الأزمة المالية الأمريكية تتحول إلى انفصام شخصية لـ أردوغان والخطيب

الأزمة المالية الأمريكية تتحول إلى انفصام شخصية لـ أردوغان والخطيب

لا يمر أسبوع دون تهديدات صهيونية لحزب الله، ولم أسمع حزب الله يطلب النجدة من إيران، لا يمر شهر ولا تهدّد واشنطن وتل أبيب بشكل مباشر أو غير مباشر إيران وسورية، ولم تطلب إيران ولا سورية مساعدة أحد، رغم أن التهديدات الصهيونية والأمريكية تأخذ طابعاً ميدانياً من مناورات عسكرية إلى إرسال الأساطيل وحشد الجنود، فكل منهم يعتمد على شعبه ويفرض سيادته دون شعارات جوفاء، على عكس رجب طيب أردوغان الذي في الصباح يتحدث عن العثمانية وخيول أجداده وفي المساء يهرع إلى بروكسل باكياً "يا ماما خبيني، وبصواريخ الباتريوت غطيني"، هذا الانفصام في الشخصية الذي يحول أردوغان إلى مهزلة لا يوازيه سخرية سوى أن يقوم معاذ الخطيب بتمثيل دور "الولد الحردان"، متناسياً أنه نتيجة لوعد هيلاري كلينتون بتعيين قيادة جديدة لمجلس إسطنبول، ولهذا السبب فقط ظهر إلى الإعلام.

حيث لم يعد يخفى على أحد أن رجب طيب أردوغان ومعاذ الخطيب لا يختلفان عن بعضهما، ليس لكون أعراض انفصام الشخصية تظهر على سلوكهما وتصريحاتهما، ولكن لأنهما مرغمان كأدوات للأمريكي أن يسيرا وفق المصالح الأمريكية حتى لو أدّت المصالح الأمريكية إلى إظهارهما بأسوأ الحالات، فتارة يسمح لأردوغان بأن يتحدث عن العثمانية والنفوذ التركي والسيادة، ويصل الأمر إلى طلب مقعد دائم في مجلس الأمن لدرجة نصدق بأنه زعيم وصاحب قرار، وتارة عليه أن يكون تابعاً يتوسل الناتو ويتحدث عن حدود الناتو ويطلب من الناتو حمايته من سورية التي لم تهدّد تركيا يوماً، وتبقى قضية أفغانستان في خطابات أردوغان هي الأكثر سخرية، وإشارة إلى خطابات انفصام الشخصية، خصوصاً حين يقول سننتصر في أفغانستان، دون أن يحدّد من هو الناتو أم طالبان، فهو يتحدث كعضو في الناتو يقتل جنوده في أفغانستان على يد المقاومة الأفغانية، ويوحي بأنه يتحدث عن انتصار الشعب الأفغاني على الناتو.

ومعاذ الخطيب الذي خرج أمام الكاميرات بعد تصريح وقح لهيلاري كلينتون تحدثت فيه أنها بصدد تعيين قيادات جديدة للمعارضة السورية، وصفتها بأنها ستحظى بتأييد الشارع السوري، مؤكدة بلسانها أن مجالس اسطنبول التي كانت قبل معاذ الخطيب إبان غليون وسيدا، لم تحظَ بأي دعم شعبي، ومؤكدة أن معاذ الخطيب ليس سوى موظف من المتعاقدين المدنيين مع وزارة الدفاع الأمريكية (الذين سيتمّ الاستغناء عن خدماتهم قريباً ضمن سياسة خفض الإنفاق)، وقدّمت كلينتون لنا معاذ الخطيب الذي لم يخجل من أنه أداة أمريكية، بل تعدى الأمر ذلك لدرجة أن يصدق بأنه معارض سوري، تارة يعلن قبول الحوار وتارة يرفضه، تارة سيشارك في مؤتمر أعداء سورية وتارة يقوم بدور "الطفل الحردان"، متجاهلاً بأن أسياده لا يحفظون ماء وجه عملائهم، وخصوصاً منهم السياسيين وما توسل حمد آل ثاني كي لا يعرض لقاءه مع تسيبي ليفني في الدوحة إبان العدوان الصهيوني على غزة للإعلام، سوى نموذج لعدم احترام العملاء السياسيين، وليفني لم تكتفِ بنشر فيديو استقبالها من قبل حمد آل ثاني، بل تباهت بأنها مارست الجنس مع سياسيين عرب بقصد الحصول على مكاسب سياسية في إشارة إلى حمد آل ثاني ووزير خارجيته، ومع ذلك خرج حمد آل ثاني يهدّد سورية بمجلس الأمن، وخرج أردوغان يهدّد سورية بالناتو، ومعاذ الخطيب ليس أفضل من باقي الأدوات، فبعد سلسلة تهديدات وكأنه أمين عام الناتو، خرج ليقول بأنه لن يقبل الحوار حتى مع الأمريكي ولن يذهب إلى مؤتمر "أعداء سورية" ليس لشيء سوى لأن الأمريكي طلب منه عدم زيارة موسكو، في مهزلة سياسية لا يشبهها سوى منظر حمد بن جبر آل ثاني حين خرج يهدّد سورية بمجلس الأمن، ويقول النكتة الشهيرة: "سيخرج الأمر عن سيطرة جامعة الدول العربية".

وأعراض انفصام الشخصية لدى أدوات واشنطن وتل أبيب في المنطقة، ربما يفسّرها البعض بأنها لعبة أمريكية صهيونية لإحراج العملاء بقصد ابتزازهم، ولكن في الحقيقة انفصام الشخصية الذي يعاني منه الخطيب وأردوغان وغيره، ليس سوى انعكاس للأزمة المالية الأمريكية، وانعكاس لخلافات الكونغرس الأمريكي حول سياسات خفض الإنفاق، وعبارة خفض الإنفاق أصبحت مصطلحاً جديداً مرتبطاً بإقرار الموازنة الأمريكية، فلمجرد البحث على أي محرك بحث على الانترنيت على جملة "خفض الإنفاق" سيكون هناك نتيجة مكررة وهي مئات الأخبار عن الأزمة المالية الأمريكية بعد ثلاث مرات من قرارات رفع سقف الدين الأمريكي الفيدرالي، وهذه الأزمة تنعكس على تصريحات أدوات واشنطن وعلى سياستها، فهي ذاتها واشنطن التي وافقت على مهمة كوفي عنان ثم عرقلتها، وهي واشنطن التي وافقت على مقررات مؤتمر جنيف ثم انقلبت عنه، وهي ذاتها التي في حال خرجت سورية منتصرة ستدفع الثمن الغالي.

وقبل ثلاثة شهور من نهاية سقف الدين الرابع والذي قيمته 450 مليار دولار، أصبحت واشنطن تلمس ثمن التردّد، ففي سورية من الواضح أن تصرفات القيادة السورية توحي بأنه لا حل سياسياً في الأفق رغم إدراك القيادة السورية أن وصول الأزمة إلى هذه المرحلة أرهق الأمريكي، ووضعه على مفترق طرق سيرغمه على السير في التسوية، وما تأسيس قوات الدفاع الوطني سوى دليل واضح على أن سورية ليست بصدد تقديم أي تنازل على الإطلاق مهما كان حجمه، ودليل واضح على أن سورية لن تراهن على أي تسويات وتريد وضع واشنطن أمام أمر واقع، والنتائج الأولية لما قامت به القيادة السورية كان مذهلاً رغم أنه تزامن مع تصعيد على كل الجبهات وعلى كل الحدود وعلى كل المستويات، ولكن يبقى السؤال هل سيستمر الأمريكي في تردّده وعدم قدرته على اتخاذ القرار، أم ستمنح سورية مجدداً فرصة كالتي حصلت عليها بعد العدوان على لبنان والعدوان على غزة وتمرغ وجه واشنطن وحلفاءها في الوحل؟؟.. ربما من المبكر الإجابة عن هذا السؤال، ولكن المؤكد أن سورية بدأت تتصرف على مبدأ لا وجود لحل سياسي في الأفق، وتقلع شوكها بيدها والعبرة لمن يعتبر من أحداث الخطة الخماسية الأمريكية السابقة، فأن يمثل معاذ الخطيب دور "الولد الحردان" فهذا يعني أن الأمريكي هو من سيضرب رأسه (بجدار صمود سورية)، لأن النصر قادم بحل سياسي أو بدون حل سياسي!!.

» انفصام على حافة الهاوية
» أردوغان أمر بصفة شخصية باغتيال المراسلة اللبنانية التي فضحته
» الأزمة السورية أثبتت أن تنظيم "القاعدة" ربيب الاستخبارات الأمريكية
» الرئيس تشافيز يجدد دعم بلاده لسورية: الإدارة الأمريكية هي أكبر القوى المسؤولة عن الأزمة
» موسكو تحضر للقاء قريب جداً بين الأسد والخطيب