وِجار أردوغان ونظريات التسوية

وِجار أردوغان ونظريات التسوية
الاثنين , 25 شباط 2013 - 14:32 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
ايهاب زكي

رغم أني من أصحاب نظرية الحرب الحتمية وإن تأخرت،ومن المتيقنين بأن هذا العالم المستكبر والطامع في أرضنا وثرواتنا،لا يحتمل زعامة بهامة الأسد،وأن بقاء سوريا الأسد أو أسد سوريا هما خياران مريران كلاهما أو أحدهما ،لن يتقبل العالم تجرعهما طوعاً،ورغم أني من أنصار نظرية “هنيئاً لك يا سمك” بالرغم من كل ما سخَّفها من تندُر،إلا أنني سأنظر بالشكل التكتيكي للأمر في ظل الكلام عن قرب عصر التسويات،وأن اليأس والإحباط قد أصاب الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها من العدوان على سوريا عبر أدواتها،لذلك فقد سلمت الملف السوري للإتحاد الروسي،العدو القديم الجديد واللدود.

ولكن مع التسليم بهذه النظرية ،فإن هناك تساؤلات عويسة تحتاج إلى إجابات قاطعة مانعة، لا يطالها الشك من قريب أو بعيد،أولها التشدد القطري السعودي حيال ملف الحوار،وثانيها تراجع الإئتلاف عن تغريدات مبتورة والتي سُميت بمبادرة الخطيب،وثالثها تراجع المعارضة عن زيارة موسكو وواشنطن،ورابعها تراجعها عن حضور مؤتمر (أصدقاء سوريا) المنوي إنعقاده في الثاني من آذار في العاصمة الإيطالية،وخامسها تفجيرات دمشق وتوقيتها،فهل يُعقل أن يكون كل هذا محاولات لكسب الأوراق على طاولة التفاوض،وإعلاء سقف المطالب،كما يقول أصحاب نظرية التسوية،أم أن هناك عملية تحضير لمسرح عمليات جديد،وإعادة ترتيب للصفوف للمباغتة بإعادة الكَرَّة،ولكن هناك سؤال سادس برز في خطاب أردوغان بالأمس في المنتدى الحكومي للإتصال في دولة الإمارات العربية المتحدة.

والحقيقة أني أذكر أنني كتبت مقالاً أو اثنين عن أردوغان والأزمة السورية،ورغم أنه رأس حربة في العدوان على سوريا،إلا أني أراه أقل شأناً من تركيز الكتابة على مواقفه،لأنه مجرد متسلق آخر على أسوار الدم السوري كأي لصٍ لحبال الغسيل،وهو ليس بعيداً عن تصنيف الرئيس الأسد للعبيد،هذا أولاً، أما ثانياً فأنا إنسان يحافظ على صحته ويتبع أوامر طبيبه بدقة،وهو قد نصحني بالإبتعاد عن المنغصات ، إحترازاً لعدم إصابتي بالأمراض المزمنة من ضغط وقلب وسكر،وكذلك لعدم الإصابة بالأمراض المتوطنة جراء الفيروسات المتنقلة عبر الأثير،والذي تدخل الجسم عبر العين أو الأذن أحياناً،ولكن في كثير من الأحيان يضطر الإنسان لاستخدام القاعدة الفقهية الشهيرة”الضرورات تبيح المحظورات” وبمرارة شديدة سأضطر لاستباحة محظورات الطبيب وطِبِه،تحت طائلة ضرورة الحديث عن أردوغان وخطابه الأهوج،الذي قد يدل على محاولات يائسة للفوز بأي العظام.

وبما أن الرئيس الأسد قد تسعفه خبرته الطبية عبر قاعدة درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، للتخلص سريعاً من آثار الفيروسات المتنقلة عبر الاثير،فهو حتماً ومن باب الوقاية لم يسمع ما تفوَّه به أردوغان،وبما أنه حتى لو سمع أو رأى فلن يتهاوى إلى تلك المستويات الوضيعة من مهاوي الخِسَّة ويرد عليه،وهو ايضاً لن يرد عليه من باب التجاهل ،فالنخيل لا يلقي بالاً لأزيز الذباب، ولكن ماذا لو دخلنا عالماً إفتراضياً وتلمسنا دخول الرئيس الأسد في سجال مع أردوغان،وبالرغم من إستحالة هذه الفرضية فهل نستطيع تخيلاً جعلها ممكنة،فلنحاول.

فأي شيطان أخرس ذاك الصامت على الدماء المهدورة على سطح سفينة مرمرة،وأي شيطان أخرس ذاك اللاعق لأحذية الإتحاد الأوروبي عن ذلةٍ،وأي شيطان أخرس هو الذي يجلس في وِجار الناتو ،ينبح كل من إقترب من بني قومه وبني جلدته،طمعاً في عظْمَّة،قد تكون على شكل باتريورت،وأي ديكتاتور ظالم لا يدع فرصة إلا وقتل الأطفال والنساء داخل حدوده في ديار بكر ودرسيم وأرارات،وحتى خارجها في كردستان العراق،وأي ديكتاتور ظالم ذاك الذي يتقمص أثواب المذهبية مُقصياً نصف مواطنيه عن مسؤولياته،وأي مغتصبِ ظالم ذاك الذي يحتل أراضي الآخرين ويتواقح بأن أراضيهم محتلة،في حين أنه مع سقوط أول صاروخ على الجولان المحتل،سيخرج ذاك الأردوغان من وِجاره الناتوي لينبح كل الصواريخ لأنه سيعتقد أنها ستهدم عليه الوِجار،أو أن الناتو صاحب الوجار سيحرمه منه باعتباره عجوز هرم وجب قنصه وإعدامه.

أتعبتني يا صاحب الوِجار الناتوي،وأرهقتَ بنكرياسي وشراييني الأورطية والتاجية،فاللهم إني أسألك شفاءً لا يُغادر سقماً،وأسألك أن تُعافينا مما ابتليت به غيرنا، من رؤية الوِجار وصاحبه،واحفظ لنا سوريا وأعلِ أسوارها ماية من اللصوص،وامنحها صمماً عن سماع النباح وعمىً عن رؤية النابحين.

» أردوغان بحالة هستيريا ، بعد أبعاد {الاخوان } من التسوية السورية
» التسوية خيار ارجح
» حرب حمص المحدودة.. بين التسوية والاقتحام
» هل تؤدي “التسوية” إلى تقسيم السعودية ؟
» ريف حمص الشمالي يذهب نحو التسوية؟