رسالة إلى الأسرى في زنازين الحرية

رسالة إلى الأسرى في زنازين الحرية

الاثنين , 18 شباط 2013 - 11:34 الناشر : بانوراما الشرق الاوسط
ايهاب زكي

أيها الأسرى القابعون خلف جدران الإهمال والنسيان قبل جدران الزنازين، إن في أصل الأشياء أن تكونوا نبراساً لكل الأحرار ومشعلاً لكل الثوار، وأن تكونوا الملهمون لا المهملون، وأن تكون أحلامكم أو حتى أضغاثها ،هي ذروة أمانيّ أمتكم، فأنتم من حلم بالحرية وسعى لها سعيها،فأكل أوارها زهرات الربيع في أعماركم، وأنتم ومهما شابت رؤوسكم وشاخت عظامكم فستبقون بنضارة البراعم، ولولا ثقتي بأن فيكم الأعصاب كجلامدة الصخر ما تجرأت على كتابة هذه الرسالة إليكم.

أنتم من سعى لحرية الأوطان فعرقلته عتمة الزنازين وقيود السجان، وتسعون الآن للإفلات من فخ القيود وشرك الإعتقال، وتحاربون جلادكم بالجوع والعطش، لتنالوا حريتكم ولتخرجوا من ضيق الزنزانة إلى فُسحة الأوطان،ولكن وبكل أسى ليس في الأوطان من منتظرين، سوى أُسَّر لكم أعياهم بعدكم وقهرهم جفاء القريب والبعيد، وبعض ممن منَّ الله عليهم بنعيم الذاكرة الحية،وأيضاً بعض مسؤولين يهوون الثرثرة من خلف الشاشات ويحترفون الوقوف أمام الكاميرات على أنقاض أوجاعكم، ويملكون أنهاراً من دموع تماسيح لا تنضب، وعبارات من صقيع الهوان لا تغضب،وأما غثاء السيل من أمتكم فهم مشغولون منشغلون، وكل حزبٍ بما لديهم فرحون،يتنابزون بالألقاب وبئس الأسماء،ويتناحرون على إحتكار الله،يقتتلون فيقتل بعضهم بعضاً باسم الله.

فهناك يا سادتي الكرام في زمن الهوان،حبرٌ أعظم لبني قينقاع وبني النضر، إستباح مدينتنا وبنى خيبره،وألقى فينا الرعب فدَّب الذعر،وطرح علينا أسئلة بائدة فتطاحنَّا،فقال أيهما أفضل أيتها الجموع اليائسة الآيسة، حكم المرشد أم ولاية الفقيه ، وأيهما تفضلون قوانين الديمقراطية أم أحكام الشورى،وهل أنتم مع الإستبداد أم مع الإستعباد، وهل المرأة عورة أم ثورة،وأيهما تفضلون الجهاد ذبحاً أم نحراً،وهل تفضلوني سيداً أم سائداً،فقددنا صدورنا من قُبُلٍ ومن دُبرٍ وقطعنا رقاب بعضنا ووقفنا على باب كنيسه، لنبرهن له أيهما أفضل،وغُصنَّا في دمائنا وغرفنا منها ،كلٌ بقدر وعائه ثم أتيناه طائعين،وسألناه أرضيت ربنا فاستعصم،وتمنَّع عن جوابنا فاستنتجنا غضبه فأوغلنا أكثر بلا برفق في مستنقع تناحرنا لنيل رضاه وصفحه.

فتلكم بلاد النيل بلا شراع ولا فنار، تتنازعها سفسفات الأمور صغائرها، فذاك ملتحٍ وذاك أمرد، وكلهم يدعي تفوقاً بلا نفوق،مقيدون بسطحية الجغرافيا وسذاجة الحدود،وتلك بلاد الزيتونة لا رشاد فيها ولا نهضة ولا إستنهاض،فيها فوضى المصير وتكالب السلطة وصراع الكلأ، وبقربها بلاد المختار تئن تحت وطأة ثقيلة من طاحونة السلاح والتكفير والتفجير،وهواجس التقسيم وقوانين القبيلة،وبلاد محمد الخامس مشغولة أيهما أكثر تقرباً لله ، تقبيل شمال أمير المؤمنين أم يمينه،وهذه بلاد الرافدين ما أن تنفض عنها غبار المفخخات حتى تلوثها التفجيرات،وتلك بلاد مليئة بالنفط متخمة بالغازات، شغلتنا بما ملكت أيمانها من صكوك الجنة وتأشيرات النار، فقالت من قال الخليج العربي فهو في الجنة ومن قال الخليج الفارسي فهو في النار،ومن قال الخليج فقط فهو من أهل الأعراف،وإن قلنا الخليج العربي ستتحررون أسرانا وتتحرر فلسطين وتقوم الوحدة العربية وليس ذلك فقط بل قد يأتينا المهدي ويقيم الخلافة، ألبسوا الله عقالاً وحمَّلوه مسواكاً وسكيناً ولا عزة ولا جنة إلا لمن جاهد في المسجد الأموي،أما الجهاد في أقصاكم فهو أم الكبائر ومن السبع الموبقات الموجبات لغضب الرَّب.

أما في إمبراطورية رام الله فهناك يلتف صاحب المشروع الوطني وصحبه حول قصور المقاطعة،يلتذون بمشاريعهم الوطنية ويتقنون فنون التسول وتخزين الأموال، وقد يتطلب المشروع الوطني في حال أفرجت عنكم قوات الإحتلال أن يعيدوكم لزنازينه بالوكالة في سجون السلطة،فلا تجزعوا فهذا لمصلحتكم،ولا تسألوني كيف هو لمصلحتكم فنحن لا نفكر،فأصحاب المشروع الوطني مريحين جداً ، حتى أنهم أراحونا من عناء التفكير، فهم يعطونا باليمين مع أول كل شهر راتب وفي الثاني منه يأخذون بالشمال جزءاً من العقل والوجدان،ولا نخفيكم سراً فلا نعرف كم تبقى لنا من عقلٍ أو وجدان ،والذي تبقى سيكفينا لِكَّم راتب بعد.

أما دار الخلافة في غزة فقد تركت الثغور التي كانت تحرسها عيون الرباط ، ووضعتها في عُهدة اللقاءات والمفاوضات برعاية إخوانية مصرية،وجاء كحيل العين مشعل ليعلن من غزة أن الحرب مع خيبر قد وضعت أوزارها، فقد جاء وقت الحصاد،فلا شلاليط جدد في الأفق،بل جلابيب احترفت التسول في قطر منذ القِدم والآن ترقت لمرحلة التنعج.

وليس هذا كل شئ فما خفي كان أعظم، فهل ما زال إصراركم على الخروج إلى هذا العالم على حاله،نعم فليبق كذلك من أجل آبائكم وأمهاتكم وأبنائكم وزوجاتكم،أما إن كان من أجلنا فسواد العتمة في زنازينكم أشد بياضاً من عقولنا وقلوبنا وأكثر نوراً من حالنا،فأنتم الأحرار والسِباع الشِباع،ونحن العبيد السُماع الجياع، ولازلنا بباب كنيس حبرهم الأعظم ننتظر الجواب، وتقبلوا مني كل تقدير وإجلال وإحترام.

» أيوب ليست رسالة طائشة بل رسالة ذات معنى ...بقلم : سلوم عبدالله
» مهلة 3 أيام قبل ذبح العسكريين الأسرى
» ما حقيقة تبادل الأسرى بين واشنطن وطهران؟
» آلاف الأسرى الفلسطينيين يضربون عن الطعام
» فضحته عيناه.. أبو هريرة ذابح الأسرى العسكريين!