سوريون ضد الطائفية.. كيف صهرتهم الأزمة وما هي نظرتهم لفقيه حلف الناتو الكلب العاوي يوسف القرضاوي؟
لاشك أن فتن مفتي حلف الناتو وفقيهه يوسف القرضاوي أثرت في الفئة غير الواعية من بعض الشعب السوري وظهر أنها فئة قليلة بدليل أن غالبية الإرهابيين هم مرتزقة قادمون من خارج سوريا, لكن هل أتت فتنه وتحريضاته الجهنمية أُكلها؟ وكيف ينظر سوريون آخرون كثر إلى يوسف القرضاوي الذي دبّج فيه شيخ سعودي (اسمه: مقبل بن هادي الوادعي) كتاب بعنوان "إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي"؟ وهل استطاع القرضاوي أن يستقطب شرائح واسعة من سُنّة سوريا كما يوهمه إعلام أبي جهل الوهابي التكفيري مثله؟ وماذا يقول فيه السوريون الذين تشبثوا بالوطن وبالأخوة في الدين وبإنسانية الإنسان التي يريد المجرم القرضاوي نزعها عنهم كي يغدو وحوشاً ضارية مثله ومثل مشغليه وأسياده؟
قام "فينكس" بجولة في عدد من المحافظات السورية, التقى خلالها بعدد من المواطنين السوريين الذين تأثروا من الأحداث المؤلمة في سوريا وتحدثوا هم عن كيفية تعاملهم كسوريين مع بعضهم بعضاً خلال الأزمة, وما سنعرضه هنا في هذا الريبورتاج يعتبر من المحرمات في الفضائية التي ينعق فيها الديوث المسعور فيصل القاسم وحتى الفضائية التي تعمل فيها الحيزبون زينة يازجي ومثيلاتها.
يقول أبو ياسر ابن حي الميدان الدمشقي: "أعرف نفسي مسلماً, كتابي القرآن, وأشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وأنا من عائلة محافظة, أسكن في الزاهرة الجديدة, وجاري طبيب أسنان من ريف طرطوس.. في الحقيقة لم نكن جارين قدر ما كنا أخوين, بعد دخول سوريا في الأزمة التي افتعلها الخارج بالتواطؤ مع بعض خونة الداخل ووهابيي الخارج, وحصول بعد حوادث القتل على الهوية في بعض المناطق في سورية, اضطر جاري الطبيب أن يغادر دمشق مؤقتاً إلى مسقط رأسه في طرطوس, لكن علاقتنا ازدادت قوة ومتانة بعد ابتعدنا عن بعض بحكم الأمر الواقع", وعندما نسأل أبو ياسر كيف هذا, مع أن المثل لشعبي يقول: "بعيد عن العين بعيد عن القلب"؟, يجيب: "قد لا تصدقوا إذا قلتُ لكم أني بدأت أكن محبة واحتراماً كبيرين وخاصين لجاري قبل رحيله بأشهر, وذلك على خلفية تحريض شيخ الفتنة يوسف القرضاوي, وتصريحاته الطائفية من بيوت الله التي يستغلها لبث الكراهية والبغضاء بين الأخوة في الدين والوطن والإنسانية", يصمت أبو ياسر للحظة, ثم يردف: "هل يريد أن يفتن القرضاوي الخرف بيني وبين من هو أخ لي لم تلده أمي, الطبيب الذي أعرفه أكثر من معرفتي بأخي من أبي وأمي؟! صدق من قال عن القرضاوي انه كلب عاوي"..
لم تنته علاقة أبو ياسر مع جاره الطبيب بمغادرة الأخير لدمشق كما قال لنا, بل قام الطبيب بوضع مفاتيح منزله الدمشقي بحوزة جاره أبو ياسر, طالباً منه التصرف بالمنزل بما يرتأيه, أن يؤجره إن أراد أو أن يسكن فيه أحداً من أقاربه إذا ما اضطر لذلك بحكم بعض حالات النزوح التي يضطر إليها بعض أهلنا بدمشق.
أبو ياسر لم يستغرب ثقة جاره الطبيب به, فالعلاقة التي بينهما طبيعي أن تنتهي بهما إلى مثل هذه الثقة التي لا يتبادلها سوى بعض الأخوة, لكن استغراب أبو ياسر كان من انجرار بعض ضعاف النفوس من بني وطنه في سوريا خلف خطاب "الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي" بحسب تعبيره الذي استقاه من عنوان كتاب بهذا العنوان كتبه احد شيوخ السعودية رداً على القرضاوي منذ بضع سنوات.
يقول أبو ياسر, يتصل بي صديقي الطرطوسي ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع كي يطمئن عليّ وليسألني إن كان يلزمني شيئاً في دمشق, وكثيراً ما أيقظني من نومي في وقت متأخر من الليل عقب سماعه لعمل انتحاري هنا أو هناك في دمشق كي يطمئن أني وعائلتي وأهلي بخير ولم نصب بمكروه عارضاً عليّ الذهاب إليه في طرطوس حيث منزله يتسع لنا جميعاً ورغيف الخبز نقسمه سوية.. يتساءل أبو ياسر: "كيف لشيخ خرف لا يخاف الله ولا يخشاه كونه يعبد الدولار وليس الله كيوسف القرضاوي أن يفهم هذه العلاقات الإنسانية بين السوريين؟!".
طبيب آخر, من الرقة, تربطه علاقة صداقة بزميل له من ريف اللاذقية, يفيد "فينكس" انه في فترة انقطاع المتة من بعض المناطق في سوريا قبل أكثر من عام كان يقوم بجولة على محلات السمانة في الرقة لشراء علب المتة منها (باعتبار أن استهلاكها في الرقة نادر) ليرسلها إلى صديقه في اللاذقية.. الطبيب ذاته يقول: تعرضنا في الرقة لانقطاع مادة الخبز, ما أن سمع صديقي قي اللاذقية عبر وسائل الإعلام أن الخبز مقطوع في الرقة حتى فوجئت بعد عدة أيام بوصول أكثر من عشرين ربطة خبز لطرفي وطبعا كان المرسل صديقي في اللاذقية دون أن أطلب منه ذلك.. ونتصل مع بعضنا هاتفياً في الأسبوع مرة أو أكثر بغية الاطمئنان والسؤال عن الحال.
وعند سؤالنا له عن رأيه بيوسف القرضاوي يقول: يؤسفني القول أن أمثال هذا الرجل عار على الدين, كيف لرجل الدين أن يبدي أسفه لتفجير تماثيل بوذا في أفغانستان على يد حركة طالبان ثم بعد سنوات الرجل نفسه يحرض على سفك الدماء في سوريا ويبارك هذا السفك؟ وكيف لرجل الدين ذاته أن يدعو للحوار في مصر لكنه يدعو للمزيد من القتل والإرهاب في سوريا؟ هل حقاً أمثال هذا يمكن أن يكونوا رجال دين نذروا أنفسهم لله أم تراهم رجالاً للشيطان ونذروا نفسهم لخدمته؟! في الحالات كافة إنني أحتقر هذا الرجل وأبرأ منه إلى الله وأحمله في عنقه مسؤولية دماء آلاف الأبرياء في وطني عدا عن يثه للكراهية والبغضاء بين بعض ضعاف النفوس, لكن مع ذلك ثمة نسبة وعي لدى غالبية السوريين وإلا لكنا دخلنا في حرب أهلية مهلكة للجميع, يكفي أن أذكر لكم قصة التآخي بيني وبين صديقي اللاذقاني, وهي ليست حكراً علينا, لسنا نحن استثناء فيها.
محمد سمان, مواطن من حلب, كان يملك محلاً تجارياً في حي الجميلية بحلب, تحت ضغط الأحداث المأساوية في مدينته فكر بالنزوح منها, وفيما هو يفكر بالوجهة التي يمكن أن يقصدها إلى حين انجلاء الأزمة, أتاه اتصال هاتفي من صديقه سلمان عبيد في محافظة السويداء, وخلال الحديث عرض عليه عبيد القدوم إلى السويداء قائلاً له: "أنا أسكن في بيتي بالضيعة, ولدي بيت مفروش ولا أحد فيه في مدينة السويداء, أرجو أن تأتي إلى عندي, فهنا الوضع آمن, وتنزل في منزلي بالمدينة إلى أن تنتهي الأزمة في وطننا, وتستطيع أن تستأجر هنا محلاً تجارياً إن أردت أن تعمل". يقول محمد سمان بلهجة ملؤها الامتنان: "صار لي في منزل صديقي أربعة أشهر, ويزعل مني ويعاتبني بقسوة وصدق ان عرضت عليه آجار المنزل, لا بل يفاجئني بين حين وآخر بزيارات عابرة يكون محملاً خلالها بما تجود به قريته من فواكه ومزروعات, ويصرّ كل يوم جمعة أن نكون أنا وعائلتي وأولادي الثلاثة على مائدته مع عائلته في القرية".. يصمت سمان هنيهة ثم يردف: "الآن أحسست معنى سوريا, وعلى الرغم من مواجع الوطن بت أحب سوريا أكثر من أي وقت مضى".
خالد داغستاني, من مواليد حي ساروجة بدمشق, يقول: "جدتي لوالدتي من قرية العقيبة بريف جبلة, وخالتي متزوجة في الساحل السوري, هل يريد ابن العاهرة يوسف القرضاوي مني أن أقتل أبناء خالتي وأكرههم؟".. ثم يختم حديثه عن القرضاوي بعدة شتائم تليق بيوسف القرضاوي.
يضيف داغستاني: "دول الخليج كلاب أكتر من القرضاوي, لو كانوا صادقين بمحبتهم لنا ليدعونا نسافر إلى الخليج دون أن يضعوا لنا تعقيدات كما هي الحال!.. ", بعد لحظة صمت يردف وهو يقود سيارته بنا وسط شوارع دمشق: "تفوه عليهم, مو بس كلاب كذابين كمان. الكلب من صفاته الوفاء أما الخليج وأهله فالغدر بعض صفاتهم.. إنهم يحقدون على سوريا وعلى كل شيء في سوريا, ولا يعرفون معنى التآخي بين البشر لأنهم ليسوا بشراً أصلاً".
منذ أكثر من عام ونصف, وعندما كانت فضائية الإجرام المسماة بالجزيرة, تكرر مشاهد كريهة تحمل عنوان: "حماه في قلب العاصفة" في خطوة هادفة منها إلى تحريض سكان مدينة حماه من خلال استحضارها للمأساة التي جرها أخوان الشياطين للمدينة المذكورة في مطلع ثمانينات القرن الماضي, لكن ما يذكره لنا السيد عمر الحامد, وهو من سكّان حي الحاضر, كفيل بتفنيد الكثير مما كانت "تلقننا" إياه فضائيات الفتنة عما كان يجري في حماه مطلع الأزمة الراهنة, يقول الحامد: "بداية الأحداث في حماه, قدمت مجموعة شباب مجهولين إلى البناية التي نسكن فيها, وطلبوا من سكان البناية المشاركة في تظاهرة كانت ستجري يوم الجمعة (في صيف 2011) تحت طائلة القتل لمن لا يشارك فيها.. شاركت أنا وأبنائي في المظاهرة, في حين جاري لم يشارك, فتم قتل جاري ثاني يوم, فكان أول ما فعلته هو الاتصال بصديقي ببلدة حصين البحر في طرطوس طالباً منه أن يساعدني في الحصول على سكن آمن عندهم, وكان ذلك, وأنا منذ صيف 2011 أقيم هنا".
فضل السيد عمر الحامد عدم التعليق على فقيه حلف الناتو يوسف القرضاوي وفتنه غير أنه ذكر الحديث النبوي الشريف: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".