ما بين الأخضرين ضاعت الحقيقة السورية ؟

ما بين الأخضرين ضاعت الحقيقة السورية ؟

كتـب المقال بقلم: محمد عبد الكريم مصطفى

كمحللين ومتابعين لما يجري من فوق الطاولة وأمام وسائل الإعلام أو في كواليس العمل السياسي فيما بين الأطراف الرئيسية اللاعبة على الساحة السورية بخصوص الأزمة القائمة ، لم نكن متفائلين بالمطلق بما يُمكن أن يحمله المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي لحل هذه الأزمة ، ليس بسبب عدم كفاءته الدبلوماسية وقدرته على لعب دور إيجابي مفترض ، بل لأسباب عديدة تتعلق بنوع وتشابكات علاقاته العربية من جهة وعدم رغبته في التمرد على ذاته الضيقة في آخر أيام العمر ونقل الحقيقة كما هي من أرض الواقع بغض النظر عمن سيغضب أو سيعتبر نفسه مهزوما .

كتبنا منذ الأيام الأولى لتسلم الأخضر الإبراهيمي مهامه كمبعوث دولي لحل الأزمة السورية : أنه لن يكون موضوعياً أو محايداً في توصيف الواقع السوري وتحديد عناصر الأزمة و أسبابها وعواملها بصدق ، ليسب بسبب رفض الحكومة السورية التعاون وتقديم ما لديها من معلومات وحقائق ، بل لأن من يُغطي مصاريف الإبراهيمي الإضافية هم أعداء سورية الذين كان لهم الدور الأساس في التخطيط والتمويل للحرب الدائرة في سورية ، وهم ذاتهم من اقترح الأخضر الإبراهيمي بعد أن تمكنوا من تحييد كوفي عنان عن هذه المهمة ، وحددوا له الأجندة التي يجب عليه العمل وفقها ، لذلك لا نرى غرابة في تقييم الإبراهيمي لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد الذي وضع خارطة طريق وطنية للخروج من الأزمة وحماية سورية ، وهذا ما أحرج الإبراهيمي وحدَّ من الدور التخريبي الذي ينوي القيام به .

ما بين الأخضر الأمريكي والأخضر الإبراهيمي ضاعت الحقيقة السورية ، هذا ما أثبتته الأحداث والتصريحات منذ تولي الإبراهيمي لمهامه ، حيث تجاهل الإبراهيمي الكثير من الوقائع التي كان عليه الإحاطة بها قبل إطلاق أي حكم عما يجري في سورية ، وغيَّب هذه المرة عن قصد الدور الأهم والعامل الأبرز للأزمة السورية وهو ما تقوم به الدول الداعمة للإرهاب في سورية في كل من السعودية وقطر وتركيا بتوجيه ورعاية أمريكية وغربية ، ابتداءً من تجنيد الإرهابيين وتدريبهم وتسهيل وصولهم إلى سورية عن طريق الحدود التركية واللبنانية ، ودعمهم بالمال والسلاح ووسائل الاتصال الحديثة بما في ذلك تسعير الحرب النفسية المضللة التي اعتمدوها منذ الأيام الأُولى للأزمة .

أسئلة كثيرة يضعها المواطن السوري في عهدة المبعوث الدولي "الإبراهيمي " بينما هو لا يمتلك الجرأة بكل تأكيد للإجابة عليها لأنه لم يُجهد نفسه بالبحث عن إجاباتها الحقيقية لأسباب في نفسه ورغبةً ممن يقف وراءه من أعراب وأغراب ، من هذه الأسئلة : لماذا لم يقم الإبراهيمي بزيارة كافة المحافظات السورية ويطلع على الموقف الشعبي فيها مما يجري على الأرض ؟ ولماذا لم يسع لمعرفة حجم المد الشعبي الذي يقف خلف السيد الرئيس بشار الأسد على مساحة سورية لكي يتمكن من وضع تصور لمستقبل سورية الذي اختزله ببعض العناوين التي سربت له من بعض الشخصيات المعارضة ومن الإعلام المضلل الكاذب ؟

ولماذا لم يتطرق للدور التخريبي الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية والدول المنفذة لأجندتها المرسومة لسورية ؟ ولماذا لم يتطرق للدور الإجرامي التي تقوم به جبهة النصرة وتنظيم مجد الإسلام ؟ ومن هي الجهات الداعمة لهذه التنظيمات الإرهابية المرتبطة بالقاعد ؟

في الواقع أثبت الإبراهيمي من خلال تصريحاته الأخيرة سواء فيما يتعلق بتقييمه لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد وللخطة الوطنية التي وضعها للخروج من الأزمة وإنهائها ، أثبت بأنه غير محايد وغير موضوعي ولم يكن في جعبته أية خطة خاصة به لمساعدة السوريين للخروج من الأزمة ، بل أكثر من ذالك نصبَّ من نفسه وكيلاً عن الشعب السوري ، واخذ على عاتقه رسم مستقبل سورية وفق الطريق التي حددتها له الجامعة العبرية ومن تسلط عليها من أعراب الخليج المتأمركين .

في النتيجة ليضع السيد الإبراهيمي في حسابه بأن السيد الرئيس بشار الأسد لا يُمثل بالنسبة للسوريين رئيساً للبلاد فحسب ، بل هو في أعين وعقول الأغلبية الواسعة من السوريين رمز لوحدة سورية وحامل أمين لقضيتها الوطنية والقومية ، وهو الضمانة الحقيقية لمنع انزلاق السوريين في حرب أهلية يسعى إليها بكل السبل الأمريكي والإسرائيلي وعملاؤهم في المنطقة ، وأي خارطة جديدة خارج الإطار الذي حدده السيد الرئيس بشار الأسد في خطته الوطنية في السادس من كانون الثاني الجاري من على منبر دار الأوبرا هو مرفوض شعبياً ورسمياً ولن يُكتب له النجاح ، والسوريون الذين حاربوا الإرهاب الدولي على مدى عامين متواصلين تقريباً وقدموا الضحايا الغالية والدماء الطاهرة ، مستعدون لمحاربة العالم بأسره لقاء حماية مستقبل سورية وضمانة استقلالها الوطني وحرية قرارها السيادي ، وإن من يدعي صداقة الشعب السوري من جهة ويُقدم المال والسلاح للإرهاب الدولي لقتل السوريين وتخريب وطنهم من جهة أخرى لم ولن يكن في أجندته خلال أي زمن ما يُمكن أن يُساعد السوريين لا في الماضي ولا في الحاضر ولا مستقبلاً ، والسوريون لن ينتظروا من هؤلاء الأعداء أية مساعدة ، والحكومة السورية تفتح صدرها للمبادرات والنصائح للآخرين من باب إثبات النية الصادقة لوقف كل الأعمال التي تضر بالشعب السوري ، وفي الوقت ذاته لم تصل سورية إلى حالة العجز التي يُصورها الإبراهيمي وشركائه في الجانب المعادي لسورية ، والحكومة السورية تقوم بواجبها الوطني في متابعة قضايا الشعب السوري ، وتعمل وفق خارطة الطريق التي رسمها السيد الرئيس بشار الأسد للوصول إلى مرحلة المصالحة الشاملة التي يأمل السوريون تحقيقها وإنهاء مفاعيل الأزمة بكل أبعادها ، وإعادة الأمن والاستقرار الذي أصبح من أولى طموحات الشعب السوري بكل أطيافه ، وهذا ما سيُحققه بواسل الجيش العربي السوري الأبطال الذين سيصنعون النصر الأكبر في هذا الزمن الرث ، وسيُعلمون أعداء سورية من أي لون كانوا أن سورية عصية على الانهيار وعصية على الهزيمة .

» بديهيات من رحم الحقيقة السورية .. نتاج العقل والمنطق والواقع
» الشعب يُريد الحقيقة
» بين طرطوس والقرم ضاعت جنيف
» ‏الفرصة التي ضاعت...دمشق بين الشوك و الشوق /نارام سرجون
» ما بين اقالة رياض حجاب وانشقاقة وتقصير الحكومة باصدار بيان توضيحي ...ضاعت حليمة ..بقلم : مي حميدوش