من أن الطائرة التركية التي أسقطتها سوريا إنما كانت داخل المجال الجوي السوري، بينما تواصل السجال الحاد بين رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان
وزعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار اوغلو حول السياسة التركية تجاه سوريا وفي المنطقة.
وقد أفردت صحيفة "ميللييت" عنوانها الرئيسي حول ذلك، معتبرة أنها "واقعة وول ستريت جورنال الثانية"، في إشارة إلى الواقعة الأولى عندما ذكرت الصحيفة الأميركية ان تركيا قتلت 34 كرديا مدنيا في أولوديري بناء لإخبار طائرة "بريدايتور" أميركية من دون طيار. وقد نفت أنقرة حينها انها أخذت المعلومات من طائرة اميركا، بل من طائرة "هيرون" الاسرائيلية التي اشترتها انقرة وتستخدمها في جنوب شرق تركيا.
واستهجن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية التركية ما ذكرته الصحيفة الأميركية. وقال لـ"ميللييت" إن "أحدا من المسؤولين الأميركيين أو من حلف شمال الأطلسي لم يعترض على المعلومات التي قدّمناها، وهم لم يقدموا أي معطيات مختلفة". وأضاف إن نشر هذا الخبر "مغرض" وهو لا يعكس رأي إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بل رأي أوساط معينة في واشنطن تريد كبح جماح تركيا في الأزمة السورية".
وتابع المسؤول ان انقرة طلبت من بريطانيا تزويدها بأي معطيات استخبارية من القواعد البريطانية في قبرص في حال كانت تتناقض مع النظرة التركية بشأن اسقاط الطائرة. وتقول "ميللييت" ان الصحيفة الأميركية تزرع من جديد بذور الخلاف بين انقرة وواشنطن، وهذا الادعاء يأتي في مرحلة حساسة من الأزمة السورية، وقد يكون على الأرجح رسالة من الولايات المتحدة الى تركيا كي تتصرف باعتدال تجاه الوضع في سوريا، وألا تبادر الى اي عمل عسكري.
في هذا الوقت، تواصل السجال الحاد بين اردوغان وكيليتشدار اوغلو حول السياسة التركية تجاه سوريا وفي المنطقة. وبعدما اتهم كيليتشدار اوغلو رئيس الحكومة بأنه حوّل تركيا الى "طفل لقيط" في المنطقة لا احد يحترمها، واتبع سياسة فأر الحقل المخرب وانه اداة بيد الولايات المتحدة والغرب، شن اردوغان هجوما مقابلا، اتهم فيه زعيم المعارضة بأنه أسير سياسة الجبن والخوف.
وفي جامعة "اتاتورك" حيث مُنح اردوغان الدكتوراه الفخرية، عرض رئيس الحكومة سياسة تركيا الخارجية، فقال إن أنقرة دفعت ثمنا غاليا من جراء بقائها متفرجة على المدرجات. وأضاف إن "تركيا ليست أبدا ذلك البلد الذي يبقى في المدرجات، وبالتأكيد يتحتم عليها أن تنزل إلى الملعب".
وقال اردوغان ان تركيا يجب ان تمارس دورها وتأثيرها في القوقاز والعالم العربي والشرق الأوسط، مضيفا ان منتقدي سياساته الخارجية يريدون ان تعود تركيا الى مرحلة الاربعينيات والانكفاء على نفسها. واضاف ان "الاقتصاد مجازفة والسياسة مجازفة، والحياة كلها مجازفة، وإن لم تجازف فلن تربح". واعتبر ان تركيا انتقلت من سياسة خارجية جامدة الى سياسة خارجية ديناميكية، ورفعت الستار الذي كان يحجبها عن العالم، ووسّعت أفقها.
وقال اردوغان ان تركيا لم تغير فقط مفهوم سياستها الخارجية، بل أصبحت "نموذجا للمنطقة والعالم ومصدر الهام"..!، وهي المدافعة عن الحق والرافضة للظلم.
وفي اشارة الى سفينة "مرمرة" واسقاط الطائرة التركية فوق سوريا، قال ان "الذين يقولون ما الذي تفعله سفينة مساعدات في البحر المتوسط، وما الذي تفعله الطائرة التي اسقطت، يفهمون سياسة تصفير المشكلات على انها جبن وعجز، ويريدون العودة بسياسة تركيا الى الاربعينيات".
وفي احتفال لحزب العدالة والتنمية في استاد انقرة، واصل اردوغان هجومه على كيليتشدار اوغلو الذي كان وصف سياسة اردوغان بسياسة "فئران الحقول" التي تمر فتلحق الضرر بالحقول، قائلا "لا تقلق يا سيد كيليتشدار اوغلو، انا لا اخاف مثلك من الفئران، ولا أبقى من دون نوم خوفا من الفئران. هنا في هذه البلاد يوجد أسود يعرفون كيف يضعون حدّا للفئران وللجرذان"، مضيفا ان "آخر شخص يحق له انتقاد سياستنا الخارجية هو رئيس حزب الشعب الجمهوري". واعتبر ان "الاقتصاد التركي، كما تركيا، لا يمكن ان ينموا بالخوف. تركيا الآن لم تعد تركيا حقبات حزب الشعب الجمهوري. ولا توجد انقرة منغلقة على نفسها كما كانت في تلك العهود".
ورد كيليتشدار اوغلو على اردوغان، قائلا ان "تركيا لم تكن يوما اداة في خدمة الغرب. فقط في عهد العدالة والتنمية تولت مخاطبة الشرق، الشرق الأوسط باسم القوى الغربية". وسأل اردوغان "لماذا تركت الاهتمام بتركيا وانشغلت بشؤون (الرئيس السوري بشار) الأسد؟ تقول انه لا توجد في سوريا ديموقراطية ونريد احلال الديموقراطية. الأفضل ان تعود الى تركيا وتنظر الى نفسك، وتسأل هل توجد في تركيا ديموقراطية؟ مئة صحافي في السجن، و500 طالب في السجن".
وتابع كيليتشدار اوغلو "إننا نريد السلام في منطقتنا، ونعرف كلفة الحرب. لا نريد الذهاب بعيدا. العراق قريب منا. مليون ونصف مليون انسان قتلوا هناك. لذا اذ ننظر الى هذه الكلفة يجب ألا نكون أدوات بيد الغرب. انهم يغضبون عندما نقول انهم ادوات. العمل لمصلحة الغير هو مهنة، وأنت تمارس هذه المهنة وهم يربتون على ظهرك. ونحن لا نعرف الكثير من الأمور إلا من الغرب. وهم يدفعونك قائلين: اذهب انت الى الحرب، انت بطل".
السفير