مذبحة الغوطة الشرقية و اصطياد النمس..طقوس الانتحار الجماعي

مذبحة الغوطة الشرقية و اصطياد النمس..طقوس الانتحار الجماعي

كم كنت أشعر بالألم في بدايات الأحداث عند رؤية جثث ( مقاتلين ) سوريين قتلوا في معارك مع الجيش العربي السوري! حزن يعتصر قلبي لأنهم ماتوا في المكان الخطأ لأجل هدف خاطئ! كم كان هؤلاء ليذيقوا الصهاينة في أي حرب تحرير قادمة ! فقط لو أن هذا الحماس و الرغبة بالقتال كانا موجهان نحو الجولان و فلسطين…لا صوب دمشق و حلب و حمص و درعا! لكن مع مرور الأيام و وصولي لقناعة مفادها أنهم صم عمي بكم لا يفقهون و أن آلة الإعلام النفطي و الفتاوى الناتوية لم تغسل أدمغتهم فقط بل قامت باستئصالها و زرعت أجهزة تحكم عن بعد عوضاً عنها تعمل على ترددات الجزيرة و العربية و اهتزازات سعود الفيصل!
بت أنظر إليهم على أنهم أصيبوا بفيروس حولّهم إلى زومبيات تماماً كما هو الحال في سلسلة أفلام ( ريزيدنت إيفل ) الذي تتمحور أحداثه حول شركة عالمية كانت تطور فيروساً يحول البشر إلى آكلي لحوم البشر قبل أن يقع حادث ضمن مختبراتها و ينتشر الفيروس حول العالم ! و لا سبيل لنجاة من بقي سليماً سوى بقتل كل من أصابتهم العدوى حتى و لو كانوا من أقرب المقربين قبل إصابتهم!
بعيداً عن البروباغاندا الهوليوودية…هذا هو واقع الحال اليوم في سورية , فصحيح أنهم يمشون على قدمين و يتحدثون و يضحكون و يذرفون الدموع مثلنا…إلا أنهم في الحقيقة لم يعودوا مثلنا , و لا يوجد فعل واحد يقومون به يستدل منه أنهم لا زالوا بشراً يستحقون منا التعاطف و التسامح بعد أن وصلنا إلى نقطة اللاعودة كما كان يحلوا لمنظريهم القول بعد خروج المظاهرات الأولى!
و ما حدث في الأيام القليلة الماضية على جبهة الغوطة الشرقية يصب في خانة تأكيد ما ذكرته آنفاً…ففي الوقت الذي كان مسؤولو الغرب يتسابقون من جهة لالتقاط الصور مع نظرائهم الإيرانيين في حفل الاعتراف الدولي بإيران كقوة إقليمية عظمى و من جهة أخرى يتراكضون لفتح القنوات الدبلوماسية مع القيادة في دمشق من فوق الطاولة و من تحتها لضمان مقاعدهم في المسرح العالمي الجديد.. كان مئات من زومبيات ما يدعى ( الجيش الحر) و ( جيش الإسلام ) يلاقون مصيرهم المحتوم على أيدي فرق التطهير الفيروسي السورية فيما أسموه ( معركة الفرقان ) و هي فعلاً كانت كذلك…لأنها فرقت ما بين الإرهابي الميت و الإرهابي الذي ما زال على قيد الحياة إلى حين.هذه المرة هي فعلاً مذبحة قام بتنفيذها عناصر الجيش العربي السوري و القوات المسلحة بحق المئات من روبوتات آل سعود المسيرين عن بعد!عندما اطلعت على مجريات ( مذبحة الغوطة الشرقية ) تبادر إلى ذهني في بداية الأمر معركة كورسك ( أو عملية القلعة كما أسماها هتلر ) التي جرت في أواسط العام 1943 ما بين القوات الألمانية و السوفييتية , كونها كانت آخر محاولات الجيش الألماني لاستعادة زمام المبادرة الإستراتيجية التي فقدها بعد هزائمه في موسكو و ستالينغراد أمام الجيش الأحمر من خلال شن هجوم شامل على محور كورسك بهدف كسر الطوق الذي شكلته القوات السوفييتية قبل أن تتحول هذه العملية إلى كارثة قضت على أحلام الرايخ الثالث نهائياً عندما استطاعت الجيوش السوفييتية استيعاب الهجوم الألماني و إيقافه و من ثم القيام بهجوم معاكس أدى لانهيار خطوط الألمان و تكبدهم خسائر أقل ما يمكن القول عنها أنها فادحة ( ما يقارب 500 ألف جندي و ضابط بين قتيل و جريح و أسير – 1500 طائرة – 3 ألاف مدفع )…هذا في بداية الأمر , لكن شتان ما بين معركة ( القلعة ) و ( الفرقان ) و ما بين مجاهدي النكاح و الجنود الألمان و ما بين الفيلد مارشال (مانشتاين ) و المدعو ( زهران ..)!! و ما بين فرقة ( جروس دوتشلاند ) و ( لواء الرضوان ) !! لذلك تراجعت عن هذا التشبيه فمن غير اللائق إطلاقاً إهانة الألمان بهذا الشكل!!
إن التكتيك القتالي الذي استخدمه قادة روبوتات بندر ( إن جازت تسميته تكتيك ) يشابه إلى حد بعيد الأساليب القتالية لجيوش الفترة النابوليونية …و هي أساليب لا أستطيع منع نفسي من الضحك كلما قرأت عنها في كتب التاريخ العسكري أو شاهدت برنامجاً وثائقياً حولها..فإلى اليوم لا أستطيع أن أفهم السبب المنطقي أو الفائدة من وراء دفع آلاف الجنود بعبثية مفرطة في أنساق متتالية و هم يمشون ( الهوينى ) إلى ساحة حرب مكشوفة تستخدم فيها البنادق و المدافع !!؟ أفواج كاملة من ( المقاتلين ) أبيدت عن بكرة أبيها على مشارف قرى صغيرة تحيط بغوطة دمشق الشرقية في هجوم لا يمكن وصفه إلا بالانتحار الجماعي كما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978 عندما أقنع زعيم روحي مجنون يدعى جيم جونز أتباعه البالغ عددهم أكثر من 900 شخص ( بعضهم مع أطفالهم ) بالانتحار حقناً بالسيانيد! لكن من هو جيم جونز الثوار السوريين ؟
ربما الأمر يشابه إلى حد ما ردة فعل الفئران أيضاً عندما تحاصر في غرفة مغلقة لا مفر منها فلا تجد بداً من الهجوم و لسان حالها يقول ( هكذا هكذا سنموت )!؟
في القلمون معارك ذات نكهة مختلفة كما يراها بعض القادة العسكريين , فإذا كانت القوات المسلحة تواجه فئراناً قررت الانتحار في الغوطة الشرقية فهي تواجه هناك بنات عرس ..
ما يميز حيوان ابن عرس أو ( النمس ) هو تكتيك يستخدمه لتشتيت العدو ..فعندما يقترب المفترس من حفرة هو فيها يظهر له نمس آخر من حفرة أخرى فيظن المفترس أنه ذات النمس فيهاجمها ليعود نمس ثالث و يظهر من حفرة ثالثة و هكذا دواليك حتى يمل المفترس و يرحل! هكذا هو الحال في القلمون…يدخل الجيش قارة فتظهر العصابات المسلحة في دير عطية و عندما يحاصرون تطل مجموعات النبك برأسها..في محاولة لتشتيت المجهود الحربي للـ ( المفترس )!
لكن نموس القلمون هذه المرة لا يدركون أن قرار الأسود المفترسة في تلك المنطقة هو القضاء عليهم في كل حفرهم دفعة واحدة! و تشير الأخبار القادمة من كل مكان على امتداد الساحة السورية بأن موسم الصيد سيكون وفيراً و حاسماً هذا الشتاء ! إذ لم يعد التوازن البيئي يحتمل هذا الخلل الحاد في ميزان الطبيعة السورية بوجود هذا الكم الكبير من القوارض!!
كم كنت أتمنى لرحلات الصيد هذه أن تكون على مرتفعات الجولان المحتل و في سهل الحولة و الجليل و النقب …و أن يطارد صيادونا جولاني و جفعاتي و الميركافا هناك..لكنه فيروس فتاك أنتجته وكالة الاستخبارات الأمريكية من بول بعير الوهابية في مختبرات تورا بورا العالمية و تفشى في كل المنطقة حتى وصل عقر دارنا فهل لنا إلا أن نكافحه و نقضي عليه؟ ليس أمامنا خيار آخر..فما أٌنتج في كهوف تورا بورا لا تعالجه مؤتمرات جنيف!
سن تسو السوري
* مان شتاين: أحد أشهر القادة الميدانيين الألمان في الحرب العالمية الثانية.
* جروس دوتشلاند : واحدة من أقوى فرق المشاة الألمانية.
* جمع كلمة ابن لغير العاقل( بنات) فنقول : بنات آوى.
* جولاني/جفعاتي: من ألوية النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني

» الإسلاميون الجدد”.. وسياسة الانتحار الجماعي ....د. ليلى نقولا الرحباني
» «معبـر الـمـوت» في الغوطة الشرقية
» الجهاديون" محبطون في الغوطة الشرقية
» هاونات دمشق «صُنع في الغوطة الشرقية»
» داعش من الغوطة الشرقية إلى جنوب دمشق