حسن روحاني ، علامات استفهام

حسن روحاني ، علامات استفهام

حسن روحاني ، علامات استفهام Mepanorama1920

أحمد الحباسى تونس
هناك مفهوم شائع يتعلق بما يسمى بالصقور و الحمائم في إيران ، في عرف السياسة لا يوجد مفهوم بهذا الاسم ، في إيران لا يوجد حمائم و لا صقور ، و لا معتدل و متشدد ، هذه فقط أخطاء ” إعلامية ” تناقلها البعض دون سبب ، الحقيقة أن إيران دولة لها سياسة و خط سير أو ما يسمى بخارطة طريق يسير عليها الجميع و من يصعد إلى سدة الحكم عليه تنفيذها بكل الأساليب السياسية المتاحة و دون الخروج عن الخط العام للسير المحدد سلفا من المؤسسة الدينية ، ما نشاهده من اختلاف في نبرة و لهجة الخطاب الإيراني بين السيد أحمد نجاد و السيد محمد خاتمي مثلا هو اختلاف في الأسلوب و ليس اختلافا على المشروع الإيراني .
يعتبر السيد روحاني المرشح الوحيد من المؤسسة الدينية الذي فاز في الانتخابات الرئاسية السابقة ، و قد أشرف في السابق على المحادثات النووية بين إيران و الغرب ، و تولى منصب مدير المجلس الوطني الأعلى للأمن ، و هو الممثل للسيد على خامنئى في المجلس الأعلى للأمن القومي ، تعمدنا نقل هذه التفاصيل القليلة المهمة لنؤكد أن الرجل كان جزءا من منظومة متكاملة تدير السياسة الإيرانية و كان ينفذ بالتالي سياسة إيرانية طويلة المدى منذ نجاح الثورة الخمينية بالإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوى ، و بهذا المعنى فان دخول الرئيس روحانى المفاوضات مباشرة مع الشيطان الأكبر ، على اعتبار أن البقية في الغرب مجرد كلاب تابعة ، هو تنفيذ مباشر لتعهده الانتخابي و مسايرة واقعية للسياسة الدولية ، و تخطيط مسبق من القيادة الدينية الإيرانية ، و بالتالي فان نجاح هذه الخطوة كان مثار مباركة واضحة من أعلى هرم هذه المؤسسة .
يلاحظ المتابعون أمران على غاية من الأهمية ، الأول ، الارتباك السعود المعلن تجاه الاتفاق بين إيران و مجموعة 5 زائد 1 الغربية ، بما يعنى أن هذا الاتفاق المبدئي على الأقل قد نزع عن السعودية شماعة و سببا من أسباب ما توجزه بالخطر النووي الإيراني ، مع أن القنبلة النووية الصهيونية على بعد أمتار من القصر الملكي منذ سنوات ، و أصبحت السياسة السعودية “عارية” تماما أمام الرأي العام العربي بالذات ، بل أن هذا الارتباك يدفع الجميع إلى الاعتقاد بكون السعودية لم تكن تريد حصول اتفاق حتى تبقى الذريعة صالحة ، و بذلك فقد فقدت الدبلوماسية السعودية ورقة التوت التي كانت تتخفى وراءها للتصويب على إيران في كل المناسبات الدولية .
الثاني ، أن إسرائيل اليوم هي الطرف الوحيد في المنطقة العربية الذي يملك السلاح النووي، بما يعنى أن هذا الكيان الغاصب قد أصبح مدار الاهتمام الدولي ، حتى لو كان الأمر باحتشام مبالغ فيه ، و من هنا يمكن التأكيد أن الصهيوني قد فقد أيضا ذريعة من ذرائعه الكثيرة لمواصلة إرباك المنطقة على اعتبار أن الهجوم على إيران اليوم لم يعد له مبرر ، و غير مقبول دوليا ، هذا ما يقوله لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي و أكثر الناس عداءا لإيران ، لذلك فالسيد روحاني قد تمكن من ضرب عصفورين مهمين في المنطقة بحجر واحد و هو ما يدفع المتابعين إلى التساؤل التالي ، لماذا أصر الرجل على هذا الاتفاق في هذا الظرف بالذات ؟.
يدرك السيد روحاني أن خروج سوريا من الأزمة في أسرع وقت هو انتصار تاريخي بكل المقاييس ، و يعلم الرجل أن هناك محاولات خليجية فرنسية تركية لإنهاك النظام السوري لدفعه إلى تنازلات مؤلمة مقابل وقف نزيف الدم الذي ترتكبه الجماعات الإرهابية ، لذلك كان من المهم أن يتجه رأسا إلى المحاور الوحيد الذي يحرك كل خيوط اللعبة في المنطقة و هو الولايات المتحدة الأمريكية ، هذه الحركة و المناورة كان هدفها المعلن هو البحث عن اتفاق حول الملف النووي ، لكن هذا الأمر و لئن كان العنوان البارز في المباحثات فان المتابعين يدركون أنه لم يكن المحور الوحيد ، و أن إيران لم تكن تقبل بالدخول في هذه المفاوضات الآن بعد أن تبين فشل العقوبات الاقتصادية نهائيا في الإطاحة بالنظام و بالمشروع النووي لو لم يكن هناك خطوط عريضة للتفاهم الدولي حول أهم القضايا الساخنة في المنطقة ، بل أنه من المهم التأكيد أن سوريا لم تكن تقبل بنزع السلاح الكيمائي لولا الطلب الإيراني و التأكيد الروسي بنهاية الأزمة حتى يتم عزل الأطراف العميلة المشاركة إقليميا في هذا النزاع الدموي.
ماذا يعنى التصريح الإيراني باستعدادها لمباركة أي حوار بين سوريا و تركيا و مع كل الدول في المنطقة ؟ ما يلاحظه الجميع أن هذا التصريح في هذا التوقيت بالذات قد أربك كل المتابعين للشأن السوري ، لكنه تصريح مهم و متوقع و مدروس بعناية ” إيرانية” فائقة و يأتي طبعا في سياق ارتدادات و تفاعلات الاتفاق النووي مع الغرب ، يعنى أولا أن “أصدقاء” سوريا قد خسروا معركة إسقاط النظام السوري و بالتالي فهم مقتنعون غصبا بالتعامل مع الرئيس الأسد ، يعنى ثانيا أن هؤلاء مطالبون بإرجاع “الحالة” إلى ما كانت عليه قبل الغزو ” الجهادي” و من ذلك رفع العقوبات الاقتصادية والرجوع في كل “القرارات ” ذات الصلة بالنزاع في سوريا ، الاعتراف بمسؤوليتهم الكاملة في انتهاك دولة ذات سيادة ، إيقاف المساعدات للجماعات الإرهابية المسلحة ، الاعتراف بالدور السوري في لبنان و تسهيل عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، تحمل أعباء إعادة تعمير الخراب في سوريا و تعويض المتضررين من هذه الحرب .
في هذا السياق بالذات لاحظ المتابعون أن التصريح الإيراني في سوريا قد أتى بعد اللقاء بين بعض المسؤولية في الحكومة الإيرانية و التركية و بين المسئولين الإيرانيين و المسئولين العراقيين ، بما يعنى أن إيران قد تباحثت مع أنقرة و بغداد ، بما يعنى أيضا أن الولايات المتحدة قد أعطت الإشارة الخضراء لحليفها التركي بالقبول بالطرح الإيراني ، بما يعنى بالضرورة أن الأتباع في الخليج مجبرون على الجلوس مع الأسد ، بما يعنى حتما أن مؤتمر جينيف 2 ستحضره إيران باعتبارها المحور الذي تدور في فلكه كل الدول المدعوة الأخرى و ليس العكس ، بما يجرنا إلى الاعتقاد أن إيران هي من تدير لاحقا عناوين المرحلة في الشرق الأوسط ،و أن الخاسرين مجبرون على القبول بنتائج هذه الخسارة في سوريا .

حسن روحاني ، علامات استفهام

» رسالة من الرئيس الأسد للرئيس روحاني .. الرئيس روحاني: العلاقات الراسخة بين الشعبين لايمكن لأي قوة بالعالم ان تزعزعها
» شيفرة الشيخة موزة .. تمحو علامة استفهام كبيرة حول فوز قطر بتنظيم كأس عالم 2022.
» علامات قيام الساعة في الفكر الإسلامي
» كيف أصبح حسن روحاني رئيساً ؟
» مهمة أوباما بمنظور روحاني