خبير عسكري: الجيش السوري بات ثاني قوة ضاربة في الشرق الأوسط
وسط الحجم الهائل من الضخ الإعلامي، والتضخيم والتهويل، الذي يستهدف بالدرجة الأولى هز ثقة المواطن السوري بمؤسسته العسكرية، شدد خبير عسكري مطلع على ضرورة التنبه إلى حقائق على الأرض لإبقاء النظرة إلى الوضع الميداني في سياقها الحقيقي وليس "الافتراضي" على مواقع التواصل الاجتماعي، أو القنوات الفضائية.
وفي هذا السياق، شدد الخبير العسكري على أن اسقاط الطائرة التركية يوم أمس يؤكد يؤكد أن هناك بعدا ايجابيا حملته الأزمة التي تواجهها سوريا لجهة تطوير المنظومة الأمنية والعسكرية السورية والمفاهيم الأمنية التي تعمل على أساسها، بالتوازي مع ما يجري من تطوير على المستوى السياسي.
ولفت الخبير العسكري المطلع على الوضع الميداني، إلى أن كثيرا من السوريين قد ركزوا أنظارهم على الدعاية الإعلامية، وهذا شيء طبيعي لأنه لايمكن أن يكون كل سوري متخصص في الشؤون العسكرية والميدانية ويمكنه فهم كيفية عمل قوى الأمن أو الجيش على أرض الميدان، خاصة إذا كان هذا الميدان هو مناطق سكنية جراء اتخاذ المجموعات المسلحة لهذه المناطق درعا لها، لمعرفة هذه الجماعات بعدم قدرتها على مواجهة الجندي السوري وجها لوجه.
انطلاقا من هذا الواقع، يؤكد الخبير العسكري أن الجيش السوري يتحرك وفق قواعد اشتباك محددة تقوم على مبادىء وطنية وأخلاقية بالدرجة الأولى غايتها، كما بات معروف لكل السوريين، هي التقليل من الخسائر بين المدنيين، وذلك بأمر من القيادة السورية على أعلى مستوى، لافتا إلى ضرورة أخذ بعض النقاط بعين الاعتبار:
- رغم التطور النوعي لسلاح الجيش السوري وتدريباته، الحقيقة هي أنه لايمكن لكل وحدات الجيش أن تكون مدربة على حرب العصابات، فلا يمكن للقطع العسكرية المدرعة أو الميكانيكية أو وحدات الدفاع الجوي على سبيل المثال أن تكون مدربة على حرب كهذه، وأن وحدات عسكرية محددة يكون من اختصاصتها خوض هكذا حرب، ومن غير المنطقي أن يتوقع السوريون تحول جيشهم كله إلى جيش متخصص بحرب العصابات.
- لم يتسخدم الجيش السوري حتى الآن كامل قدارته العسكرية، وأن المعركة حتى الآن لم تتطلب من الجيش استخدام أكثر من 15 بالمائة من قوته الفعلية، ولو تخلت مؤسسة الجيش عن مبادئها الأخلاقية، لما اضطرت لاستخدام أكثر من 5 بالمائة من قدرتها لحسم الواقع على الأرض.
- تدل سرعة الانتشار والتنقل على الأرض، سواء لقوى الجيش أو الأمن على أن منظومة تسلسل القيادة المطبقة وتنسيق العمل بين الوحدات العسكرية والأمنية أثبتا فعالية عالية، بدليل أن العصابات المسلحة رغم كل الدعم والتدريب والمساعدات التقنية التي تتلقاها لم تتمكن من تحقيق إنجازات على الأرض، وما المجازر أو التفجيرات الانتحارية التي نفذتها تلك العصابات سوى دليل على ذلك.. أي انها لجأت لهذه الأساليب لخلق حالة "رعب" بين الناس، ودفعهم لممارسة ضغوط على المؤسستين العسكرية والأمنية للتراجع.
- سمع السوريون الكثير عن قدرة جيشهم على خوض معركة على أكثر من جبهة، وعليهم إدراك أنه يخوضها حاليا بالفعل، وبمهارة عالية، ويكفي النظر إلى تعدد الجبهات التي يحارب عليها هذا الجيش، فرغم كل المواجهات الداخلية المتواصلة، تبين أنه جاهز لحرب خارجية أيضا إذا فرضت عليه.
- قوى الأمن السورية تخوض هي الأخرى حربا شرسة، ويجب عدم الاستهانة بالخصم وقدراته سيما أن قوى الأمن السوري تحارب أكثر من جهاز استخبارات دولي في آن واحد، والحرب الأمنية عادة تخاض في الساحات الخلفية لميدان المعركة وهي مليئة بالغرف السرية والدهاليز، وعلى السوريين عدم فقدان الثقئة بقواهم الأمنية، لأنه رغم كل الضربات التي وجهت لهذه الأجهزة لاتزال تعمل بكفاءة عالية، ولولا هذه الكفاءة لكان الوضع في سوريا كارثيا.
- من المهم جدا أن يدرك كل مواطن أن الجيش السوري وقوى الأمن يخوضان معركة بطبيعتها هي معركة طويلة الأمد، وطول أمدها ليس ناتج عن ضعف في الجيش أو قوى الأمن، بل لتعدد الجهات التي تستهدف سوريا والميزانيات الضخمة التي رصدت لها وتنوع أساليبيها بهدف إطالة أمدها على أمل إنهاك الجيش واستنزافه، وتفتيت ثقة السوريين بجيشهم.
وخلص الخبير العسكري إلى أن توفر دعم شعبي ومعنوي لهاتين المؤسستين منذ بدء الأحداث في سوريا كان له آثاره الكبيرة التي أربكت خصوم سوريا، مؤكدا أن ضارّة الأزمة السورية جاءت من مكان آخـر بمنفعةٍ وهي تعزيز في نوعية القدرات العسكرية السوريّة التي أصبح معها الجيش السوري بحق ثاني قوة ضاربة في الشرق الأوسط.