المكرمة الملكية.. الشق الثاني من عملية «ستاركو»

المكرمة الملكية.. الشق الثاني من عملية «ستاركو»

حمزة الخنسا
لم ينتظر الرئيس ميشال سليمان طويلاً للإفصاح عن الخطوة التالية لعملية اغتيال الوزير محمد شطح في ستاركو. أكمل سليمان في خطابه غير المنتظر والآتي على عُجالة، عرض الفاتورة السياسة الواجب على المقاومة دفعها ثمناً لاغتيال سياسي اتُهمت به.
ظهر رئيس الجمهورية بخطاب ظن اللبنانيون أنه سيحمل موقفاً من الأحداث الدامية التي تلت عملية الاغتيال، وتطاول زعران تيّار المستقبل على مقام مفتي الجمهورية داخل مسجد الخاشقجي. لكن الرئيس النائي بنفسه عن المصلحة الوطنية، و”الناوي” على التجديد أو التمديد، خرج علينا بـ”مكرمة” ملكية سعودية قوامها 3 مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني لتمكينه من القيام بمهامه وإمساك زمام الأمور العسكرية في البلد.
قال سليمان في كلمته المتلفزة “يسرّني أن أبلغ الشعب اللبناني أن العاهل السعودي سيقدم مساعدة بمقدار 3 مليار دولار مخصّصة لتقوية قدرات الجيش”. ومما زاد سرور الرئيس أن “المساعدة السعودية ستسمح بتسليح الجيش من قبل الجانب الفرنسي”. إذاً هي مساعدة مالية سعودية مشروطة ببند واضح يجبر اللبنانيين على صرف المكرمة الملكية السعودية في جيوب فرانسوا هولاند الذي زار الرياض والتقى حليفة الأول الملك السعودي.
جيّر سليمان هذا “الإنجاز التاريخي” لمصلحته، ووضعه في إطار إنجازات عهده. لكنه كان واضحاً حينما أشار الى أن “مكرمة جلالته” ستمكّن الجيش من آداء مهامه على كافة الأراضي اللبنانية. حاول الرئيس القول إن هذا “العطاء الملكي” وعبر تقوية الجيش، سيبثّ الروح في “إعلان بعبدا”، وتصوّره للاستراتيجية الدفاعية التي ستحل محل سلاح المقاومة، في إنشاء مظلمة أمان للبنان.
من الرائع أن يُموَّل الجيش اللبناني ويُسلّح. ومن المثلج للصدور أن يصير الجيش اللبناني قادراً على مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية على السيادة الوطنية وردعها. لكن توقيت الإعلان عن الدعم السعودي للجيش اللبناني يثير الريبة. فريق 14 آذار استثمر دماء شطح وطالب بحكومة على هواه ثمناً له. فهل يكون إعلان بعبدا الجديد الشق الثاني من الاسثتمار الكبير لعملية اغتيال شطح. وهل تكون هذه العملية الباب السرّي في القصر الجمهوري الذي سيدخل سليمان من خلاله ليتربّع على كرسي بعبدا لولاية أخرى، هذه المرة عبر تمويل سعودي على شكل أسلحة للجيش اللبناني.
صحيح أن تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتمكينه الاضطلاع بفعالية بكامل مهامه، مطلب وطني جامع و حلم يراود كل لبناني، يتطلع الى اليوم الذي يكون فيه الجيش قادراً على صون السلم الأهلي والوحدة الوطنية ومواجهة الإرهاب وضبط فوضى السلاح المتفلّت في الداخل، والأهم مواجهة إسرائيل وردعها.
لكن، هل ستسمح المكرمة السعودية بتسليح الجيش اللبناني بأسلحة تعتبرها إسرائيل كاسرة للتوازن الاتسراتيجي؟ ولو أحسنّا الظن ب المملكة، هل ستوافق باريس على تزويد الجيش اللبناني مثلاً، بصواريخ مضادة للطائرات الحربية الإسرائيلية؟ أو هل ستزوّده بمدافع متطوّرة يصل مداها الى أهداف إسرائيلية داخل أراضي فلسطين المحتلة؟ أم هل سيقتصر الأمر على ذخائر ووسائل نقل وبنادق فرنسية لا تؤثر على التفوّق التسليحي الإسرائيلي، إن دفاعاً أو هجوماً؟
وفيما تتوالى ترحيبات أعضاء فريق السعودية في لبنان، بقرار الملك عبدالله، تعزيز قدرات الجيش اللبناني، من المفيد إنعاش ذاكرتهم بالمبادرة التي أطلقها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد خلال زيارته الى لبنان في في تشرين الأول عام 2010، عندما أعلن استعداد الجمهورية الإسلامية لتسليح الجيش اللبناني بأحدث الأسلحة ومنظومات الدفاع الإيرانية المتطوّرة. وعرض أيضاً تقديم دفعات مجانية من الأسلحة والذخائر التي يمكن الاستفادة منها في أية مواجهة مقبلة مع إسرائيل، فضلاً عن مساعدات مالية وخدماتية مباشرة للحكومة اللبنانية في هذا الإطار. وعرض أيضاً أن تموّل حكومة بلاده مشتريات الحكومة اللبنانية من الأسلحة والمنظمومات الدفاعية وأنظمة الإتصالات، وتدريب الجيش اللبناني‮ ‬على استخدام الأحدث في هاذ المجال.
رفضت الدولة اللبنانية آنذاك كل العروضات الإيرانية. هي ليست جاهزة لاتخاذ قرار تجهيز الجيش وتسلحيه وتدريبه على يد إيرانية. فنظامنا السياسي ومؤسساته يستقبل الـ”هامر” والـ”أم 16″ من أميركا حصراً، وبحفلات تسليم ترعاها السفارة الأميركية في بيروت.
لنتصوّر المشهد بعد المكرمة السعودية: الجيش اللبناني مموّل سعودياً، وبالتالي فقد يصبح سعودي العقيدة القتالية. وبعد تعزيز قدراته، سيصبح سلاح المقاومة تحت إمرة الجيش اللبناني المسَعوَد. حينها فقط يمكن لأميركا أن تأمر البلاط الملكي السعودي أن يطلب م قيادة الجيش اللبناني عدم الرد على أي اعتداء إسرائيلي جديد قد يتعرّض له لبنان، بل مقاومته.
لطالما كان لعمليات الاغتيالات في لبنان أهداف سياسية يعمل الفريق المستفيد منها على تحقيقها. لكن يبدو أن عملية ستاركو هي الأكبر من حيث الأهداف المرجوة منها. لم تستسلم السعودية بعد، وهي أرادت تسخين الأجواء الأمنية بعد السياسية في لبنان. التسويات الشغّالة في الإقليم ليست على هواها. خطة ستاركو لن تمر. صنّاع القرار في الصحراء يدركون ذلك، لكن لا همّ إن تفجّر لبنان بأيدٍ رئاسية لبنانية.
سلاب نيوز

» مشاريع التوسعة في مكة المكرمة : اهتمام ديني أم هدم للتاريخ ؟
» اذا دمروا مكة ، زال حكم آل سعود ..اوقفوا هدم مكة المكرمة !!
» أوباما الأول والأسد الثاني .. وأوباما الثاني والأسد الثالث ...‎بقلم: نارام سرجون‎
» أوباما الأول والأسد الثاني .. وأوباما الثاني والأسد الثالث ...‎بقلم: نارام سرجون‎
» بالفيديو.. لحظة وقوع انفجار “ستاركو” مباشرة على هواء ” قناة المستقبل”’ يصدم المذيعة وضيفها! .