أنان : التقدم في سوريا محدود جداً:: ولدول الجوار دور مساعد

وفيما رحب كل من سليمان وبري بأنان وبالجهود التي يبذلها لايجاد حل سياسي سلمي للأزمة السورية، لوحظ أن هناك قناعة قد تبلورت لدى الموفد الدولي بأن التقدم الإيجابي على طريق حل الأزمة السورية وفق النقاط الست لمبادرته ـ خطته، ليس معزولاً عن المحيط السوري الذي "يجب أن يكون عنصراً إيجابياً مساعداً على تسريع الحلول وليس عاملاً سلبياً في تعقيد محاولات وضع قطار الحل على سكته الصحيحة".

ووفق مصادر لبنانية واسعة الإطلاع، فإنه جرى في بداية اللقاء بين سليمان وأنان استذكار فترة تولي الموفد الدولي الأمانة العامة للأمم المتحدة، حيث كانت له جهود استثنائية لحل الأزمات التي شهدها لبنان وتحديداً خلال عدوان تموز 2006، وفي تلك المرحلة، جرى أول لقاء بين أنان والعماد سليمان يوم كان الأخير قائداً للجيش والجميع يعرف الدور الحاسم لأنان في التوصل إلى إصدار القرار الدولي 1701 الذي بنتيجته يشهد الجنوب منذ ست سنوات هدوءاً ملحوظاً برغم استمرار الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً، وكان تأكيد من الجانبين على أهمية الحفاظ على الهدوء والاستقرار في الجنوب مع التنويه بالتنسيق القائم بين قوات "اليونيفيل" المعززة والجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني.

توضح المصادر لـ"السفير" أن الموفد الدولي "أبلغ المسؤولين اللبنانيين بأنه نصح الرئيس السوري بشار الأسد القيام بخطوات جريئة عدة لإعطاء رسالة مطمئنة للغرب، لأن ظاهرة طرد السفراء السوريين من عواصم غربية هي ظاهرة مقلقة وتطورها يعني الوصول إلى مواقف قاسية، ومن المؤشرات الإيجابية التي يمكن أن تقوم بها القيادة السورية، سحب الجيش السوري من بعض المناطق من دون أن يشكل انسحاب كهذا أي خطر عليه وإطلاق سراح الموقوفين في سجون النظام واستكمال الحوار حول النقاط الست لمبادرته".

وتابعت المصادر "أن الرئيس الأسد جدّد التأكيد على موقفه لجهة إصراره على المضي في الإصلاحات السياسية، وفق معادلة التوازن بين الاستقرار والأمن من جهة والحوار والإصلاح من جهة ثانية. وهذا يوجب وقف التدخلات الخارجية لأن وقفها يسهل المضي في تنفيذ النقاط الست واستمرارها يعقد الحل ويؤدي إلى تصعيد المواجهة".
وأضافت المصادر "أن المسؤولين اللبنانيين لمسوا أن كوفي أنان غير مرتاح لتطور الأوضاع وأراد القيام بجولة على دول الجوار السوري لحثها على المساعدة في إنجاح مهمته ومن هنا كان انتقاله من سوريا إلى الأردن ومن ثم لبنان وتالياً تركيا".

وأكدت المصادر "أن الموفد الأممي لم يحمل رسالة محددة إلى المسؤولين اللبنانيين لا من الجانب السوري ولا منه شخصياً. إنما ركز في حديثه على تقييم مهمته وأين أصبح في مساعيه، فهناك تقدم محدود حصل في مكان ما، وهناك أمور كي يتحقق فيها تقدم، تحتاج إلى جهود إضافية، كما أن كوفي أنان متخوّف من تطور سلبي قد تسلكه الأوضاع في سوريا وأن همه الأساسي هو الحد من الانحدار السلبي والبدء الجدي في حل الأمور العالقة وفق منهجية واضحة وتشجيع التوصل الى حلول سلمية".

ولفتت المصادر الانتباه إلى أن "المحادثات بين أنان والجانب اللبناني تطرقت إلى موضوع المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر في سوريا، وجرى الاتفاق على أن تبقى المفاوضات والمداولات في إطار السرية ضماناً لنجاح المساعي القائمة". وقالت المصادر "هناك مراقبون دوليون في سوريا يجولون على جميع المناطق السورية، وهناك غموض في موضوع المخطوفين اللبنانيين ناجم عن عدم وجود جهة محددة أعلنت مسؤوليتها عن خطفهم ليتم التحدث معها. ولكن المراقبين الدوليين بإمكانهم الحديث مع كل القوى الموجودة على الأرض وسؤالها عن الموضوع".
وشدّدت المصادر على أن "أنان لم يتحدث إطلاقاً عن فشل مهمته إنما لديه إصرار على متابعة مساعيه وجهوده التي وسعها لتشمل الجوار السوري، كما أنه لم يتطرّق إلى رسالة المندوب السوري لدى الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري بشأن تهريب السلاح من لبنان الى الأراضي السورية".

تضيف المصادر أنه جرى الحديث عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى حلول سلمية بعيداً من العنف، أي عدم تأجيج الوضع السوري لجهة العمل لمنع تهريب السلاح والمسلحين، وفي هذا السياق جرى التطرق إلى كيفية تقديم الحكومة اللبنانية المساعدة على هذا الصعيد. كما لم يجر التطرّق إلى موضوع النازحين السوريين الذي يتابع وفق الأطر الإنسانية المعروفة. كما أكد أنان وسليمان على أهمية نجاح المهمة الدولية "لأن البديل عنها المزيد من العنف برغم أن التقدم محدود جداً".

وقالت المصادر "إن رئيس الجمهورية جدّد موقف لبنان المؤيد لمبادرة كوفي أنان وللجهود التي يقوم بها وللحل السلمي للأزمة السورية. كما جدّد رفض لبنان لأي تدخل عسكري خارجي أو لأي حل وفق منطق العنف، خصوصاً أن غالبية الشعب السوري مع اعتماد الخيار الديموقراطي السلمي".

أما بالنسبة لمنع تأجيج الوضع السوري، فإن لبنان وعبر رئيس الجمهورية "أعلن صراحة أن لبنان لن يقبل أن يكون ساحة انطلاق لاستهداف سوريا أو أي دولة عربية شقيقة، كما أنه لن يقبل بأن يكون ساحة صراع أو متنفساً للأزمات ويكفيه ما مر به خلال عقود ماضية من حروب ودمار ودماء".

وتابع رئيس الجمهورية أن الجيش اللبناني يقوم بالتنسيق مع "اليونيفيل" البحرية بجهود مكثفة في مراقبة الساحل اللبناني لمنع تهريب السلاح إلى سوريا، وهذه الإجراءات نفسها تمّ اتخاذها على طول الحدود اللبنانية البرية الشمالية والشرقية وضمن أقصى الإمكانات المتوافرة.
وأكد رئيس الجمهورية "أن لبنان الذي يتألم لما يحصل في سوريا، لكونه عاش التجربة ذاتها، يؤكد على وجوب وقف العنف والبدء بحوار وطني ولا يريد إلا الخير والأمان والاستقرار لكل الأشقاء العرب وفي طليعتهم الشقيقة سوريا التي يرتبط معها جغرافياً واقتصادياً واجتماعياً".

بري ـ انان: قضية المخطوفين
ومن بعبدا، انتقل أنان الى عين التينة، حيث استقبله الرئيس بري بحضور مستشاره الإعلامي علي حمدان والوفد المرافق لأنان. وعلمت "السفير" ان بري أثار مع الموفد الدولي قضية الزوار المخطوفين، فأبدى انان استعداده للمساعدة في حل هذه القضية، ولكنه لم يحدد كيفية المساعدة.
وابلغ أنان بري انه يشارك اللبنانيين في مخاوفهم من تأثير الازمة على لبنان، وفي تقديرهم لخطورة هذه الازمة.

واكد انان انه يشجع لبنان على الاستمرار في سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها حيال الازمة في سوريا، الا انه من جهة ثانية أكد مضيه في مهمته وجهوده لتنفيذ خطته على اعتبارها السبيل الوحيد للمعالجة، مع اعترافه بالصعوبات الموجودة، مشيراً الى انه يسعى الى زيادة عوامل النجاح في هذه الخطة، وقال لبري "هناك مسائل أحرزنا تقدماً فيها وهناك مسائل ما تزال متعثرة وسنواصل بذل الجهد لمعالجتها".

داود رمال- السفير