سلخ لواء الاسكندرون... (4)بقلم : مضر جلال خيربك

سلخ لواء الاسكندرون... (4)

إعداد: مضر جلال خيربك

13 حزيران 1938

قامت اللجنة بإرسال برقية إلى السكرتير العام لمجلس عصبة الأمم المتحدة، أبلغته فيها عن أعمال الضغط التي مارستها السلطة التركية ضد العرب، والتي ترمي إلى إرغامهم على التسجيل في القائمة التركية أو التخلي عنه، وقد عمم السكرتير العام هذه البرقية في 13 حزيران 1938 على أعضاء جميع المجلس.

وعلى إثر موقف اللجنة المذكور، والذي يفضح تآمر فرنسا وتركيا على حرية الانتخابات وتزويرها لمصلحة الأتراك، فقد أعلنت فرنسا وتركيا قطع علاقاتهما مع اللجنة وطلبتا من مجلس العصبة استدعاءها، وأخذت الصحافة والإذاعة التركية تنتحل وتختلق الأكاذيب والأباطيل ضد اللجنة، وتتهمها بالتحيز للعرب ضد الأتراك.

وفي مثل هذه الظروف، وتحت وطأة الأحكام العرفية المطبقة على العرب حصراً دون الأتراك، استمرت اللجنة في أعمال تسجيل الناخبين، فأقدمت السلطة على توقيف مخاتير القرى وممثلي الطوائف العربية لدى مكاتب التسجيل، كما أوقفت الزعماء والشباب العرب، وملأت السجون بالمعتقلين، فاضطرت اللجنة الدولية إلى إغلاق مراكز التسجيل.

تقرير لجنة مراقبة الانتخابات:

أرسلت اللجنة الدولية تقريراً مفصلاً إلى السكرتير العام لعصبة الأمم جاء فيه:

1- وجَّه المندوب الفرنسي الكولونيل (كوله) دعوات إلى رؤساء الطوائف، يطلب منهم أن ينصحوا أبناء طوائفهم بالامتناع عن التسجيل، أو التسجيل بالقائمة التركية.

2- عيَّن في المناصب الإدارية أشخاصاً ينتمون إلى الحزب التركي فقط.

3- أوقف أعضاء المكاتب الانتخابية من ممثلي الطوائف وزعماء الأحزاب غير التركية.

4- خلافاً لقرار فرض الأحكام العرفية تركت حرية التنقل بين القرى لدعاة الحزب التركي دون غيرهم.

5- أوقفت الصحف العربية عن الصدور وسمح للصحف التركية بذلك.

23 حزيران 1938

بتاريخ 23 حزيران 1938 اتفقت فرنسا وتركيا على إدخال 2500 جندي تركي إلى اللواء للمشاركة في حفظ الأمن إلى جانب القوات الفرنسية.

29 حزيران 1938

غادرت اللجنة الدولية اللواء إلى لبنان ومكثت فيه ثلاثة أسابيع، أعدت فيه تقريرها النهائي الذي يتألف من 150 صفحة، ذكرت فيه جميع الأعمال التي قامت بها، والنتائج التي حققتها في عملية التسجيل، والتي أظهرت تفوق العرب عددياً وبشكل كبير على الأتراك، كما أوردت فيه أعمال الضغط والإرهاب والقمع التي مارستها السلطة التركية ضد العرب، ورفعت تقريرها إلى السكرتير العام لعصبة الأمم في 30 تموز 1938.

4 تموز 1938

بعد رحيل اللجنة الدولية عن اللواء جرت مباحثات بين فرنسا وتركيا، انتهت بالتوقيع على معاهدة صداقة بينهما بتاريخ 4 تموز 1938، تضمنت تعهد الطرفين بأن لا يدخل أحدهما في حلف ضد الآخر، وأن يعترفا باستقلال لواء الاسكندرونة، ويطبق النظام الموضوع له من قبل عصبة الأمم بمفردها، على أن يضمنا تفوق العنصر التركي فيه.

18 تموز 1938

شكلت لجنة عليا مشتركة: فرنسية تركية، للإشراف على الانتخابات، فقامت هذه اللجنة بإعادة النظر في الجداول الانتخابية التي نظمتها لجنة عصبة الأمم، فألغت قيد 2080 ناخباً عربياً، وأضافت 947 ناخباً إلى القائمة التركية وسمحت لـ 500 ناخب بالتصويت للقائمة التركية.ولم تجر انتخابات لأن القائمة التي رشحها الأتراك أعلن فوزها بالتركية، وقد نال الأتراك بموجبها 22 مقعداً في المجلس النيابي، وأعطي لبقية عناصر اللواء 18 مقعداً.

2 أيلول 1938

عقد مجلس اللواء (المزور) جلسته الأولى في 2 أيلول 1938، انتخب فيها عبد الغني تركمان رئيساً للمجلس، وطيفور سوكمن لرئاسة الدولة، وتشكلت الوزارة برئاسة عبد الرحمن ملك وأربعة وزراء جميعهم من الأتراك وليس بينهم عربي واحد، وأطلق على اللواء اسم (هاتاي).

وقد عملت (حكومة هاتاي) على إلغاء التعليم وكافة المعاملات الحكومية باللغة العربية، وتبني الليرة التركية كعملة رسمية، خلافاً للنظام الذي وضعته عصبة الأمم، وجعلت العطلة الأسبوعية يوم الأحد بدلاً من يوم الجمعة، وتبنت القوانين التركية.

وعلى الرغم من أن فرنسا وتركيا عملتا على تتريك اللواء بصورة تامة، وفرض السيطرة التركية عليه، وقطع كل صلة له مع سوريا الوطن الأم والعرب، فإنه بقي من الوجهة القانونية والدولية منطقة مستقلة، وبقي جزء من سوريا التي تدير شؤونه الخارجية، ويرتبط معها في العملة والجمارك والبريد، كما لم تعترف عصبة الأمم بكل الإجراءات والتغييرات التي أحدثتها فرنسا وتركيا باللواء، سيما وأنها مخالفة للقوانين والأنظمة التي وضعتها.وقد كان هذا الوضع غير المعترف به دولياً، يقلق تركيا، ويجعل وضع اللواء غير مستقر على المدى البعيد، فاستغلت تركيا الوضع المتأزم في أوروبا لضم اللواء إليها بصورة نهائية.

ففي عام 1939 أخذ شبح الحرب يخيم على أوروبا، إذ احتلت ألمانيا الهتلرية: النمسا وتشيكوسلوفاكيا في شهر آذار من عام 1939، وأصبح الرايخ الألماني مسيطراً على وسط أوروبا، وفي شهر نيسان من نفس العام، احتلت إيطاليا ألبانيا وأصبحت اليونان مهددة بالاحتلال أيضاً.

يتبع...

الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث

» سلخ لواء الاسكندرون... (1) بقلم: مضر جلال خيربك
» سلخ لواء الاسكندرون... (5)..اعداد : مضر جلال خيربك
» عيد شهيد!!... بقلم : مضر جلال خيربك
» باب الحارة!!!!! بقلم : مضر جلال خيربك
» كلمة حق ...بقلم : مضر جلال خيربك