحقائق عن استهداف تلك البلاد، التي كثرت فيها ولها الألقاب والتسميات، فهي "بيضة الزمان"، و"روح بلاد الشام"، و"مهد الديانات وانبعاثاتها"، و"قاهرة الغزاة"، و"قلب العروبة النابض".. إلى آخر ما هناك من أوصاف وألقاب.

"روح بلاد الشام" هي التي حفظت روح اللغة العربية حينما بدأت محاولات "التتريك"، وهي التي منعت تطوير اتفاقية "سايكس - بيكو" إلى مزيد من الشرذمة، فكانت سلسلة الثورات العربية فيها، ومنها ثورة صالح العلي، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش.
ومنها يوسف العظمة؛ وزير الحربية الذي تصدّى بإيمانه وعزيمته وتاريخه للاستعمار الفرنسي، لكي لا يسجّل أن الغزاة العنصريين الغربيين الفرنسيين دخلوا إلى دمشق من دون مقاومة.. وغيرها الكثير من الأمثلة والوقائع والأحداث.
ومن سوريا انطلقت التجربة الديمقراطية الرائدة في هذا العالم العربي المعذب بعد انتزاع الاستقلال عام 1943، لكن الاستعمار بشكليه القديم والحديث لم يسمح لهذه التجربة بالتراكم، فبدأ السباق لإجهاضها، خصوصاً بعد اغتصاب فلسطين عام 1948، فكان انقلاب حسني الزعيم عام 1949 بتخطيط وتدبير أميركييْن، وكان انقلاب أديب الشيشكلي عليه بتدبير بريطاني.. لكن الشعب السوري المشبَع بروح الاستقلال الوطني والانتماء القومي والتحرر قطع الطريق في خمسينيات القرن الماضي على كل الحكومات المنحرفة، وفرض الأحلاف العسكرية والاستعمارية والولاء للرجل الأبيض في الغرب، وتكاملت مع مصر.
فقد كان أمام دمشق والقاهرة آنئذ أمران لا ثالث لهما: الانكفاء إلى الداخل والتفاهم مع الغرب والتبعية والتسليم بـ"إسرائيل" كأمر واقع، أو الاندفاع إلى الأمام في طريق تعميق الاستقلال القومي، فكان الخيار الثاني الحاسم، فتحققت الوحدة، وكان تحقيقها سبباً تاريخياً ومباشراً في اندلاع وتواصل حركات استقلال الأقطار العربية، فكانت ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وكان انتصار ثورة الجزائر 1962، وكان سقوط حكم كميل شمعون ومشروع أيزنهاور في لبنان 1958..
وإذا كان الانفصال عام 1961 في أحد وجوهه هو استهدافاً لسوريا، لجعلها تتقوقع في همومها ومشاكلها الداخلية، إلا أن الرد السوري كان سريعاً وحاسماً في ثورة الثامن من آذار 1963، التي استطاع الرئيس حافظ الأسد منذ حركته التصحيحية في تشرين عام 1970، أن يعيد لسوريا استقلالها واستقرارها وألقها، ويحولها إلى دولة إقليمية عظمى، رغم الواقع المرير الذي بدأ يتجه إليه العالم العربي منذ غياب الرئيس جمال عبد الناصر في أيلول 1970.
بيد أن مرحلة الرئيس حافظ الأسد لم تكن سهلة، إذ سرعان ما بدأت تتكشف الأقنعة العربية، وأبعاد الهجمة الاستعمارية على سوريا، خصوصاً بعد حرب تشرين 1973، حيث صارت كل سيوف الردة الداخلية والعربية تتقاطع فوق دمشق، حينما بدد الشريك في حرب تشرين أنور السادات بنتائجها، بانسحابه المخزي من الحرب، وبقاء سوريا وحيدة في الميدان، حيث لم يحدث في التاريخ آنئذ أن واجهت دمشق ضغوطاً من أجل إشراكها في مؤتمر جنيف تمهيداً لـ"سلام" مع الكيان الصهيوني، كان قد بدأه أنور السادات وسبقه إليه في محادثات سرية ملك الأردن منذ سنوات بعيدة، ناهيك عن قنوات اتصال خفية تبين أنها كانت موجودة بين السعودية والدولة العبرية بشكل مباشر قبل سنين عديدة.
وبعدها كانت حرب لبنان 1975، والاجتياح "الإسرائيلي" للوطن الصغير عام 1982، الذي استبق بتمرد قادة "الإخوان" في سوريا منذ العام 1979 مترافقاً مع اندفاعة السادات إلى القدس المحتلة عام 1977، وتوقيعه اتفاقية كامب دايفيد معه عام 1979، حيث استمر نحو ست سنوات، مترافقاً مع ضغوط أميركية وغربية على دمشق، وصل إلى حد شن الطيران الحربي الأميركي غارة على سوريا، حيث أُسقطت له طائرتان.
كانت الخطة الإمبريالية الصهيونية دائماً ومع كل انتصار تحققه قوى التحرر العربية، استهداف دمشق بعده، لأنها سبب الانتصار، فالكل يذكر إسقاط 17 أيار في لبنان عام 1983، وما زال طرياً في البال انتصار المقاومة في أيار 2000، وفي حرب تموز 2006، وانتصار غزة في نهاية عام 2008 وبداية عام 2009، حيث كان القرار الذي كان يعمل عليه منذ مطلع العام 2000، ويتصاعد بعد انتصار المقاومة في أيار من نفس ذاك العام: لا بد من استهداف القلب الذي يضخ الدماء إلى كل شرايين الانتصار.
تعددت الخطط والبرامج في مختلف مراكز البحث والدراسات في البنتاغون الأميركي ودوائر الـ"سي أي إيه"، وانخرط فيها أعراب وخليجيون وأتراك، واستُحضرت كل الأدوات القديمة وأعيد تحديثها، حتى تذكروا تاج الدين الحسني الجاسوس الفرنسي الذي نصبه الفرنسيون رئيساً لسوريا في العشرينيات من القرن الماضي، لكنه دُهس تحت أقدام الدمشقيين، وأصبح في مزابل التاريخ، فكان بديله هذه المرة حفيده.
استُحضر "الإخوان" ونُصّبوا في تركيا وتونس ومصر وليبيا حُكاماً، وتحوّلت الجامعة العربية التي لولا سوريا لما كانت سنة 1946، إلى بوق في وزارة الخارجية القطرية.. والمعارضات السورية المتنوعة أعلنت نيتها الصلح مع "إسرائيل"، في وقت استُحضر كل برابرة الأدغال لإحراق سوريا، فما يحدث من قبل هذا الحلف الشيطاني الجهنمي ليس هدفه بناء سوريا، إنما تكديس الأشلاء، وتحويل بلاد الأمويين إلى أرض يباس، فكل هؤلاء البرابرة ماذا تعني لهم دمشق التي هي القلب والروح؟ وماذا تعني لهم حلب الفيحاء النابضة؟ وماذا تعني لهم كل مدينة وقرية سورية..؟ لا شيء بتاتاً.. هل انتبه أحد إلى صيحات "التكبير" عند ذبح الإنسان، مع أن الله عز وجل يقول: {.. من قتل نفْساً بغير نفْس أو فساد في الأرض فكأَنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً}.

» عبد الحكيم عبد الناصر يحي الرئيس بشار الأسد و الجيش العربي السوري في ذكرى الوحدة بين سوريا ومصر
» في رحاب ذكرى المولد النبوي الشريف نستلهم معاني الوحدة الوطنية
» سوريا.. وتنتصر الإرادة
» الراجمة الإيرانية “فجر 5″ ذات مدى 75 كم تصنع في سوريا فما أهميتها ؟
» في ذكرى احداث 11 ايلول ..."الاعلام" : سوريا تدعو لمحاربة الارهاب و داعمية