التسوية خيار ارجح
الثلاثاء، 14 أيار، 2013
أوقات الشام
د. عامر السبايلة
ما ان ظهر خيار تعديل مبادرة السلام العربية الا و انعكست مفاعيل هذه الخطوة على مجمل ملفات المنطقة و أطرافها العربية و الاقليمية. اهم هذه المفاعيل تمثلت بخلق مناخات تدفع الازمة السورية باتجاه الحل. ردود الافعال الأهم ظهرت في الاجواء الاسرائيلية, حيث بادرت حكومة الكيان الى استباق المضي قدما في هذه المبادرة عبر توجيه ضربات لمواقع عسكرية سورية هدفت في جوهرها الى تحديد مسار الحل (السوري – الاسرائيلي) و فتح افق لإدخال سوريا ضمن اطار التسوية المنشودة. ضمن هذا السياق لابد من التأكيد أن العقلية الاسرائيلية تصر على ضرورة التمسك بخياراتها الجديدة المبنية على تجارب الماضي, فتسوية اقليمية لا تشمل سوريا لا يمكن التعويل عليها كثيراً وفقاً للمنطق الاسرائيلي الجديد, حتى لو تم تقديم كثير من التنازلات و تهيئة اجواء تفاوضية جزئية مع بعض الأطراف.
اقليمياً, وجد البعض في الخطوة السعودية تجاه ملء الفراغ السياسي في لبنان, اشارة ايجابية لرغبة سعودية بالدخول الى ملف التسوية في سوريا عبر البوابة اللبنانية. الأمر الذي دفع الفريق السني الاخر (القطري) الى العمل على اضعاف الدور السعودي عبر تعديلات المبادرة العربية التي تهدف الى اضعاف الدور السعودي في المنطقة بشكل عام و في مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص. هذه التداعيات قد تفرض انعكاسات على اعادة ترتيب البيت السعودي داخلياً وصولاً الى رأس هذا البيت.
طبيعة هذا المناخ الاقليمي المتصارع أدى الى تشجيع ايران الى العمل على اقتناص هذه اللحظة التي يعيشها النظام السعودي لصالح بناء تحالف رباعي اقليمي جديد يضم (السعودية و العراق و ايران و مصر) و يشكل اطاراً للتواصل مع الاطراف الدولية لإيجاد حل للأزمة السورية. من الجدير ذكره هنا ان التحالف (التركي المصري القطري) كان عاجزاً على تحديد شكل مسار التسوية في سوريا, في المقابل لم يختلف التيار الثاني (السعودي, الاماراتي, الكويتي الاردني) عن التيار الأول في قدرته على التأثير في مسار الأزمة. هذا الواقع اضطر تركيا و مصر و السعودية الى اللحاق بصيرورة التحالف الرباعي لتضمن كل منها دوراً في اطار حل الأزمة السورية عبر التحضير لانعقاد مؤتمر دولي. و هذا قد يفسر أيضاً فتح البوابة السعودية و من قبلها الأردنية للدبلوماسية الايرانية.
هذا المناخ الديناميكي للدبلوماسية الايرانية اثار حفيظة الكيان الاسرائيلي في المنطقة مما دفع بقيادته الى البحث عن مخرج من الطوق الاقليمي و الدولي. من هنا جاءت زيارات نيتنياهو الى الصين و روسيا في محاولة للتأثير على روسيا لوقف تداعيات العدوان الاسرائيلي على سوريا و استثماره كورقة تفاوضية للحد من التسليح الروسي لسوريا.
اذاً, مجمل هذه المناخات تدفع بالمنطقة بشكل عام و سوريا بشكل خاص الى الدخول في بوابة تسوية الأزمة السورية على طريق التسوية الأشمل لمجمل قضايا الشرق الأوسط و الصراع العربي الاسرائيلي بشكل خاص.