قرار تقدمي كبير!!...مضر جلال خيربك

قرار تقدمي كبير!!...

مضر جلال خيربك

المأزق الأمريكي في العراق وأفغانستان خلق ثقة لدى واشنطن بأن أي مغامرة عسكرية ضد سوريا سيكون ثمنها أكثر مما تتحمله، سيما وأنها فاوضت وتفاوض من تحت الطاولة لتأمين خروج آمن لقواتها من العراق وأفغانستان، فكيف الحال بها إذا كانت مغامرتها ببلد مثل سوريا!!...

فدمشق لديها الأوراق والتحالفات والقوة ما يجعلها قادرة على جعل كلفة العراق وأفغانستان جنة لدى الولايات المتحدة أمام الجحيم المستعر الذي ستجده في سوريا، ولذلك وجدت واشنطن وحلفائها ضالتهم باستمرار الضغط على سوريا والتصعيد ضدها عبر شريكهم الأطلسي التركي المهزوز رجب طيب أردوغان.

فقد اتبع الغرب مع هذا المريض العثماني طريقة النفخ فأصبح يرى حجمه أكبر مما هو عليه، وتراوده الأحلام العثمانية البائدة وخيالاتها الإمبراطورية، كما إن ما ضمته بين جنباتها فظائع مخيم النازحين من جسر الشغور إلى تركيا بحق النساء، أفضل دليل على حضارة الصدر الأعظم التركي الجديد في هذا العصر!!...

هذه الأحلام العثمانية الجديدة لم تبدأ عام 2011 بل ظهرت سابقاً، فالقوات الأمريكية التي نزلت على شواطئ بيروت عام 1958 تنفيذاً لمبدأ أيزنهاور، جاءت من قاعدة أنجر ليك الأمريكية في تركيا، الأمر الذي يعكس الموقف الأمريكي العدائي المستجد في سوريا.

ويتجلى أيضاً التورط والتخبط التركي في الأزمة السورية عبر فشل الخيارات التي راهنت على قدرة نجاح خطط الإخوان المسلمين والسلفيين والتكفيريين بهز قواعد النظام السوري، أو قدرتهم على السيطرة الكاملة على جزء من الأراضي السورية لخلق مناطق عازلة على الحدود السورية – التركية تمهيداً لبدء السيناريو الليبي.

ناهيك عن التهويل والتهديد بتدخل عسكري غربي في سوريا أو تفويض تركيا به، الذي أصبح فارغاً من أي مضمون بعد الرفض الروسي – الصيني لأي تدخل بالشؤون السورية، كما إن فشل محاولات الغرب وتركيا إغراء بعض من قادة الجيش العربي السوري العقائدي بالانقلاب على النظام، كان الخنجر الذي بقر بطن خطة الغرب لإسقاط الدولة السورية وتقسيم شعبها طائفياً.

ولذلك بقي النظام السوري متماسكاً قوياً، وبقي التأييد الشعبي الكبير للرئيس بشار الأسد محافظاً على نسبته المرتفعة، فالمعارضون في الخارج يمشون ضد الحس الشعبي والوطني والقومي والتاريخي للشعب السوري بكل شرائحه، ولا سيما بعد تقديمهم الدليل القاطع على ارتباطهم بالموساد وعمالتهم العلنية له عبر مؤتمر باريس الذي نظمه الصهيوني برنارد ليفي، وشاركت فيه عدة شخصيات صهيونية وإسرائيلية، حيث تكلم باسم السوريين عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي!!...

ومن الواضح أن أعداء النظام السوري لا قدرة لديهم تسمح لهم بعزله دولياً، وذلك كونه هو من يمتلك الأوراق الكثيرة التي تخوله التحكم باللعبة الإستراتيجية الهامة في المنطقة وحتى على المستوى الدولي.

ولم يتعظ المعارضون من تجارب من سبقهم ممن كانوا أذناباً مخلصين لواشنطن مثل مبارك في مصر وبن علي في تونس، حيث سحقتهما الآلة السياسية الصهيونية عندما دقت ساعة تغيير نهج مصالح تل أبيب.

أردوغان حاول طيلة الأشهر الطويلة الماضية تقديم نفسه وكأنه زعيم الأمة الإسلامية، فخيل إليه أنه السلطان العثماني الجديد الذي يبني سلطنته على أنقاض الأمة العربية والإسلامية عبر نموذجه الساقط بكل المقاييس: حزب العدالة والتنمية، بدعم من الإدارة الأمريكية.

هذا الحلم يسعى إليه أردوغان بغطاء غربي من أجل خلق التوازن المطلوب مع إيران التي سيتم تطويقها وسحقها بعد إسقاط سوريا الوطن، أما الخليج الإسرائيلي ومجلس تعاونه على إسقاط الأمة العربية، والذي يجمع المشيخات المتصالحة كما كانت تسمى خلال الاحتلال البريطاني لها، فأصبحت بسحر شيطاني المبشرة بالحرية والديمقراطية وداعية الإصلاح والتغيير في المنطقة!!...

إلا أن التغيير الذي تريده المشيخات الصهيونية وكذلك التغيير والتناوب على السلطة، يجب أن يكون وفق اللوحة القطرية التي رسمها المتمشيخ الموزي عبر انقلابه على أبيه ونفيه لخارج البلاد!!...

وانتصر القرار التقدمي السعودي الكبير بتكريس فتوى منع المرأة من قيادة السيارة وإمساك الجزر أو الخيار لأنه مذكر، وتجاهل ملك آل سعود البراهين القاطعة التي قدمتها سوريا على أنها تتعرض لمؤامرة واعتداء خارجي، وجاء البيان الملكي الذي ظهر وكأنه رسالة تهديد أمريكية، بحيث لم يتطرق الملك النفطي للمجموعات الإرهابية وأعمالها الإجرامية والجهات التي تدعمها وتمولها.

علماً بأن العديد من رموز الفتنة يتلقون تعليماتهم من مشايخ القتل والدم الذين تحتضنهم وترعاهم السعودية المتورطة حتى النخاع بالأزمة السورية، ولذلك غض الطرف العم سام عن حاجة السعودية للتغيير والإصلاح الجذري في اقتصادها وبنيتها السياسية والاجتماعية وحتى الأسرية.

ولا يجب نيسان البحرين وملك الـ 600 كيلو متر مربع الذي لا يرش على شعبه إلا الرصاص الديمقراطي وقذائف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقنابل الرفاه المعيشي والمعاشي!!...

وأخيراً سعد الحريري الذي يوجه من منفاه الاختياري رسائل حبه للشعب السوري وعشقه للتغيير والتناوب على السلطة، بناء على تجربته الرائدة التي يندى لها الجبين، بالممارسة الديمقراطية في تيار المستقبل!!...

لكن... الجيش العربي السوري يحسم الأوضاع عسكرياً في البلاد بسرعة قياسية وبعمليات نوعية قلبت الموازين لصالحه سريعاً، خصوصاً وأنه قد أبدى من الوحدة والتماسك والقدرة والإخلاص للرئيس الأسد، ما أسقط الرهانات الغربية - العربية السخيفة، وحطم أحلام المعارضة القذرة بتقسيم الوطن والشعب السوري.

» لبيك يا اسد....مضر جلال خيربك
» الاعراب ...مضر جلال خيربك
» نظام الفوترة... (3) :مضر جلال خيربك
» كفاكم يا سادة... مضر جلال خيربك
» كلمة حق ...بقلم : مضر جلال خيربك