التسوية السورية حقيقة أم وهم ؟- غالب قنديل

التسوية السورية حقيقة أم وهم ؟- غالب قنديل

يتردد في الأروقة الدبلوماسية وعبر وسائل الإعلام كلام كثير عن تسوية دولية إقليمية قريبة تشكل إطارا للخروج من الأزمة السورية ويجري تمرير الكثير من السيناريوهات والتفاصيل المتعلقة بمثل هذه التسوية ربطا باستحقاقات ومواعيد دولية أبرزها انجاز الرئيس الأميركي باراك أوباما لتركيب تشكيلته الحاكمة الجديدة ووضع استراتيجياتها التفاوضية مع روسيا والصين بخصوص الملفات الدولية المشتعلة ولا سيما منها الموضوع السوري.

أولا: إن الكلام الافتراضي عن تسوية داخل سورية بات اليوم يعني وفي الظروف الحاضرة للحرب التي تخوضها الدولة الوطنية السورية في مجابهة العدوان الاستعماري الذي يستهدفها، أن تقبل هذه الدولة الوطنية الحكم بالشراكة مع القاعدة ومصنفاتها التي هي القوة الأساسية المحاربة على الأرض أو أن ترضخ لمبدأ الشراكة في الحكم وفي مؤسسات الدولة مع القوى والتشكيلات السياسية العميلة للغرب والتي تتبنى توجهات سياسية يرفضها السوريون جملة وتفصيلا، خصوصا وان تلك الجماعات العميلة وفي مقدمتها تنظيم الأخوان المسلمين باتت منخرطة إلى النهاية في تركيبة القوى التكفيرية والإرهابية الدموية التي تغرق مناطق سيطرتها ونفوذها في حمامات من الدماء وفي حرائق تخريب وتدمير البنى الأساسية في البلاد.

ثانيا: إن المضامين السياسية لجميع مشاريع التسويات المتداولة في شقها الداخلي باتت خاضعة لنتائج الصمود السوري و لحقيقة الموقع والمكانة التي تنعقد بجميع عناصرها عند شخص الرئيس بشار الأسد وكل الاقتراحات التي تتحدث عن الحوار وعن الإصلاحات وعن حكومة الوحدة الوطنية وعن تمثيل المعارضة التي توافق على مبدأ الحوار والشراكة في المسؤولية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع عبر الانتخابات النيابية لرسم الأحجام السياسية وعبر الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2014، كل ذلك الكلام ليس إلا اجترارا بلغات متعددة لما طرحه واقترحه الرئيس بشار الأسد منذ بداية الأزمة واتخذ على أساسه مبادرات دستورية وسياسية نالت دعم و مساندة غالبية شعبية ساحقة ، وكل العالم يعرف أن الجماعات المعارضة المرتبطة بالخارج أدارت ظهرها لكل ذلك لأنها راهنت على التدخل الأجنبي في سورية ولأنها مرتهنة للإرادة الأجنبية ولأموال الخليج ولأنها قبل كل شيء وعلى رأسها قيادة الأخوان المسلمين تخاف من الاحتكام إلى الإرادة الشعبية وتعرف أنه ليس لديها لا الوزن ولا الرموز بما يؤهلها لمقارعة زعامة الأسد التي تحظى برصيد شعبي يتعاظم منذ انطلاق الأزمة حتى اليوم و حيث يتبدى الأسد في الواقع السوري بوصفه موقع القوة الحاسم الذي يرتبط به الجيش والشعب وهيكل الدولة الوطنية في آن معا و يقينا فذلك هو مصدر استهدافه من قبل الغرب الاستعماري و عملائه.

ثالثا: هذا الواقع السوري يعرفه جميع المتحركين في فضاء الأحداث وهم يعلمون أن الكلام عن تسوية في سورية بات يعني التوصل إلى تسوية بين مجموعة الدول الحليفة لسورية وبين الولايات المتحدة بصورة تؤمن مخرجا لائقا للهزيمة الأميركية أمام الرئيس الأسد وتوفر فرصة لحلفاء سورية لاستثمار نتائج صمودها في تكوين المعادلات الدولية والإقليمية الجديدة، وهذا هو المضمون الوحيد لأي تسوية سينتجها الواقع السوري أي تسوية حول الوضع الدولي والإقليمي ومعادلاته و أوان هذه التسوية سيتقرر عندما تستسلم الولايات المتحدة لحقيقة هزيمتها في سورية و تعترف بذلك و لو في الكواليس الدبلوماسية الدولية ، أو عندما تبلغ واشنطن مرحلة اليأس من قدرة عملائها و عصابات الإرهاب التي تدعمها على تحقيق استنزاف إضافي للدولة الوطنية السورية ، أما الوضع السوري الداخلي فهو لن يكون من طرف الرئيس بشار الأسد مطروحا للمساومة أو النقاش مع أي كان فشروط سورية السيادية الوطنية وثوابتها القومية غير قابلة لأي تنازل ومجابهة الإرهاب والتكفير وفرض سيطرة الدولة الوطنية وجيشها على جميع أنحاء سورية هو هدف حاسم لا يقبل المساومة.

رابعا من يريد في العالم والمنطقة أن يساعد على وقف العنف في سورية عليه قبل كل شيء أن يظهر جدية وحزما في إقرار تدابير دولية ملزمة تمنع تصدير الإرهابيين ومدهم بالسلاح والمال داخل سورية وهذا ما يعرف المتحركون حول الوضع السوري من الأصدقاء والخصوم أن الولايات المتحدة تمنعه وأنها تشرف بالأصل بمخابراتها وسفاراتها على جميع الأنشطة الإرهابية في سورية وهذا هو التحدي الذي يواجه المواقف الروسية والصينية في مجلس الأمن وهو سيكون المحك الحقيقي للجدية في التعامل مع الوضع السوري أما التسويات المحكي عنها فهي حصاد المكاسب المشروعة لحلفاء سورية بنتيجة صمودها.

واهم من يظن أن سورية يمكن أن تتحول إلى دولة يتواجد في إطار مؤسساتها عملاء للغرب ولإسرائيل ومرتزقة للأنظمة الخليجية التابعة للغرب فإرادة المقاومة الشعبية والوطنية التي يعبر عنها الرئيس الأسد في الواقع السوري أقوى وأكبر من محاولات الترويج لتسويات ولمشاريع تنطوي على التنازلات .

الأجدى هو الحديث عن التسوية الدولية الإقليمية التي تنهي الأحادية الأميركية في حصيلة انتصار سورية على العدوان الاستعماري المستمر والذي لا تلوح آفاق لدحره بغير القوة أمام التصميم الأميركي على استنزاف منظومة المقاومة في المنطقة انطلاقا من مركزها المتمثل بسورية.

» خطوط التهرب الأميركي من التسوية – غالب قنديل
» سر الصلابة السورية – غالب قنديل
» الحقائق السورية العنيدة ....غالب قنديل
» الحقائق السورية العنيدة ....غالب قنديل
» الناتو و الصفعة السورية المربكة ....غالب قنديل