نبيه البرجي: الكوميديا العثمانية

نبيه البرجي: الكوميديا العثمانية

08 أكتوبر 2014

نبيه البرجي

يسألوننا: ايهما تفضل خليفة على المسلمين، ابو بكر البغدادي ام رجب طيب اردوغان؟
لا خيار آخر امامنا ليس فقط لنشق طريقنا الى اقاصي الاخرة بل لنشق طريقنا الى اخر الدنيا. الآن ظاهرة الدفاع عن تنظيم الدولة الاسلامية من خلال الاستثارة العصبية لما تبقى من تلك العروبة التي طالما قلنا انها لم تعد تصلح علفا للدجاج…
كلام بعدما غادر يعرب بن قحطان التاريخ. يقال انه غادر قبره ايضا (فرانز كافكا تحدث عن حق اللجؤ الى… العدم)، وبعدما اضحى العرب مجرد خردة بشرية في مستودعات الامم..
يقول لنا منظّر عتيق «افضل ان يقطع البغدادي رأسي على ان احني رأسي امام اردوغان». يرى ان اي تحوّل في مسار التاريخ، وحيثما كان، لا بد ان يمرّ في تلك الحقبة الدموية الصاخبة. ذات يوم، لا بد ان توضع السواطير جانبا، ولكن هل يمكن ان توضع اللحى جانبا، وقد لامسنا ذلك القول للفرنسي اوليفييه روا « يقول القرآن ما يدّعي المسلمون انه يقوله».
ها انكم امام جيش جرار وتليق به قصائد عمر بن كلثوم. لا احد يستطيع ان يقف في وجهه. الجنرالات في العراق يهربون وهم حفاة او في زي النساء، الدبابات في سوريا لا تستطيع الصمود امام سيارات البيك آب، حتى ان البيشماركة التي درّب ضباطها الاسرائيليون (ولا نملك دليلا على ذلك) والتي طالما اثارت ذعر العرب وقادة العرب، تبدو وكأنها فيلق من الورق.
هكذا يقال الآن، ويقال ايضا انه السوبرمان العربي الذي لا ندري لماذا اختار اسم» الخليفة ابراهيم»، فهل حصل ذلك لكي يغازل او لكي يصالح او لكي يغوي الاسرائيليين الذين نتحدر وإياهم (لمن يشاء) من الدوحة الابراهيمية (ام الملحمة الابراهيمية؟).
ويقال لنا «لاحظوا كيف دق ابواب اربيل، وكان على مسافة خطوات منها، فتدخل قاسم سليماني الذي بدوره يزدري العرب وكل ما يمت بصلة الى العرب، ليدافع عن المدينة و يحاول تكريس الوصاية الايرانية – التركية علينا. ولاحظوا كيف انه هو من حال دون قيام دولة كردستان في العراق، ولم يعد يظهر مسعود البرزاني على الشاشات بعدما كان يصول ويجول امام بغداد قبل ان يسقط امام البغدادي، وهو يمنع الآن ظهور كردستان السورية، اذ ان «عين العرب» ستبقى عين العرب ولن تعود كوباني في حال من الاحوال».
ويقال ايضا وايضا: «أليس ابو بكر البغدادي الذي يهز العروش الهرمة ويضع حدا لثقافة الديناصورات، ويجتاح الجمهوريات العرجاء، والعمياء، ويعيد تسويق العربية الفصحى في آسيا الوسطى وفي القوقاز، ويزرع الرعب في صدور الصليبيين الذين يستنزفون حتى عظامنا وحتى عظام آبائنا؟».
منظرون ويدعون علنا او خفية الى الالتحاق بـ«داعش»، ودون التوقف عند ظاهرة قطع الرؤوس، فهل ان الساطور اكثر همجية من صاروخ التوما هوك او من القاذفة «اف-25». هذه ظاهرة تأسيسية وامر بها الله عز وجل عندما يحدق بنا الكفار و المشركون من كل حدب وصوب…
احدهم لا يتورع عن وصف البغدادي بـ«مسيح العرب»، وينصحنا بأن نحدق في صورته جيدا. يختلف عن «مسيح النصارى» بأنه يحمل السيف بدل غصن الزيتون، وهو من يصلب يوضاس لا من ان ينتظر ان يباع بثلاثين فضة..
كثيرون لا يقنعهم هذا الكلام، لكنهم يقتنعون حتما بأن ابا بكر البغدادي اقل غطرسة، واقل مراوغة، واقل زبائنية من «نظيره» التركي.
الآن، الكوميديا العثمانية في ذروتها. اردوغان يستدعي قوات حلف شمال الاطلسي الى بلاده، فيعلن امين عام الحلف ينس شتولتبرغ الاستعداد لـ«حماية حدود تركيا من اي هجوم». السيد التركي الذي لا يعرف ان يَضحك يعرف ان يُضحك. ممن يخاف الباب العالي؟ من الجيش العراقي الذي تقطعت به السبل في الصحارى ام من الجيش السوري الذي يستنزف من اجل تحويل دمشق الى ضاحية لاورشليم او لاسطنبول، ام من البيشماركة التي صدمت حتى الاكراد بهشاشتها؟
اردوغان خائف من «داعش». هل تناهى الى الرجل ما قاله جو بايدن؟ وهل حقا ان نائب الرئيس الاميركي سقط في تلك اللحظة الفرويدية حين اتهم انقرة بدعم «داعش»، فيما كانت واشنطن تعلن رفضها تنفيذ خطة اردوغان باقامة مناطق عازلة ليس فقط لانها تدرك العواقب الاستراتيجية لذلك، بل لانها تدرك ما يبتغيه الرجل، اي وضع اليد على شمال سوريا وعلى شمال العراق وصولاً الى شمال لبنان وهو الذي لعب وتلاعب في كل الاتجاهات..
الكوميديا العثمانية بكل وجوهها. ولا ندري لماذا تخشى الانظمة العربية اردوغان الى ذلك الحد (لا بأس فهي تخشى حتى من ظلها)، حتى ان وسائل الاعلام التابعة لهذه الانظمة وصفت ان هجومه المثير للاستهجان، ومن نيويورك، على عبد الفتاح السيسي بـ«الهفوة» (وتصوروا). يا جماعة حين يتهم رئيس اكبر دولة عربية بالديكتاتورية و باغتصاب السلطة؟
من يستطيع ان يقول للباب العالي ان يعقل و يتعقلن ولو لهنيهة بعد كل تلك الانتهازية القاتلة والتي لم تأت اليه الا بالفشل تلو الفشل، وبالفضيحة تلو الفضيحة، وحين نقول لا لابي بكر البغدادي، وهو العربي، نقول الف لا لرجب طيب اردوغان وهو العثماني و السلجوقي و هلمجراً…
على امل ان نخرج، ولو عراة، من مستودعات الامم!
الديار

» نبيه البرجي: فانتازيا !!
» نبيه البرجي: أشباح !!
» نبيه البرجي: عام المائة عام
» نبيه البرجي: انا الخليفة !
» نبيه البرجي: القنبلة الإيرانيّة