القليل من الشجاعة لمنع الفتنة – غالب قنديل

القليل من الشجاعة لمنع الفتنة – غالب قنديل

غالب قنديل

احتفلت الصحافة اللبنانية ووسائل الإعلام في عناوينها الرئيسية صباح الاثنين بما وصفته نجاة مدينة صيدا من الفتنة التي افتعلتها جماعة الأسير يوم الأحد ويمكن بناء عليه وفي ضوء ملابسات الأحداث تسجيل النقاط التالية في معرض التحذير من خطورة أن تتكرر المحاولة.

أولا: من الواضح أن الحادثين اللذين وقعا أمنيا في صيدا لم يكن لهما أي طابع عفوي ولا هما حاصل احتكاكات عابرة فالشيخ أحمد الأسير أخذ المبادرة منذ أشهر لإثارة مناخ من الاحتقان من خلال التحريض المذهبي والشتائم التي تناول بها أطرافا وقيادات سياسية كبيرة بشكل استفزازي بادر إلى تصرفات استفزازية سواء من خلال قطع طريق الجنوب أو عبر التظاهرات والعراضات المتنقلة التي قام بها لتعميم خطاب مذهبي موتور.

ثانيا: أخفقت محاولات الأسير لاستدراج تصادم مذهبي بسبب القرار الصارم الذي اتخذته قيادتا حزب الله وحركة أمل بمنع الانزلاق إلى التراشق الكلامي أو الاحتكاك المباشر مع الأسير وجماعته ورغم ذلك يبدو واضحا مما وقع في صيدا يوم الأحد أن حكومة قطر التي تقف خلف الأسير قد مولته وزودته بالأسلحة بالتنسيق مع تيار المستقبل تحضيرا لفتنة على أبواب عاشوراء ومن خلال اتخاذ مراسم المناسبة الدينية وما يرافقها من يافطات وأعلام في بعض أحياء صيدا ذريعة لإشعال احتكاكات متفجرة ورغم تجاوب قيادة حزب الله مع الاتصالات الهادفة لاحتواء الموقف التي تحدث عنها وزير الداخلية فقد صمم الأسير على تنفيذ المخطط.

ثالثا: يتبين بالوقائع أن الحركات المذهبية الاستفزازية مدججة بالسلاح تمولها المخابرات القطرية والسعودية والتركية وهي مصممة ومستميتة في سعيها إلى تفجير فتنة دموية ولكن الخطير أيضا هو أن الآلة الإعلامية للمستقبل وقوى 14 آذار تقوم بتزوير الوقائع لتغذية الاحتقان المذهبي وهنا يقع التناغم مع المخطط الخارجي فعلى الرغم من كون اشتباك التعمير قد وقع بين التنظيم الشعبي الناصري وجماعة الأسير أصرت وسائل الإعلام المذكورة على الحديث عن معارك بين الأسير وحزب الله واكتملت عناصر تزييف الوقائع بالإخراج الركيك الذي اختاره وزير الداخلية مروان شربل في شرح ملابسات اعتداء الأسير وجماعته على حاجز لقوى الأمن الداخلي حتى يخيل لمن استمع لمعاليه أن الشيخ الهائج حمل إلى عناصر الأمن الداخلي ورودا لإرغامهم على ترك ابنه الذي أوقفوه بجرم مخالفة مشهودة واعترف الوزير بأنه غطى تركه خلافا للقانون.

رابعا: إن جماعات التكفير والتطرف المسلح التي تنتشر وتتواجد على الأرض اللبنانية ويحمل عناصرها الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية وما خفي أعظم من إرهابيين متعددي الجنسيات استقدمهم تيار المستقبل وسلحهم ومولهم لشحنهم إلى سورية فبقي بعضهم في لبنان وعاد آخرون مهزومين بعد معارك مع الجيش العربي السوري فنقلوا إلى أوكار للتدريب وللعمليات بهدف استعمالهم في لبنان.

هذا الواقع لا يواجه بسياسة بوس اللحى وبالالتفاف الكلامي على المشكلة، في الشمال كما في صيدا ينتشر الجيش وهو عرضة للاستنزاف من قبل هذه المجموعات الإرهابية المنظمة وبالتالي فعلى السلطات اللبنانية ، أن تقر خطة شاملة في مجابهة الإرهاب التكفيري والتطرف وعملاء المخابرات الخارجية الغربية والخليجية والتركية الذين ينفذون خططا أجنبية لإحراق لبنان كائنا من كانوا هذا هو السبيل الوحيد لحفظ الاستقرار أما كلام الوزير شربل عن الحوار في معرض التعليق على حادث صيدا فهو في غير محله إلا إذا كان القصد منه مكافئة الأسير على مخطط الفتنة بحجز مقعد له على طاولة الرئيس سليمان الحوارية.

إن الغالبية الشعبية اللبنانية ومن جميع الطوائف أكدت وبالتجربة رفضها للفتن ولكل تصرف عنفي أكان كلاميا أم مسلحا لأن الناس في لبنان يرفضون عودة الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي والمطلوب من المسؤولين القليل من الشجاعة لردع المخطط الخطير.

» مرحلة جديدة في مصر : غالب قنديل
» من وهم الإسقاط إلى خطة الاستنزاف – غالب قنديل
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل
» حول الحملة الخليجية – غالب قنديل
» الجوكر العثماني - غالب قنديل