قادة"الجيش الحر"أنشأوا "فرق استطلاع" للتنقيب عن الآثار وباتوا يستوردون أجهزة التنقيب إلى جانب الأسلحة ، ويؤكدون أن نهب الآثار جزء من حقوقهم!؟

صحيفة "واشنطن بوست":"الجيش الحر" ينهب آثار سوريا ويبيعها بالجملة والمفرّق لتمويل سلاحه وإجرامه
13 شباط 2013 23:02

قادة"الجيش الحر"أنشأوا "فرق استطلاع" للتنقيب عن الآثار وباتوا يستوردون أجهزة التنقيب إلى جانب الأسلحة ، ويؤكدون أن نهب الآثار جزء من حقوقهم!؟

واشنطن، الحقيقة ( خاص من : وائل علام): قال تحقيق نشرته صحيفة "واشطن بوست" الأميركية اليوم الأربعاء تحت عنوان "المتمردون السوريون ينهبون الآثار لتمويل حربهم ضد الأسد" إن مسلحي"الجيش الحر"،والجماعات الأخرى المنضوية تحت لوائه، يقومون بعملية نهب منظمة لآثار وتحف سوريا وتهريبها إلى الخارج، لاسيما عبر الأردن، من أجل تمويل حربهم ضد نظام الأسد. وبحسب التحقيق المطول الذي نشرته الصحيفة لمراسلها "تايلور لك" من مدينة المفرق شمال الأردن ، فإن "المتمردين ، وإلى جانب الذخائر والأدوية التي ينقلونها يوميا عبر الحدود (مع الأردن) إلى سوريا، أضافوا معدات جديدة لدعم قتالهم ضد النظام السوري، وهي المعاول ومعدات وأجهزة كشف المعادن"، مضيفا القول" إنهم يبذلون جهودا مضنية للحصول على تمويل من أجل دعم كفاحهم ضد النظام ، وقد انضموا إلى تجارة ناشئة حديثا في مجال القطع الأثرية ، التي يتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة ويبيعونها بهدف الحصول على الدعم المالي". ونقلت الصحيفة عن مسلح من إدلب يدعى جهاد أبو سعود ، البالغ من العمر 27 عاما والموجود في المفرق ، قوله" في بعض الأيام نكون مقاتلين وفي بعض الأيام الأخرى نكون علماء آثار(..) لقد اكتشفت مؤخرا في مدينة إيبلا ( التاريخية الشهيرة التي تعود إلى العصر البرونزي ، والتي تقع قرب سراقب في إدلب) قطعا حجرية منقوشة بحروف اللغة السومرية".

وقالت الصحيفة "إنه ،ومنذ بداية النزاع في سوريا،أعرب المجتمع الدولي عن مخاوفه بشأن الخطر المتزايد الذي تواجهه المعالم التراثية المتنوعة والمواقع الأثرية في البلاد ، حيث حول الثوار والقوات الحكومية كنوزها التاريخية ، مثل سوق حلب الذي يعود إلى ألف عام، وقلعة الحصن، إلى ميادين حرب". وأضافت القول" مع اقتراب انعطافة الحرب نحو عامها الثالث، حذرت الأمم المتحدة ونشطاء الحفاظ على البيئة من أن مواقع سوريا التاريخية تواجه تهديدا جديدا وأكثر خطورة يتمثل بوجود شبكة متطورة من مهربي الآثار وتجارها ، على رأسهم أعضاء في المجموعات المسلحة التي تعاني ضائقة مالية، يسعون للاستفادة من الثروات الثقافية للبلاد". وتنقل الصحيفة عن "آنا بيلوني" ، مديرة مكتب "اليونيسكو" قولها " في ضوء التجارب السابقة من حالات النزاع، وفيما يتعلق بالتراث الثقافي، فإن مخاطر نهب الممتلكات الثقافية السورية والاتجار غير المشروع بها تبدو مرتفعة".

وبحسب الصحيفة، فإن " نطاق هذه التجارة غير معروف بعد بسبب الصعوبات المتعلقة بالوصول إلى المواقع التاريخية في البلاد التي مزقتها الحرب ، وفقا لليونيسكو التي استضافت حلقة عمل إقليمية في عمان يوم الأحد الماضي عن حماية التراث الثقافي السوري من الاتجار . وهناك تقارير متضاربة حول مصير القطع الأثرية المسروقة من سوريا". وأوضحت بالقول"جرى نهب 12 متحفا من أصل 36 ، وفقا لتقرير جمعية حماية الآثار السورية في فرنسا الصادر بتاريخ 22 من الشهر الماضي، إضافة للكثير من المواقع الأثرية في البلاد التي خضعت لعمليات تخريب وحفريات غير قانونية". وتابعت: "تشكل أسواق حلب جزءا نابضا من الحياة الاقتصادية والاجتماعية لسوريا، منذ تاريخ إنشاء المدينة، وهي تشهد على أهمية حلب بوصفها ملتقى طرق للثقافات منذ الألفية الثانية قبل الميلاد".
ومع أن متمردي "الجيش الحر" أكدوا مرارا ، كما تقول الصحيفة ، على التزامهم بحماية المواقع التراثية ، فإن "قادة هذا الجيش يدافعون عن (حقهم) في المشاركة في هذه التجارة غير المشروعة للآثار، باعتبار ذلك مصدرا حيويا لدعم انتفاضتهم. فقد أكد المتمردون في مقابلات أجريت معهم أن اللقى الأثرية المتوسطة يمكن أن تجلب 50 ألف دولار في السوق السوداء". وتنقل الصحيفة عن المدعو"أبو محمد حمد"، وهو قيادي في "الجيش الحر" يقيم في منزل آمن في مدينة الرمثا الأردنية وأشرف على التنقيب في القبور الرومانية قرب دمشق، قوله" لقد تركنا العالم الخارجي في مواجهة جيش بأكمله دون أسلحة ودون أموال ودون مساعدة ، لهذا فإن (نهب الأثار) جزء من حقنا في استخدام أية موارد يمكن أن نعثر عليها"!!

وطبقا للصحيفة، وكما تنقل عن المتمردين الذين قابلتهم، فإن هؤلاء بدأوا في إرسال "فرق استطلاع" إلى مواقع الآثار بحثا عن الذهب والفسيفساء والتماثيل والتحف الأخرى التي يمكن بيعها بسهولة . وقد اعترف هؤلاء بأن الأردن هو المعبر الأساسي لتهريب الآثار السورية، بالأضافة إلى الأسواق الناشطة في لبنان وتركيا. وأوضح مسلحون ومصادر أمنية أردنية للصحيفة أنه "يتم تهريب غالبية القطع الأثرية إلى الأردن عن طريق اللاجئين ، حيث تنتهي هذه المهربات إلى سوق في عمان". وتنقل الصحيفة عن تجار أردنيين في هذا الصدد إشارتهم إلى تزايد عمليات تهريب الآثار السورية مؤخرا إلى حد أن الأردن شهد طوفانا من الآثار السورية خلال الأسابيع الأخيرة . وقال تاجر الآثار الأردني محمد خليل" نتلقى يوميا اتصالات تتعلق بذهب وتماثيل وفسيفساء سورية للبيع . إن دمشق تباع في عمان قطعة ..قطعة"!!

ويقول التحقيق إنه في متجر واحد فقط وسط عمان القديمة، عرف صاحبه عن نفسه باسم "أحمد" فقط،عرضت كميات كبيرة من الآثار السورية المنهوبة التي تباع للسياح ، من قبيل الأواني الزجاجية والقطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى الحضارات السورية المختلفة في سوريا، والمزهريات ذات الأرضيات الحمراء التي تعود إلى العصر البرونزي ، ومزهريات زجاجية زرقاء من العصر الحديدي، ورأس تمثال من الرخام الروماني وخنجر مرصع بالذهب يعود إلى الفترة المبكرة من الحضارة الإسلامية. وتنقل الصحيفة عن صاحب المتجر قوله "هذه ليست سوى عينة. فنحن نحتفظ بالقطع النادرة في الداخل"! ويكشف التاجر عن أن جميع هذه القطع الأثرية "سرقها لاجئون سوريون فروا من القتال"!!

وفي عمان يقول مهربون ووسطاء سماسرة سوريون يعملون في مجال الآثار المهربة ، ممن التقتهم الصحيفة، إن متوسط سعر القطع الأثرية المسروقة التي يحصلون عليها من سوريا يترواح ما بين 50 دولارا للمزهرية الحجرية وثلاثة آلاف دولار للتماثيل والألواح الحجرية ، لكن التجار الأردنيين يبيعون هذه القطع بثلاثة أضعاف هذه الأسعار. ويقول التاجر أحمد، المشار إليه آنفا، إن التحف التي يقتنيها تعود إلى عهد الأنباط ، فضلا عن الألواح الحجرية المنقوشة من العهد الآرامي، وهي مطلوبة من قبل الأثرياء الأردنيين لتزيين أروقة ومداخل فيلاتهم الخاصة في عمان!!

وتتابع الصحيفة القول"خلال الأشهر الثلاثة الأخير أو ما يزيد قليلا ، وهي الفترة التي يقول المتمردون إن عمليات نهبهم للآثار تسارعت فيها، ادعى المنقبون أنهم اكتشفوا ما يشبه كتاب تاريخ يقدم جردا يشير إلى : أوعية من العصر البرونزي في بلدة تل شهاب الجنوبية ( في محافظة درعا) وفسيفساء بيزنطية من كنيسة القديس سمعان قرب حلب، وتماثيل عمرها أكثر من ألفي عام في بصرى، وهي موطن مسرح روماني لا يزال محتفظا ببنيانه على نحو جيد".

وطبقا للصحيفة، فإن تدفق القطع الأثرية أصبح أمرا مألوفا بالنسبة لعناصر الشرطة الأردنية منذ أن تحول الأردن إلى نقطة عبور لأكبر عملية نهب في التاريخ للكنوز الأثرية ، والتي حصلت بعد سقوط بغداد في أيدي الاحتلال الأميركي العام 2003، وهي الجهة نفسها التي ترعى المعارضة السورية اليوم! ومع ذلك ، فإن معركتهم مع ملاحقة الآثار السورية وضبطها ، لاسيما كسر واختراق شبكات التهريب ،لا تزال تشكل اختبارا قاسيا بالنسبة لهم. وقد حققوا يوم السبت الماضي إنجازا مهما ، حيث شنوا غارة على إحدى الشقق في مدينة الرمثا كانت حصيلتها وضع اليد على أربعين قطعة أثرية من التحف النادرة ، وكان هذا أكبر كنز من الآثار المهربة أمكنهم اكتشافه منذ بداية الصراع في سوريا.

وتنقل الصحيفة عن "أبو ماجد"، وهو ضابط سوري منشق يبلغ من العمر 30 عاما ويدير طرق تهريب الآثار جنوب سوريا ، قوله" أتنقل كل ليلة في الوديان شديدة الوعورة في المنطقة الفاصلة ما بين ساحة الحرب والأردن. ويمكن للناس أن يحكموا علينا بكوننا لصوصا ، لكن في بعض الأحيان عليك أن تضحي من أجل تأمين المستقبل "! وأضاف القول ، بينما كان يعبر عن انزعاجه من حمله حقيبة فيها معدات التخييم أكثر من تسعة أميال عبر الحدود كي يصل إلى مدينة المفرق، "كدت أموت عشر مرات لتحقيق ذلك" . وأردف القول وهو يشير إلى تمثال منحوت يعود للفترة النبطية قبل ألفي عام كان سرقه من سوريا "هذا جدير بهذا العناء الذي أبذله في كل مرة " أجتاز الحدود عبر الوديان!
وتختم الصحيفة بالقول إن أكبر عقبة تقف في وجه الحد من تهريب الآثار السورية هي أن مهربيها من الثوار يدافعون عن تجارتهم باعتبارها جزءا طبيعيا من الحرب ومن"حقهم" في القيام بذلك ! وتضيف ، نقلا عن مارتن ويلسون ـ المستشار العام لدار " كريستز" المتخصصة بإقامة المزادات على القطع الفنية ، قوله إن المنهوبات السورية "لم تصل بعد إلى دور المزادات الدولية ، لكن دار كريستز ستبقى متيقظة ، لأن هذه المنهوبات قد تعرض علينا في السنوات المقبلة بعد أن تكون مرت عبر الكثير من أيدي" التجار واللصوص. ونضيف نحن من عندنا : وعبر أيدي الكثير من مجرمي ولصوص الثورة الوهابية وقادتهم من كلاب الحمدين القطريين وعبد الله آل سعود وأردوغان!

» عصابات "الجيش الحر" تحول متحف معرة النعمان إلى ثكنة وتسرق الآثار بالسيارات
» السعودية تمد "الجيش الحر " بـ 35 طناً من الأسلحة
» فرار أحد قادة الجيش الحر إلى تركيا
» حرب الإغتيالات بين قادة ميليشيا الجيش الحر
» مقتل أحد قادة ميليشيا الجيش الحر في سوريا