مقاربة تحليلية للكاتب فيسك.. حقيقة الإعلام السوري في الأحداث الميدانية
31/08/2012
شوكوماكو | وكالات
فى قراءة موضوعية للمشهد الإعلامي السوري الذي يشهد تحولات بنيوية مهمة انعكست في تغطيته المتطورة للأحداث التي تشهدها سوريا قدم الكاتب الصحفي روبرت فيسك مقاربة تحليلية لمضمون الإعلام السوري توصل من خلالها لنتيجة مفادها أن هذا الإعلام اختار الجرأة في قول الحقيقة كما هي والمصداقية المدعومة بالوثائق القادمة من الميدان لمواجهة كم الفبركة والتضليل الكبيرين الذي يشوب تغطية الإعلام المضاد للمشهد السوري.
فيسك انطلق فى تحليله الذي ضمنه في مقال نشرته صحيفة "الاندبندنت" اليوم بعنوان "وزير إعلام يريد تقديم الحقيقة" من دلالات اختيار محلل سياسي ليقود الإعلام السوري في مرحلة حساسة تتعرض لها الحقيقة في سوريا إلى الكثير من التشويه والتضليل حتى يتسنى له التمتع بالمرونة الكافية للتعاطي مع المستجدات السياسية بأفق مفتوح معتبراً أن مواكبة رأس الهرم الإعلامي السوري ممثلاً بوزير الإعلام عمران الزعبي للأحداث فور وقوعها وتقديم التعليقات الأولية عليها بجرأة ووضوح وتوجيه الرسائل القاسية لأعداء سوريا اقترب بالإعلام السوري مجدداً من المصداقية التي يحتاجها.
وقال فيسك أن المشاهدين السوريين لم يعتادوا الكلام المباشر من هذا النوع من أركان الدولة وأيضاً هذا الرتم القوي لرأس هرم عمليات وسائل الاعلام الحكومية الذي تحدى أعداء سوريا عندما حاول مسلحون اقتحام مدينة دمشق بالقول "إنهم يدعون هذه المعركة معركتهم الأخيرة.. نعم أنا أوافق أنها المعركة الأخيرة وسوف يخسرون".
وفي معرض تدليله على انتقال الإعلام السوري من لغة الخطاب إلى لغة الصورة الصادقة دعا فيسك من يريد الاطلاع على حقيقة الأوضاع في سوريا وتضحيات الجيش السوري إلى متابعة التلفزيون السورى ليروا بأم أعينهم هذا الجيش وهو يشق طريقه عبر شوارع دمشق العاصمة ويشاهدوا تضحياته ويعاينوا أمامهم جندياً سورياً مصاباً بجروح بالغة ملقى في الشوارع الضيقة لمدينة حلب وهناك اثنان من رفاقه يحاولان تضميد جراحه.
ويرى فيسك أن تعيين الزعبي وزيراً للإعلام من قبل القيادة السورية في هذه الظروف يهدف إلى تحويل التلفزيون السوري إلى مصدر موثوق للمعلومات حيث بدأنا نرى مراسلين شبانا يرتدون خوذاً زرقاء وستراً واقية من الرصاص تحمل علامة صحافة تشبه تلك التي يستخدمها الصحفيون في الغرب ويقدمون تقاريرهم الميدانية الحية من حلب.
وقال فيسك إن "الزعبي محلل سياسي من نوع نادر داخل الحكومة السورية يقود الإعلام السوري في تجربة تبدو شبيهة بما تعتمده احتكارات إعلامية كبرى مثل سى إن إن"عندما تلجأ إلى المحللين السياسيين والكتاب البارزين لقيادة عملياتها الإعلامية وخاصة أن وزير الإعلام السورى الجديد يصرح أنه "من المؤمنين بالحرية والانفتاح" من المبنى الذى كان يعد بالنسبة لمراقبي المشهد الاعلامي السوري أنه معبد للحقيقة بمعنى أنه لا وجود للرأي المخالف.
وقال فيسك إن الزعبي يؤكد "أنه لا يمكن إخفاء أي شيء وإنه لا يوجد أي مبرر لإخفاء أي شيء" فقد اعتاد الناس على الوقائع الحقيقية الآن وأصبح المطلوب فعلاً نقل ما يحدث فى الشارع على الشاشة "فالناس اليوم لديهم الكثير من الخيارات ليعرفوا ما يجرى ولذلك علينا قول الحقيقة إذا أردنا أن نكون ضمن خيارات الجمهور" ونحن لا نريد منع الناس من مشاهدة القنوات الأخرى لكن "نريدهم أن يكونوا قادرين على أخذ قرارهم بنفسهم".
ولفت فيسك إلى أنه من المؤشرات الجدية والواضحة على التحول فى ألية تفكير وإدارة الإعلام السوري الدعوة التى وجهها وزير الإعلام إلى المعارضة السورية بالقول "أوجه دعوة مفتوحة إلى المعارضة السورية للظهور على الشاشة السورية" إذ أنه في المراحل السابقة كان هناك "فيتو" حول من يستطيع الظهور على الشاشة وقد ألغى هذا الفيتو وكان هناك بعض العقليات التي أصبحت معتادة على القواعد القديمة واستغرق دفعهم نحو مزيد من الانفتاح والحرية قليلاً من الوقت".
ولخص فيسك جوهر الحرب الإعلامية الدائرة في سوريا مستندا لما يقوله الوزير الزعبي بشكل صريح "نحن لا نريد وسائل إعلام كاذبة والفرق بيننا وبين وسائل الإعلام الأجنبية أننا نقول الحقيقة لكن بطريقة فجة وغير متطورة وهم ماهرون في تسويق أكاذيبهم بطريقة جميلة".
وختم فيسك بالقول إنه مع هذا الانفتاح الذى يشهده الإعلام السوري إلا أن هناك أدواراً لم يأخذها بعد إذ لا يمكن أن يقوم التلفزيون الحكومي بالتحقيق فى الأعمال التي تقوم بها أجهزة الأمن أو التحقيق في حجم الأضرار المباشرة الناجمة عن القوة النارية للجيش السوري.