كتب حسين الفياض: العراق بين خليج العار وحراك النار

كتب حسين الفياض: العراق بين خليج العار وحراك النار

بقلم : حسين الفياض
مأساة سياسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى يعيشها العراق اليوم بعد أن سمح بعض أبنائه في المنطقة الغربية لأردوغان وحمد وبندر بن سلطان بالتحكم في آرائهم السياسية والفكرية، في المقابل كان الأخوة الأعداء في الوسط والجنوب يتصارعون فيما بينهم.. كل وفق الأجندة التي يمثلون ويتبعون.
صحيح أن أميركا انهت احتلالها شكليا للعراق إلا أنها تركت متفجراتٍ سياسيةً أغلبها في القائمة (العراقية) وبعض منها في إقليم كردستان وقليلٌ في التحالف الوطني. أزمة خانقة عاشتها بلاد الرافدين نتيجة سياسة حكومة التوافق أو حكومة الوحدة الوطنية التي لم تستطع السيطرة على إرهاب الشركاء السياسيين.
في بداية أحداث (الخريف العربي) حاول البعض دس السم بالعسل واللعب على وتر شعاراتٍ أكل الدهر عليها وشرب ، لكن المالكي استطاع ترويض خصومه قبل أن تأتيه النيران الصديقة من مقتدى الصدر في التحالف الوطني الذي تحالف مع جزءٍ من سنة العراق وأكراده للإطاحة بحكومته.
وبين تلك الفترة وما يعيشه العراق اليوم هزت تفجيراتٌ ارهابيةٌ ودموية بتحريك وتمويل (قطري – سعودي – تركي) عشرات المدن موقعة في كل عام ما لا يقل عن عشرة آلاف عراقي بين قتيل وجريح، لتسقط ورقة التوت عن فخامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ويُحكم عليه غيابيا خمس مرات بتهم الارهاب.
المالكي لم يفهم الدرس جيداً واستمر في سياسته للحفاظ على جزء من التوازن الكاذب في العراق، وابتعد مرة أخرى عن سياسة البيت الأبيض محاولاً أن يدخل في محور المقاومة عبر خطوات مساندة للدولة السورية في الحرب المفروضة عليها، رسائل عدة وجهت إلى بغداد لتخفيف الدعم السياسي والاقتصادي، لكن رئيس الوزراء لم يفهم ما يحاك له من مكائد سياسية وتحشيد في الريا ض والدوحة وانقرة لتغيير الخارطة الإيديولوجية وبداية التقسيم الفعلي للعراق بعد التقسيم الاجتماعي.
إجراء صحيح وخطأ أمني باعتقال رئيس حماية وزير المالية رافع العيساوي الذي اعترف بمشاركته بعمليات ارهابية وتلقيه أوامر من خارج الحدود، ولولا الحصانة لوجدنا العيساوي أيضا خلف القضبان، الأمر الذي استثمره بشكل ممتاز الحزب الإسلامي العراقي، ذو الشخصيات العلمانية في القائمة العراقية بتوجيه مباشر من بندر بن سلطان عبر السفير السعودي في عمان الذي نقل الأوامر المباشرة لاجتماع عاجل عقد في الآونة الأخيرة في اسطنبول بين بعض الشخصيات السياسية من القائمة العراقية وعلى رأسهم طارق الهاشمي وأحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي وأحد أبناء أمير قطر ومبعوث خاص من وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أما نتائج الاجتماع فقد عبر عنها المتظاهرون السلميون في محافظة الأنبار عبر رفعهم صور أردوغان وعلم الإنتداب الفرنسي لسورية وبعض شعارات المجاميع المسلحة التي تقاتل الشعب السوري.
قد يختلف البعض حول التفسير المنطقي والهدف الحقيقي من الحراك الذي يراد تصويره على أنه شعبي، مطالب محقة بإصلاحات سياسية أبرز شعارات المعتصمين والمتظاهرين في بعض المدن (السُنية) وتأييد شيعي من زعيم ما تبقى من التيار الصدري (مقتدى الصدر) لإخفاء النكهة الطائفية، ومن تحت الطاولة مشروع تدميري لأخذ العراق إلى المرحلة الأخيرة من التقسيم الذي يهيأ لإقامة دولة سنية على حدود سورية، وفي مقاربة أخرى مشابهة لنصيحة ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر لإضعاف الجوار السوري وتهيئة مطبات حقيقية بصبغة طائفية تحيط بشرق سورية من جهة وشمال مملكة آل سعود من جهة أخرى.
وفي إثبات لنوايا البعض تدمير الحدود السياسية السورية من بوابة العراق، كما دُمِر جزء من حدود سورية من بوابة لبنان وتآمر تيار الرابع عشر من آذار وتقصير البعض من فريق الثامن من آذار وحكومة نأت بنفسها، وكأنما السيناريو يعيد نفسه ولكن بنكهة عراقية هذه المرة.
تحريض طائفي وبث للسموم في قنوات الفتنة والعدوان التي أشركت العراق في ساعات بثها مع سورية، لتصوير ما يحدث على الأرض بثورة شعبية وانتفاضة ضد حكومة المالكي الذي لم يتخذ إلى الآن خطوات ملموسة لصد عدوان الإقليم على العراقيين، المنقسمين بشكل مخيف اليوم ضد بعضهم بتحريك مستمر ممن ساعد القوات الأمريكية في 2003 على احتلال العراق، وفي لحظة طائفية تحول أعداء الأمس إلى أصدقاء اليوم وتناسى عزة الدوري نائب رئيس الجمهورية الأسبق أن من أطاح بنظام حكمه هو الجيش الأمريكي وليس حكومة المالكي التي وصفها بالفارسية.
مرحلة قد تكون البداية بصراع جديد وإعادة إرواء نهر الدم لزيادة الانقسام وإعادة التدخل الخارجي في العراق من بوابة حماية المدنيين أمام جيش وليد بإمكانات ضعيفة، والرابح الأكبر أمريكا وإسرائيل ما دام القطريون والسعوديون والأتراك قد أداروا دفة الصراع نحو الشرق وتجاهلوا القدس، وبعض العراقيين الدمويين لم يأسفوا على خسارة بلدهم وتعلو أصواتهم التدميرية في محاولة منها للتقسيم الحقيقي وإنهاء حضارة دفنت تراثها بأيادي أبنائها .. وللحديث تتمة..

» كتب حسين الفياض: انا وحسنين هيكل
» الإعلامي حسين الفياض :الرجاء ثم الرجاء من لم يقم بتوليف القناة السورية ا÷رضية فليقم بذلك على وجه السرعة
» سقوط اتفاقية العار
» رغد صدام حسين تفجر قنبلة وتفتح النار على الجزيرة .. المعارضة يريدون تدمير سورية لضرب كل نفس قومي عروبي
» ما هي الأمانة التي أودعها صدام حسين لدى إيران وأعادتها الى العراق؟