عفيف دلا لدام برس: الدولار سيعود لوضعه الطبيعي. ووزير الاقتصاد مقصر جداً ولا يقوم بواجبه ..وكلام الإبراهيمي مردود عليه ونقول لمن يعيد حساباته الآن لن ننسى ولن نسامح أبداً فقد فات الأوان
دام برس – بهاء نصار خير:
اثنان وعشرون شهراً من الضغوط الاقتصادية والحرب مروا على سورية, حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. ضغط كبير وزخم إعلامي أكبر معادٍ, رافق الأشهر الأخيرة في محاولة لزعزعة ثقة المواطن السوري بنفسه ودولته. لذلك ولإطلاعنا على المزيد من التوضيحات يسرنا أن نستضيف الأستاذ عفيف دلا الكاتب والمحلل السياسي وكان لنا معه هذا الحوار:
- بداية نود السؤال عن منطقة داريا التي يقول البعض بأن الوضع قد طال فيها. متى سيتم إعلان منطقة داريا منطقة آمنة وخالية من الإرهاب؟
لا يمكن فصل قضية داريا عن الواقع الكلي للحرب على سورية فنحن نعيش حرب بكل معنى الكلمة, وداريا الآن مساحة نطاق الاشتباك فيها ضمن نطاق واحد كيلو متر مربع فقط من مساحة داريا, وما يُعيق إعلانها منطقة آمنة خالية من المسلحين هو بعض القناصة. ووجود بعض المطلوبين الذين تُريدهم الدولة أحياء.
- أثارت قضية المطارات والهجمات المتكررة عليها تساؤلات كثيرة خاصة ما حدث في مطار تفتناز وكلام الإرهابيين عن السيطرة عليه. كيف ترى هذا الأمر؟
الأهداف العسكرية في أي معركة لا تنحصر بالموقع أو السيطرة عليه, من الممكن أن يكون هناك تقديم إغراءات معينة على شكل طعم من أجل تحقيق هدف أكبر. وما أريد قوله هو بأن الجيش العربي السوري يعرف ماذا يفعل. ويتعامل بشكل منتظم ومُخطط منذ بداية الأحداث وحتى الآن. ودائماً في الحروب يوجد مناطق معينة يتم التركيز عليها إعلامياً لغايات معينة, من الممكن أن تكون هذه الغايات غايات ميدانية, من ناحية حيويتها وإستراتيجيتها الجغرافية أو تكون الغايات إعلامية بحتة. كما حدث في مطار تفتناز والتركيز الكبير عليه إعلامياً. وللتوضيح مطار تفتناز ليس مطار عسكري بل هو مهبط حوامات فقط. فالمطارات العسكرية يجب أن تتراوح مساحتها ما بين 30 إلى 40 كيلومتراً. أما مطار تفتناز فمساحته 3 كلم فقط. ولكن يتم التركيز حالياً على بعض المواقع العسكرية فقط لرمزيتها, وإمكانية استثمارها في إطار الحرب النفسية. ولكن حقيقة الأمر تحسب الكلفة أي كلفة التصدي أو كلفة المناورة العسكرية, وإن كانت المناورة العسكرية تقتضي أن يُسلم هذا المكان أو هذه القطعة العسكرية من أجل تجميع أكبر عدد من الإرهابيين ومن ثم تصفيتهم فليكن. وهذا ما حصل.
- لقد كان مقابل هذه الخطة شهداء كُثُر. ما تعليقك على هذا الموضوع؟
نحن في حالة معركة ولا يمكن لأحدد أن يتخيل بأنه من الممكن أن يخوض معركة دون شهداء فكيف لو كانت معركة بحجم المعركة التي تخوضها سورية الآن. وفي المعركة تُقاتل وتموه أحياناً أخرى والجندي السوري عندما يقوم بالتمويه يكون لديه إيمان بأنه سيكون مشروع شهيد وكل ذلك يكون في سبيل أن تنجح الخطة العسكرية. فدائما يوجد هدف وهدف أكبر, والهدف الأكبر حتى نصل له قد يكون له كلفة معينة, سواءً على صعيد الأرواح أو على صعيد التكلفة المادية. ففي مطار تفتناز تم ترحيل كل العتاد العسكري القابل للاستخدام قبل خمسين يوماً ولم يتبقى سوى بعض الآليات الغير قابلة للاستخدام. وهي الآليات التي قام الإرهابيون بتصوير أنفسهم أمامها لأن هاجسهم فقد السيطرة الجغرافية. فتفكيرهم مختلف تماماً عن تفكير الجيش, فالجيش العربي السوري يحسب الأمور بشكل بعيد أي استراتيجي. يفكر بعقل دولة, أما هم فيفكرون بعقل أمتار جغرافية.
- المواطنين الآن عندما يرون ما يحدث على الأرض يرون بأن الأمور في حالة تراجع. ولا مؤشرات على انحسار الأزمة. ما هو توصيفك لهذه الرؤية؟
يجب التمييز هنا ما بين التأزم الميداني أو تجليات التأزم الميداني على الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي. ولكن ما أريد قوله بأنه آن الأوان أن يتأكد الشعب السوري بأن جميع الرهانات من قبل الأعداء فيما يخص الجيش العربي السوري وقدرته فهو رهان ساقط. فقبل مطار تفتناز كانت بابا عمرو وما حملته من تغطية إعلامية معادية كبيرة وبعده معركة دمشق الكبرى, والآن أين تلك المعارك من الواقع, لا شيء. فبعد 22 شهراً في ظل كل الآلة الإستخباراتية واللوجستية والسياسية والاقتصادية الضاغطة على سورية حتى الآن لم تستطع تحقيق أي إنجاز, وهذا إن دل فهو يدل على قدرة الجيش العربي السوري على الإمساك بزمام السيطرة. أما بالنسبة للضغط الممارس على الشعب فنحن في حالة حرب وفي حالة الحرب هناك ضاغط نفسي طبيعي يجعل من الأشخاص لا تتصرف بوعي كامل والوعي الكامل بحاجة إلى طليعة ونخبة تقود وللأسف غير موجودة.
- لماذا لم نشهد أي تقارير ميدانية مرافقة لبعض الأعمال العسكرية تنفي الأنباء الكاذبة كما حدث في مطار تفتناز على سبيل المثال وتضارب الأنباء حول السيطرة وعدم السيطرة على المطار؟
في المرحلة القريبة القادمة سيكون هناك ناطق باسم وزارة الدفاع, من أجل تلخيص كل الأحداث ووضع الصورة الصحيحة أمام الشعب السوري. ولكن ما أود قوله للمواطنين والمتابعين للإعلام بأنه انتصار الجيش السوري أو هزيمته لا ترتبط بسيطرة الإرهابيين على نقطة معينة أو لا. الجيش الذي قاتل على مدار 22 شهراً وحقق انتصارات كبيرة قادر على حسم الأمور لصالحه.
- إن الضعف الإعلامي المرافق يجعل المواطن يتجه لوسيلة إعلامية أخرى ويتلقف المعلومة بشكل خاطئ, ما هي الخطوات المتبعة لتفادي ذلك؟
الموضوع الإعلامي سيتم معالجته وإنهاؤه بشكل كامل, وسيتم السماع بأي عملية عسكرية من قبل الناطق باسم وزارة الدفاع السورية القادرة على إعطاء الصورة الصحيحة بعيداً عن أي تزييف. فنحن لا ننسى بأننا أمام حرب من أشد الحروب ضراوة وهي حرب المدن, فكيف سيكون الحال عندما يكون وجود هذه الحرب بين المدنيين من أبناء الشعب الذي تم احتجازهم من قبل المجموعات الإرهابية واتخاذهم كدروع بشرية, لذلك يجب أن تكون المعلومات مدروسة ودقيقة جداً وخير من يصف الحال هي القيادة العسكرية السورية.
- بالنسبة وبناءً على هذا الكلام ما هو توصيفك للواقع الميداني الحالي؟
الوضع الميداني حالياً أفضل مما كان عليه في السابق على كل المستويات ويعلم تمام العلم ماذا يفعل ولديه بنك من الأهداف. أما موضوع الضباط الأتراك وغيرهم فهذا ملف أمني والملف الأمني عندما يُعلن يسقط. والجيش يعلم متى يُخرج هذه الأوراق إلى العلن أم لا فهناك توقيت مدروس لذلك. يجب أن يعلم الجميع بأننا الآن لسنا أمام ثورة وتغيير نظام نحن أمام نوع من أنواع الاستعمار الجديد, يستعين بأدوات على الأرض خطط لها منذ سنوات, دون أن يتكلف هذا الاستعمار أي شيء من قوته أو جيوشه. فهو يُحاربنا من خلال احتلال عقولنا.
- بعد 22 شهراً من عمر الأزمة لم نر حتى الآن أي دور فاعل المنظمات التابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي. لماذا؟
ما قدمه حزب البعث العربي الاشتراكي لسورية لم يُقدمه أحد, ورغم ذلك هناك تقصير كبير جداً وأنا أعتبر بأنه كان يوجد هناك تغييب ممنهج, فعندما نُقارن ما بين الدور الذي قام به حزب البعث العربي الاشتراكي خلال فترة الثمانينيات والآن فهناك فرق كبير جداً. الإيديولوجية التي كانت سائدة في تلك المرحلة لم تعد موجودة للأسف في الوقت الحالي. وعصر العولمة أرخى بظلاله على هذا الموضوع. كان هناك تحولات كبيرة على بنية الحزب خاصة بعد المؤتمر القطري التاسع للحزب الذي يُشكل مفصل أساسي في هذا التحول السلبي. هناك بعض القرارات التي اتخذت وغيرت في بنية القيادة وعلى مستوى فصل المكاتب القطرية عن المنظمات الشعبية, وعلى مستوى البرامج والسياسات, وعلى مستوى عدم فهم خطاب السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم في 17/7/2000. عندما قدم مفردات جديدة لعناوين جديدة يجب الاشتغال عليها, ولم يُشتغل عليها كما يجب بل تحولت العناوين إلى شعارات. ومن سنة ال 2000 حتى ال 2012 نحن على مستوى انحدار كبير على المستوى العمل الحزبي والشعبي الوطني ولم يعد هناك أي فاعلية تذكر ووصلنا إلى مرحلة غياب في أدلجة الجيل وطنياً,أدى إلى وجود فراغ وهذا الفراغ عبأه المتطرفون. ففي الوقت الذي انكفئنا عن أدلجة الجيل وطنياً فكان الجيل أمام خيارين فمنهم من اتجه نحو التطرف الديني الذي انتعش بشكل سري وغير معلن في المنطقة وفي سورية. والآخر باتجاه الانفلات من كل الضوابط القيمية والأخلاقية.
- إلى من تُحمل مسؤولية هذا الأمر وهذا التراجع في دور المنظمات الشعبية والحزب؟
أحمله للقيادة الحزبية, وقيادة المنظمات الشبابية مسؤولية ما جرى, وأنا أتساءل اليوم أين اتحاد الشبيبة والطلائع والاتحاد النسائي, نحن الآن بأمس الحاجة للعمل على الأرض وليس الشعارات والندوات فقط.
- هناك من يقول بأنه بما أن حزب البعث العربي الاشتراكي هو القائد للدولة, أين دوره في ممارسة الرقابة على أعمال الحكومة وما تقوم به وتقييمها؟
القيادة السياسية لحزب البعث العربي الاشتراكي هي القيادة المعنية بالشأن الحزبي وشأن المنظمات الحزبية. منذ أن صدر قرار فصل الحزب عن الدولة في العام 2003 باتت الحكومة لا تتبع بشكل مباشر للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي. القيادة القطرية ترسم التوجهات والسياسات العامة في الدولة والحكومة تقوم بتنفيذها. لذلك كان هناك استقلالية للحكومة التي تُعد معنية بحياة المواطن بالتعاون مع السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس الشعب. لذلك أنا أقول وعلى الرغم من عدم رضاي عن أداء القيادة السياسية للحزب ولكن لا يمكنني أن أطالبه بأن بقوم بالعمل نيابة عن الوزير فلان أو غيره من المسؤولين فهذا ليس من شأنه.
- ماذا حل بموضوع عقد مؤتمر قطري لحزب البعث العربي الاشتراكي؟
المؤتمر القطري سيُعقد لا محالة والتقارير والملفات بخصوص هذا الأمر جاهزة منذ العام الماضي ولكن الوضع الأمني لم يسمح بهذا. هناك أولويات سياسية وأمنية لم تسمح بعقد هذا المؤتمر فالأولوية الآن بالنسبة للدولة ليس المؤتمر, بل الاستقرار الأمني والوضع الاقتصادي هم الأولوية الكبرى الآن بالنسبة للدولة أما موضوع المؤتمر القطري فهو شأن حزبي صرف. ولن يكون له من أثر إلا بمقدار إنجابه لقيادة قطرية أكثر فاعلية تُغير سياسة الحزب وأداءه.
- هناك مناطق ما تزال تشهد اشتباكات عنيفة منذ أشهر عديدة ولم يتم إعلانها مناطق آمنة كمدينة دوما على سبيل المثال, لماذا برأيك؟
أولاً نحن نواجه إرهاباً مسلحاً بكل ما تعنيه الكلمة ولديه بيئة حاضنة في بعض المناطق تدعمه, لذلك يجب تجفيف البيئة الحاضنة أولاً حتى تقوم هي بلفظ هؤلاء المخربين الذين مارسوا كل أشكال السلب والنهب على بيئتهم الحاضنة أيضاً. وهذا الأمر بحاجة إلى زمن. وهناك الكثير من المناطق التي خرج سكانها بمظاهرات تُطالب بطرد المسلحين منها وخروجهم منها. وهذا هو السبب أي يجب تجفيف البيئة الحاضنة ثم التعامل مع الإرهابيين. والجيش السوري قادر على الحسم السريع لو أراد ذلك ولكن هناك اعتبارات مختلفة يجب أخذها في عين الاعتبار. ومنها بأن إطالة عمر الأزمة كان لها فوائد أكثر من مساوئها, فنتيجة إطالتها تم كشف أدوات المؤامرة بشكل كبير, والهدف منها. وسورية من خلال هذا الأمر أفشلت الرهانات السياسية للدول الإقليمية المبنية على اشتباكات الأرض. وبتقديري فإن سورية تُريد أن تضرب هذه الأدوات الإقليمية وتقطعها من خلال بنائها لآمال وهمية على الأرض ومن ثم تكتشف فشل رهانها.
- بناءً على هذا الكلام هل يمكننا أن نقول بأن الموقف السعودي الأخير والذي شاهدناه قبل فترة من خلال المؤتمر الذي جمع وزير خارجية السعودية ونظيره المصري هو قراءة لما يحدث على الأرض وإعادة حسابات؟
بالنسبة لموضوع تغيير المواقف والتوجهات فهناك تغيير ليس فقط على المستوى العربي وإنما على المستوى الأمريكي أيضاً. ولكن أمريكا لا يمكن أن تعترف بشكل مباشر وعلني بنصر يُسجل بالتاريخ السوري, لذلك تلجأ للالتفاف وهذا يكون بوضع ممهدات موضوعية نتيجة لها تم تغيير بعض المواقف. وما حدث بموضوع جبهة النصرة ووضعها على قائمة الإرهاب هو خير دليل على ذلك. فمن الذي يُصدق بأن أمريكا لم تكن تعلم بأن جبهة النصرة كانت تُقاتل في الداخل السوري ولكن تم اتخاذ هذا الموقف الآن كحالة التفافية نتيجة المتغيرات على الأرض. فأمريكا لا تُقر بهزيمة لها وإنما تُبرر ذلك بناءً على معطيات استجدت. لذلك تلك الدول الإقليمية في المنطقة تخاف من التغيير الأمريكي المفاجئ الذي يمكن أن تدعهم في عنق الزجاجة بعد التخلي عنهم. ونحن نقول لتلك الدول والممالك التي تورطت بالدم السوري وساهمت بسفكه وتحاول الآن أن تسعى إلى تغييره لن ننسى ولن نسامح أبداً, فقد فات الأوان.
- كيف ترى الاجتماعات التي يعقدها الطرفان الروسي والأمريكي وما المتوقع عنها سورياً وإقليماً؟
التوافق الروسي الأمريكي قاب قوسين أو أدنى وإذا ما حصل هذا الاتفاق ستكون الأدوات الإقليمية هي ثمن التسوية. فلن تحتفظ الولايات المتحدة بأوراق منتهية الصلاحية عديمة الفاعلية. والبدائل الأمريكية جاهزة على مستوى السعودية ودول الخليج وتركيا وحكومة أردوغان. كما فعلت أمريكا مع مصر باستبدال مبارك بمرسي بعد فقدان مبارك لصلاحيته للمشروع الأمريكي.
- منذ أيام تم إطلاق سراح 48 مختطفاً إيرانياً مقابل مجموعة من المتورطين, مما أحدث بلبلة كبيرة لدى الشارع بأنه هل من الممكن أن يتم إطلاق سراح 48 شخصاُ مقابل أكثر من ألفي معتقل. ما تعليقك على هذا الموضوع؟
هذا الكلام بعيد تماماً عن الصحة والمفرج عنهم مقابل المختطفين الإيرانيين لم يكونوا بهذا العدد ولا يجب تصديق هذه الأكاذيب فحجم الأكاذيب التي تواجهها سورية كبير جداً. والصفقة تمت برعاية تركية والأتراك لن يفاوضوا من أجل 2000 معتقل من الإرهابيين لأنهم ليس لهم قيمة لدى التركي بل الأمر أكبر من هذا, بل علينا السؤال عن العامل التركي في هذه الصفقة, فالتركي دخل في هذه الصفقة من أجل الأتراك الموجودين لدى الجانب السوري.
- لماذا لم نر أي توضيح حول هذا الأمر عبر وسائل الإعلام؟
هذا الأمر له علاقة بالملف الأمني والملفات الأمنية عندما يتم عرضها تفقد قيمتها, وسورية تمتلك من الوثائق والملفات إذا ما عرضتها على أي شاشة عربية وأجنبية فستقلب الطاولة على مستوى المنطقة وليس على المستوى السوري فقط. فسورية تعمل وفق تخطيط وتكتيك معين يملك معطياته هو صاحب القرار. ونحن نعتمد على النتائج وليس الكلام أو التصريحات.
- سمعنا كلاماً صدر عن الإبراهيمي منذ فترة وصف من خلاله خطاب السيد الرئيس بأنه موجه إلى فئة واحدة فقط. ما تعليقك؟
الإبراهيمي تراجع عن هذا الكلام وقدم اعتذاراً. ولكن سواء تراجع أم لا فدور الإبراهيمي في هذه المنطقة واضح. هو تابع للأمم المتحدة التي بدورها تابعة للولايات المتحدة, وهو كشخص لا يستطيع أن يُغير بقواعد اللعبة, من الممكن أن ينحاز أو لا. كما حدث مع كوفي عنان عندما فُرضت عليه ضغوطات معينة احترم نفسه واستقال, ولا استبعد أن يقوم الإبراهيمي بهذا الأمر. أما بالنسبة لكلامه عن عدم وجود السيد الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية فهذا الكلام مردود عليه ومردود على من أرسله. بتقديري الشخصي فإن الإبراهيمي خسر الكثير بهذا التصريح وسيؤثر على المستقبل على مستوى مهمته كمبعوث دولي.
- هناك تدهور اقتصادي وضغط كبير هل تُحمل وزير الاقتصاد المسؤولية عن هذا التدهور؟
من غير المنطقي أن نربط التدهور الاقتصادي بشخص, ولكن يمكنني القول بأن وزير الاقتصاد مقصر جداً ولا يقوم بواجبه على أكمل وجه. فالوزير الحالي نراه مختفياً تماماً على شاشات الإعلام لشرح الواقع الحالي, خاصة بأن المواطن الآن بحاجة لتوضيح أمور معينة قد تُريح المواطن وتُحسس المواطن بأن المسؤول يقوم بجهد من أجله. فالوزير الحالي لم نراه حتى الآن إلا بلقاء تلفزيوني واحد وكان لقاء هزيل جداً. وكلامه السابق هو بمثابة سقطة كبيرة جداً بحق الحكومة السورية من خلال وزير الاقتصاد. والسؤال هنا لمن ترك وزير الاقتصاد مهمة شرح الواقع الاقتصادي هل تركه لمحلل اقتصادي أم من واجبه كمسؤول, خاصة في ظل هذه الأزمة أن يخرج على الملأ. ولكن للأسف لم نجد له أي وجود, فالناس الآن بحاجة ليس فقط لكلامه بل بحاجة إلى القول والفعل.
- منذ يومين نُشر في "الوطن" وعلى لسان معاون وزير الاقتصاد قوله بأن هناك فكرة النفط مقابل الغذاء. هذا العنوان أثار الكثير من التساؤلات. ما تعليقك على هكذا فكرة؟
أولاً أنا ضد هذه التسمية فسورية لا تحتاج إلى مقايضة على غذائها, فسورية تطعم نفسها وتطعم جيرانها. وهذا العنوان هو عنوان يستفز مشاعر المواطنين ويُعيدنا إلى أيام العراق ومن الأسف أن نسمع هكذا كلام. وهذا عنوان مُضلل وأنا لا أتوقع أن يكون السيد معاون وزير الاقتصاد قد قصد ذلك. فأنا أعرفه شخصياً وهو مع مبدأ المقايضة بمعنى توفير القطع الأجنبي والمقايضة على تأمين الحاجات المطلوبة للاقتصاد السوري مقابل حاجات فائضة للسوريين دون أن نضطر لاستخدام الاحتياطي النقدي. وهذا النظام فكل دول العالم تتعامل به لتوفير الاحتياطي النقدي. أما إذا كان القصد منه هو كما كُتب أي النفط مقابل الغذاء فأنا أرفض هذا العنوان وأرفض من يطرحه, ولا أتوقع بأن السيد معاون وزير الاقتصاد قد تحدث عن هذا. وللعلم فإن سورية ليس لديها فائض من النفط حتى تُقايض به.
- بالنسبة لسعر صرف الدولار هذا التصاعد الكبير وما هو دور المصرف المركزي في ظل تخوف من هبوط الليرة السورية أكثر من ذلك؟
هناك مهام تدخلية يجب على المصرف أن يقوم بها, وقد قام بها بالفعل في وقت سابق وحافظ نسبياً على سعر صرف الدولار واستقرار سعر صرف الدولار المليئة بالمضاربات على الليرة كانت إنجاز يُسجل. وكل عملة في العالم مُعرضة للتبدل والارتفاع والهبوط بالنسبة للعملات الأخرى خاصة في تداولات البورصة العالمية ونحن لا نملك تداولات بورصة كبيرة جداً حتى تؤثر على صرف الليرة وبالتالي ارتفاع صرف الدولار ليس ذو منشئ اقتصادي, وعندما نقول بأ، ارتفاع صرف الدولار ذو منشئ اقتصادي هذا يعني بأن هناك عطالة في وسائل الإنتاج السورية وحركة الصادرات والواردات ولا يمكن إصلاحه إلا عبر وقت طويل. أما الوضع هنا بالنسبة للدولار فهو ليس كذلك بل نتيجة المضاربات الكبيرة التي حدثت ضد الليرة السورية أضف إلى ذلك العامل النفسي الذي يؤثر على المواطن الذي يتجه لشراء الدولار ويزيد الطلب على الدولار ويزداد سعره, والمضاربات ترفع سعر الصرف لمدة محدودة فقط وليس بشكل دائم بل سيعود لوضعه الطبيعي بعد انفراج الأزمة. من الممكن أن يتدخل المصرف المركزي ويضخ دولار ولكن هناك بعض الأشخاص من يُريدون من المصرف المركزي أن يضخ الدولار لسحب كل القطع الأجنبي من المركزي وخلق أزمة كبيرة. لذلك يقوم المركزي اليوم يبيع الدولار فقط لأغراض التمويل التجاري وفق سندات جمركية موثقة ورسمية.
- هل نتفاءل بمستقبل الاقتصاد السوري؟
الاقتصاد السوري قوي ومتماسك رغم كل العقوبات وسيخرج من هذه الأزمة بقوة واقتدار ولدينا حلفاء أقوياء لن يسمحوا بانهيار الاقتصاد السوري. فمن يقف معك في السياسة يقف معك في الاقتصاد. ونحن جزء من منظومة عالمية هي البريكس, ودائماً بعد الأزمات تشهد الدول انفراجاً كبيراً, لكن من واجب الحكومة السورية الآن أن تقدم بعض البدائل الكفيلة بأن تخفف من وطأة الضغط الاقتصادي لأي مشكلة اقتصادية على المواطنين, وبالمقابل يجب على المواطن أن يكون مرناً ومتفهماً وألا يفاقم الأزمة بسلوكه الاستهلاكي الغير سليم حتى لا يُطيل عمر الأزمة عليه. وأن يتكيف مع الوضع الحالي القائم فنحن بحالة حرب وعلينا التأقلم مع هذا الواقع والتعامل معه بشكل سليم لأن هذه الحالة لن تدوم بل هي مؤقتة ولفترة بسيطة.
- كيف ترى مؤتمر المانحين القادم المزمع عقده؟
مؤتمر هو خطوة من أجل الابتزاز النفسي بالنسبة للسوريين كموضوع اللاجئين السوريين. والشعب السوري ليس بحاجة للمنح وهذه المؤتمرات فقط لكسر عنفوان الشعب السوري الذي لن يستطيع أحد في العالم أن يكسر هذا العنفوان وستبقى سورية هي المانحة لكل الشعوب. وندعو من مؤتمر المانحين أن يقدم دعمه للمتضررين من السيول في السعودية, ولتغطية نسبة الفقر في السعودية التي وصلت لغاية 20 بالمائة حتى الآن.
- أين موقع سورية الآن بعد أثنين وعشرين شهراً من الأزمة؟
سورية قوية بقيادتها وجيشها وشعبها ولو لم تكن كذلك لما يفتحون أبواب التفاوض فمع الضعيف لا تفاوض بل تفرض الأمور فرضاً. ومجيء الإبراهيمي الآن وقبله كوفي عنان هو مؤشر على قوة الموقف والدولة السورية. ولو لم تكن هناك أي مؤشرات على بقاء الدولة السورية لما شهدنا عقد المؤتمرات التي تُناقش الوضع السوري.وبعد مرور اثنان وعشرون شهراً من عمر الأزمة السورية هناك ثلاثة عناوين يجب على الجميع قرائتها وهي بأنه لو لم يكن الشعب مع الدولة لم تبقى الدولة ولو كان الجيش العربي السوري غير قادر على الانتصار لم نصل إلى هذه المرحلة لذلك لجئوا الآن إلى شخصنة الأزمة بشخصية السيد الرئيس . ولكن أنا أقول بأننا تجاوزنا مرحلة الخطر والأمور إلى انفراج.