السعودية تسهل موت شبابها في سورية

مستوى التدخل الخارجي في سوريا يشبه لحد كبير مستوى التدخل ضد الاتحاد السوفييتي والنظام الشيوعي الذي كان يتبع له في أفغانستان. الداعمون الأجانب يقدمون ليس فقط التدريب، بل التزويد الخارجي للأسلحة واضحاً للعالم.
ومن المثير للاهتمام في سورية كما في أفغانستان، أن أثنين من الداعمين الخارجيين الرئيسيين هما واشنطن والرياض رغم ما يبدو في سورية دخول قوى إقليمية كتركيا والأردن وقطر، والإمارات بدلاً من باكستان.
في أفغانستان سمح السعوديون والأميركيون لشركائهم بوكالة الخدمات الاستخبارية تحديد أي من المجموعات المسلّحة المعادية في أفغانستان تتلقى النسبة الأعلى من التمويل والأسلحة التي يقدّمونها.ونجم عن ذلك أمران الأول تمويل باكستان وتسليح مجموعات اعتقدوا إمكانية استخدامهم كبدائل في أفغانستان بعد الانسحاب السوفييتي.
الثاني نزعوا بصورة براغماتية لمنع المال والسلاح عن مجموعات كانت الأنجع على أرض المعركة كمجموعات مثل غلب الدين حكمتيار، وجلال الدين حقاني، جعلت من إعلان الجهاد واجباً دينياً والموت خلال الصراع الانجاز المطلق والنهائي.
نفس السيناريو يتكرر بسورية فالجماعات الفاعلة على الأرض المجموعات الجهادية كجبهة النصرة. وليس مدعاة للدهشة أن أحد أسباب فعاليتها كان المهارات والتكتيكات التي تعلمت في مقاتلة قوات التحالف في العراق عليها.
ومع هذا فالسعوديين إلى جانب القطريين والإماراتيين كانوا يسلحون ويموّلون المجموعات الجهادية في الجزء الأكبر بسبب نجاحها في أرض المعركة.
الوضع في سوريا يوفر فرصة للجهاديين، حتى بدون الدعم الخارجي. في ظل المشهد المتصدع للمعارضة السورية،وحدة الغرض وتأثير أرض المعركة للجهاديين كان بحد ذاته كافياً لضمان جذب المجموعات عدد كبيراً من المحازبين الجدد.
لجنوح المتمردين السوريين نحو التطرف والتشدد عوامل عدة أولها، استحضار الحرب الشرسة في ستالين غراد، وصراعات الحرب الباردة في أميركا اللاتينية، أو التطهير العربي في البلقان عقب تفكك يوغسلافيا.
فهذه الدرجة من الصراع والمعاناة جعلت حتى من الناس غير المؤدلجين مؤدلجين في سوريا، شهدنا كثيراً من المسلمين العلمانيين قد أصبحوا جهاديين صارمين.
السبب الثاني غياب الأمل في التدخل من قبل الغرب أزال أي حافز للبقاء على السردية العلمانية. فكثير من المقاتلين الذي علقوا آمالهم على الناتو أصيبوا بخيبة أمل كبيرة دفعهم للقول (ماذا فعل الغرب لنا؟ ليس لنا الآن سوى الله).
تظافر العوامل الإيديولوجية انهمار المال والسلاح عبر مجموعات جهادية في سورية على مدى العام الماضي، ساهمت بنمو الجماعات الجهادية السورية بصورة دراماتيكية. وليس لهذه المجموعات عاملاً في أرض المعركة مستقبلاً.
رغم رد الفعل الجهادي السلبي الذي تلقته السعودية بنهاية الحرب ضد السوفييت في أفغانستان ـ والدرس الحالي للجهاديين الذي أرسلتهم لسورية ترى الحكومة السعودية بأن استخدامها للوكلاء الجهاديين بسورية يستحق المخاطرة.
هناك بعض المنافع المباشرة للرياض أولها يأمل السعوديون بأن يكونوا قادرين على كسر نفوذ الهلال الشيعي الذي يصل من إيران عبر العراق وسورية إلى لبنان، فخسارة الوزن السني المقابل بسقوط صدام حسين في العراق تأمل السعودية إقامة نظام سني صديق لها في سوريا كتحسين دراماتيكي لأمنهم القومي.
إن دعم الجهاد في سوريا كسلاح ضد النفوذ الإيراني يعطي أيضاً السعوديين الفرصة لتلميع صورتهم الإسلامية داخلياً في مسعى لمساعدتهم في درء الانتقاد بأنهم علمانيون ومتغرّبون. يهب النظام السعودي ذلك فرصة لأن يقدم صورة على أنه يقوم بمساعدة المسلمين الذين يتعرضون لمهاجمة النظام السوري.
دعم الجهاديين في سوريا يعطي السعوديين الفرصة لأن ينقلوا متطرفين إلى سورية، يمكنهم القتال وربما الموت في ظل الأعداد الكبير من العاطلين عن العمل بصفوف الشباب المتطرفين.
الجهاد في سوريا يكون بمثابة حنفية الضغط المماثلة للصراعات السابقة في العراق والشيشان والبوسنة وأفغانستان، السعوديون ليسوا وحدهم من يسعون لغربلة شبابهم المضطر، حيث تسهل الرياض سفر رجال يمنيين لمعسكرات التدريب في تركيا لإرسالهم للقتال بسورية.
وتشير التقارير أن الشباب يسافرون بصورة مجانية ويتلقون مكافآت لقاء خدماتهم المجموعات الجهادية في سورية بتزويدهم بقوات جديدة.
السعوديون يكسبون بصورة منافع محلية مؤقتة من خلال مساندة الجهاد في سورية، ولكن الصراع لن يدوم للأبد، ولن ينجم عن موت كل الشباب الذين مضوا للقتال في سورية، ما يعني عودة الناجين سوف إلى الديار.
المشكلات التي يفرضها الوكلاء الجهاديون في سوريا ستكون لها آثار تتجاوز الأسرة المالكة ويشكلون تهديداً للاستقرار في سوريا بنفس الطريقة التي شكلتها مجموعات أفغانستان في الحرب الأهلية.
المقاتلين الجهاديين في ليبيا يشكلون تهديداً ليس للنظام الليبي فحسب بل أيضاً للمصالح الأجنبية في البلد، كما شهدنا في الهجوم على السفير البريطاني والبعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي أكثر من ذلك.
الأحداث في مالي والجزائر في الشهور تكشف بأن المقاتلين الذين يتخذون من ليبيا مقراً لهم والأسلحة التي يمتلكونها أيضاً تفرض تهديداً إقليمياً.وهنالك محاذير ومخاطر مماثلة وطويلة الأمد وواسعة النطاق متوقع أن تحدث من خلال التدخل في سورية.(س.خ)

» وكالة الامن القومى التركية تسهل تسلل عناصر داعش بليبيا لتونس والجزائر
» أميركا تحذر شبابها من الانضمام لداعش
» الضربة العسكرية: صُنع في السعودية..السعودية .. فُتحت المواجهة ضد سورية وحزب الله !...إسراء الفاس
» حرب الاستخبارات في سورية : تحالف اسرائيل و السعودية في مواجهة سورية ...الحلقة الاولى
» السعودية فشلت في سورية فقررت التفجير في لبنان