نحن وأميركا: سوء تفاهم بين عشيقين!

نحن وأميركا: سوء تفاهم بين عشيقين!

21 فبراير 2015

نبيه البرجي
باراك اوباما قال بـ «اليد الناعمة» في الحرب ضد الارهاب. يد الام تيريزا ام يد انجلينا جولي؟
نحن لا نفهم اميركا واميركا لا تفهمنا. سوء فهم او سوء تفاهم بين…عشيقين!
حاجتنا الى اميركا هي حاجتنا الى القضاء والقدر. حاجتها الينا حاجتها الى الموالي. استراتيجياً تتعامل معنا هكذا، والا لماذا الشرق الآسيوي لكأنه شروق آسيا، والغرب الآسيوي لكأنه غروب آسيا؟ حتى الآن، لا احد سوى ادولف هتلر رأى فينا خللاً بيولوجيا، ولا نستحق البقاء. حيال هذه الغرنيكا من المحيط الى الخليج، هل من داع لبقاء العرب؟
كان المعلق الاميركي وليم سافاير يسخر منا كثيرا. يكتب بأظافره(التلمودية) عن العرب. آنذاك كان عدد سكان اسرائيل 4 ملايين نسمة. قال لو كان عدد سكانها 40 مليونا، اي ان تملأ كل تلك المساحة، لما بقي عربي في الشرق الاوسط. تغريبة بني هلال ام كنا رحلنا، ولكن حفاة هذه المرة، الى…الاندلس؟
في الحسابات الاميركية، كل اسرائيلي يوازي اقل بقليل من مئة مليون عربي. لا احد غافل عن هذه المعادلة التي يتمسك بها العرب اكثر مما يتمسك بها الاميركيون..
هل هي حقا مشكلة في التأويل؟ من زمان والذئاب تلاعب النص القرآني الذي طالما اعتبرنا انه من حمى اللغة، وحمى العرب، من الاندثار. تواضعا قلنا انها لغة الضاد لا لغة الله، وتحايلا قلنا انها لغة الضاد لا لغة الاضداد…
كل ذاك الحشد في واشنطن من اجل مواجهة ابي بكر البغدادي. الكلمات التي القيت جعلتنا نحسب اننا امام اسطورة. تلك التعبئة لم تحدث إبان الحرب العالمية الاولى ولا ابان الحرب العالمية الثانية. انها، اذاً، الحرب العالمية الثالثة ضد كائنات هبطت من كوكب آخر، والا كيف لستين دولة ان تجتمع هكذا وهي مدججة بالاسلحة وبالافكار؟..
من لا يعلم انها الكوميديا الاميركية. واشنطن هي التي تحدثت عن ارتفاع عدد المقاتلين الاجانب في سوريا(كل هؤلاء من اجل الديمقراطية والعدالة) الى عشرين الفاً. هل نزل هؤلاء بالمظلات، ام ان الاستخبارات التركية هي التي تستضيفهم قبل ان تنقلهم بالحافلات المكيفة الى الداخل السوري؟
الرئيس الاميركي يعلم بكل التفاصيل، وباستطاعته ان يزعزع السلطان العثماني في اي لحظة، لكنه يخشى إن اغاظ رجب طيب اردوغان او اثار الفوضى داخل تركيا ان يحدث اختلال دراماتيكي في توازنات المنطقة. بالعين المجردة تشاهد الخيوط الاميركية وهي تراقص حجارة الشطرنج، ثم تستضيفنا واشنطن من اجل وضع اطار استراتيجي لمكافحة الارهاب…
كلهم حلفاء الولايات المتحدة، او صنائعها، الذين اطلقوا العنان لتلك الجحافل من اجل اسقاط الانظمة التي تعتبر في المحور الآخر. في النتيجة، بدا ان ذلك الغول الايديولوجي الذي ترعرع داخل المجتمعات المقفلة، والصدور المقفلة، قفز فوق الجميع. بالتأكيد، لم يقفز فوق اميركا…
لاحظنا كيف كانت ارتال السيارات العسكرية تتوجه في العراء الى عين العرب (كوباني) من دون ان تشن عليها القاذفات غارة واحدة، ولاحظنا ماذا يحدث في الانبار وكيف وصل مقاتلو البغدادي الى بلدة البغدادي. الكوميديا العسكرية امام ناظرينا. ها ان واشنطن تقول لمن يهمه الامر انها من تقود الكرة الارضية، ولكن لماذا تقود العرب بالذات الى الفوضى؟ الفوضى العدمية تحديدا..
على هامش كتابه «الحرب الباردة» قال لنا الكاتب السياسي الفرنسي الشهير اندريه فونتين ان اميركا التي تضم جاليات من سائر اصقاع الدنيا تعتبر انها تختزل العالم (وربما العالم الاخر بعدما سأل ريجيس دوبريه ما اذا كان الله حصل على الجنسية الاميركية). وعلى هذا الاساس، يحق لها، اخلاقيا و»قوميا»، ان تكون مسؤولة عن العالم…
لماذا العرب بالذات هم الضحايا؟ برنارد لويس الذي يوجه، بافكاره، العديد من صانعي السياسات في واشنطن،رأى ان المشكلة فينا كوننا مازلنا على بداوتنا، ونرفض ان نغادر القاع العقائدي كما القاع التاريخي. قال لا مسافة بين النص و…العباءة.
فونتين اضاف «جدليا، كان يفترض ان يحكم العالم اميركا لا ان تحكم اميركا العالم». شيء ما جعل اميركا تتحول الى معجزة. القت بنا وحدنا في العجز، ولا تجد في دولنا سوى مستودعات للهنود الحمر، ودائما مع الاعتذار من الهنود الحمر…
تصوروا ماذا يحصل اذا رفع الاميركيون اقدامهم عن ظهورنا. هل يبقى هناك عرب؟ اضحكوا بسركم. اميركا سر بقائنا!!
الديار

» كيف نفهم “تفاهم” حمص
» آلاف الاشخاص ضحية العبودية في أوروبا وأميركا
» كسر شوكة «داعش» في العراق وأميركا تصاب بالخرس
» جنيف 2… مجرد توزيع أدوار بين السعودية وأميركا
» تفاهم حمص وحنق الغرباء