كتب خضر عواركة - دمشق
الحلقة الاولى : قناة الميادين كسلاح اعلامي ....اي معركة ولأي هدف ؟
http://www.arabi-press.com/?page=article&id=57440
يعتبر السيد " غسان بن جدو " ان انحياز قناته الى خط المقاومة في ادائها الاعلامي يجعله في موقع الخاسر !
يصر الاعلامي المميز على انه يمتلك رأيا سياسيا منحازا لخط المقاومة ولكن معاييره المهنية التي اشتهر بها لا تسمح لأدائه في إدارة قناة الميادين بأن يكون منحازا....
ليس المطلوب الانحياز، ولا تكرار تجارب سابقة فشلت وسقطت لا بالانحياز بل بسبب المضمون.
والمطلوب ووضع ثوابت اخبارية تنطلق من فهم متفق عليه بين بن جدو وبين مموليه المسؤولين عن مستقبل انصارهم في عالم يلعب فيه الاعلام دور المقصلة والدرع (فأن اخطأنا كان مقصلة) وإن اصبنا (كان درعا).
المشكلة ان عدم الانحياز يعني لدى قناة الميادين حاليا غيابا شاملا للمصطلحات الموضوعة خصيصا لتخدم اهداف القناة، فما هي يا ترى اهداف القناة ؟
تحرير فلسطين ؟
نصرة اللاجئين وفرض عودتهم ؟
ايصال حماس الى السلطة في رام الله ؟
التخصص في بث الشعر الوطني الفلسطيني ؟
هدف القناة يجب أن يكون الدفاع عن خط المقاومة كفرض عين على من انتدب نفسه وقبل مهمة كانت لغيره من قبله ، فلما ترك الجزيرة وصلت اليه.
نقل الخبر كما هو دون تبديل في المصطلحات بحيث يتساوى " القتلى" في سورية فلا شهيد بينهم ليس عملا مهنيا بل هروب من واجب في ساحة حرب .
انا اعرف والسيد بن جدو يعرف من يموله يعرف بأن ما اقوله عين العقل ، ولكن هناك ذوي عقول راجحة لم يفهموا حتى الان ماذا يريد بن جدو من الميادين ؟ واين هو الدور الذي تعهد بأن يلعبه حين وافق على الانطلاق بها ؟
عدم الانحياز ومساواة المقاومة باعدائها في سورية (الجيش العربي السوري يقاوم مرتزقة ) لا يخدم المقاومة في فلسطين ولا في لبنان . وعدم مسائلة حماس عن تخلفها عن انقاذ الأمة من المذهبية بمواقف كان يمكن لقيادتها ان تتخذها بحيث تقول بأن المذهبية ليست سبب الظلم الواقع على الشعب السوري من حكامه، وانها يمكن ان تقول بأن الاصلاح وإن طال زمن تحققه خير من تدمير سورية في وقت قصير.
والانحياز لا يعني ان تتبنى القناة خطاب المقاومة بل ان تتبنى القناة استضافة شخصيات فاعلة وقادرة على تقديم منطق المقاومة كما قدم جورج صبرا منطق العملاء دون ضيف آخر يواجهه ؟
وعدم الانحياز يعني ان الموقف في فلسطين واضح في قناة الميادين فلماذا لا تملكون الحماسة نفسها لانقاذ الشعب السوري بمشاركته بمحاربة الارهاب وبطريقتكم المهنية الراقية؟
بسبب الاخطاء في التقدير التحريري حققت القناة لاعداء المقاومة ما لم تحققه لهم وسائل اعلامهم، وفيلم " الصوفيون في مصر " خير مثال على ما اقول.
السيد نصرالله منحاز وليس محايدا مثل السيد بن جدو (وقناته )ومع ذلك حين يتحدث في وسائل الاعلام يشاهده ملايين البشر ممن هم محسوبون على اعدائه ، وذلك لأهمية اقواله ولجاذبية مضمون حديثه .
" بي بي سي " البريطانية منحازة ضد سورية ولكنها ليل امس (الرابع والعشرين من ديسمبر - ك 1 ) عرضت برنامجا وثائقيا عن معاناة الاعلاميين السوريين العاملين في قناة " الاخبارية " وجرت معاملة الوثائقي بطريقة مهنية عالية تعيد لل بي بي سي جماهير الموالين السوريين فيتابعونها من جديد وغصبا عنهم . هذا عمل اعلامي هادف يعرف مهمته ويتصرف يوميا بما يؤمن وصوله الى الهدف .
من يقف مع المقاومة ومن يشرفه السيد نصرالله بثقة مطلقة من بديهيات وفائه ان يقدم للمقاومة جهودا تبدأ باعلان الولاء العملي لها ولمن يحالفها في المنطقة، لا ان نضيع على ادبيات (مهنية لا فائدة منها ) جهود العاملين في الميادين.
ما يحتاجه انصار المقاومة وانصار الرئيس بشار الاسد اليوم وفي هذه اللحظة (وليس في العقد القادم ) هو دعم معنوي اعلامي يعيد اليهم الحماس الذي يفتقدوه احيانا بسبب تكالب الاعلام عليهم ، وبسبب الحرب الاعلامية الفعالة ضدهم ، هذا في وقت انتظروا " قرعة الميادين لتنقذهم فزادت من احباطهم " !!
روى لي مقاتل من حزب الله اسمه م – موسى ( 24 سنة ) ما جرى عليه ورفاقه الستين في وحدة مقاتلة ، دورها الامساك بانفاق تضم صواريخ قصيرة المدى ووسائل اطلاقها في خراج بلدة عيتا الشعب خلال حرب تموز 2006 . الشاب اعترف بأنه ورفاقه جميعا انهاروا نفسيا حين استمعوا إلى راديو صوت لبنان الموالي للأميركيين في بيروت ،والخبر كان بأن الدبابات الاسرائيلية احتلت بنت جبيل وسهل الخيام ومرجعيون، ووصلت الى مشارف قلعة الشقيف .
فلماذا يا ترى كانوا يستمعون الى راديو معاد لهم ؟ ومنحاز بالكامل الى اسرائيل ؟
لأن اذاعة النور كانت تبالغ في نفي اي تقدم ، وكانت تبث خطابات غير جذابة ،و بالغت في تحجيم الهجوم البري الاسرائيلي.
هذا الحديث الشخصي يثبت عمليا ومن ارض المعركة المصيرية ان الاعلام اخطر من السلاح، فمقاتلي حزب الله كانوا يمتلكون السلاح ولكن معنوياتهم ضربتها اذاعة لا دبابات العدو .
امر لم يدم طويلا :
حين سمعوا الخطاب الاول للسيد حسن نصرالله بعد الهجوم الصهيوني البري . يقول م – موسى :
" حين سمعنا السيد حسن نصرالله نزلت دموعنا وتيقنا من النصر ، وكنا شبه مطوقين . معنوياتنا المرتفعة بفضل خطاب سماحة السيد نصرالله حققت المستحيل وأنستنا كل بروباغندا الاعداء فضربنا العدو من الخلف وشاركنا في صليات الصواريخ حتى اذقنا العدو ما دفعه للتقهقر . الفرق بين الحالين: اليأس والروح الهجومية هو المعنويات ....التي نتجت عن خطابين اعلاميين متضاربين
الانحياز في فلسطين حلال وفي سورية حرام ؟
الانحياز الكلي لحماس في فلسطين، والمعاداة العلنية للسلطة الوطنية، وفي الوقت عينه الترويج لبروباغندا اميركية عبر استقبال ضيف معارض دون موال يواجهه ودون مقدم برنامج يقارعه! هل هذه حيادية ومهنية؟
ربطا بما سبق ، كيف يمكن نقل قناة الميادين من مؤسسة اعلامية نجحت نتيجة لشهرة مؤسسها ومن معه من مشاهير الى مؤسسة لها اعرافها وطقوسها ومصطلحاتها ومدرستها الاعلامية ؟
االميادين مؤسسة تشهد تطورا وتقدما بمقياس اوقات الرفاهية ، ولكنها ليست الجهة التي يستضيء بنورها الرأي العام المقاوم .
مادة الميادين الاعلامية حيرت المقاومين وانصارهم ، فاصبحت مشبوهة عندهم ، تتآكلهم الاشاعات، وتتلاعب بأفكارهم الأكاذيب التي تلاحق بن جدو ، ويعين هو على نفسه اعدائه فيتعامل مع قناته كمن يتعامل مع شتلة نخيل تحتاج لخمس سنوات من الزمن ليقطف ثمارها ؟
كان للرجل شعبية كاسحة حتى ما قبل اشهر ، والان ماذا يسمع الرأي العام المقاوم عنه ؟ :
فتارة عمر كايد مندوب خالد مشعل للتآمر مع غسان بن جدو على سورية !
وتارة ، غسان بن جدو " قبل عرضا من راشد الغنوشي للترشح لمنصب رئيس الجمهورية التونسية القادم في نقلة له من العمل في محور المقاومة الى ترؤوس جمهورية اخوان مسلمين في تونس الخضراء "
!! اشاعات قتلت عشق الناس للميادين ولبن جدو ، فان فقد الرجل اهله وناسه ومحبيه فهل سيستعير جماهير غيرهم من مخزن العرعور والقرضاوي ؟؟
الميادين " في مادتها عن الصوفيين في مصر بالامس ماذا ارادت ان تقول ؟
لقد اظهرت المادة الوثائقية اوسخ ما في الصوفيين وارتنا صورة بشعة جدا عنهم ، فهل هذا دور الميادين ؟ تحطيم حلفاء المقاومة واعانة الوهابيين اعدائها ؟؟
.
ما الحل المقترح ؟
تبني سياسة محايدة ومهنية ولكن فتح المجال للضيوف وللتخطيط الاخباري ليتوليا المهمة
ويجب اتخاذ خطوات فورية منها :
تأسيس مركز (او مجلس تخطيط نفسي يقوده علماء ذوي خبرة طويلة في مجالاتهم وهي) :
خبير علم نفس اعلامي
خبير في العلوم السياسية
خبير في العلاقات العامة
خبير في التسويق
خبير في اعداد البرامج
هذا المجلس الذي سبق ذكره يتولى وضع استراتيجية عامة للتعامل اعلاميا (من خلال برامج الميادين ومن خلال نشرات الاخبار والوثائقيات) بناء لمعلومات يحصلون عليها من المراسلين، الذين يتلقون اسئلة محددة تؤمن الاجابة التفصيلية عليها للخبراء في مجلس التخطيط المادة البحثية المتغيرة شهريا . فتسارع الاحداث يوجب ملاحقة التغييرات التي يحققها الاعلام المعادي في نفوس المواطنين من كل قضية على حدة .
تحت هذا المجلس يجري وضع " مجلس التخطيط الاخباري " المؤلف من خبراء في الاعداد البرامجي، وليس صحافيون عاديون او اعلاميون يهمهم شكلهم اكثر من مضمون ما يسألونه للضيوف.
مجلس التخطيط يتولى تنفيذ الاستراتيجية وتحويلها يوميا الى برامج (اسئلة معينة محاور للنقاش اضاءة او تعتيم على ملفات بعينها ، استهداف نقاط الضعف عند الضيف المعادي ووضع ضيف اميركي موالي لاسرائيل في برنامج واحد مع ضيف موالي لمعارضي خط المقاومة ليبدوا للمشاهدين كيف يتطابق منطق المعارضين مع منطق حماة اسرائيل في الغرب الخ).
تحت مجلس التخطيط الاخباري الذي يصدر الخطوط العامة للبرامج يجلس معدو البرامج اليومية ممن يجب ان ينسقوا اعداد برامجهم مع بعضهم بعضا ، من خلال اجتماع تحرير عام لكي تتكامل جهودهم ولا تتضارب كما هو حاصل حاليا.
الحياد قرار ولكن بالممارسة الميادين ليست حيادية بل هي عبء وسيف مسلط على اعصابنا ، هي صاروخنا الحامل لقمرنا الصناعي ولكننا نراه يزأر ولا انطلاق .