كيري يُعانق نجاد ويشتم نتنياهو

كيري يُعانق نجاد ويشتم نتنياهو
Wednesday, December 19, 2012 - 09:46 PM
نبيه برجي

لو كان لسوزان رايس شاربان متهدلان لكانت، حتى في الشكل، على شاكلة جون بولتون. المطرقة على رؤوس الآخرين بدل القفازات الحريرية. ولكن ألم تفعل ذلك مادلين اولبرايت التي كانت تزين صدرها بأفعى ماسية؟ كذلك جين كيركباتريك التي كان يتجنب الاقتراب منها حتى المندوب الروسي في الامم المتحدة...
هذا اثار ذهول وودي ألن الذي سأل «لماذا يردن، هؤلاء النساء، ان يكنّ رجالاً اكثر من الرجال؟». والواقع ان تعيين امرأة وزيرة للخارجية لم يكن وارداً لدى اي من الرؤساء بدءاً من جورج واشنطن وحتى جورج بوش الاب، الى ان قرر بيل كلينتون، في عام 1997، ان يخرق التقليد ويأتي بامرأة تشيكية يهودية غامضة ومطلقة هي اولبرايت..
بعدها كوندوليزا رايس، الصاخبة والصاعقة واللاواقعية مثل استاذها ديك تشيني، مع ان التي اتت بها هي علاقتها الوثيقة، والببغائية، بآل بوش الذين كانوا بحاجة الى امرأة سوداء بينهم لتحد من البياض الشديد داخل عائلة تفاخر بصور الآباء الذين كانوا يمتطون الاحصنة على طريقة رعاة البقر، ويعتبرون ان كل من ليس هو بروتستانتي على صلة ما بيهوذا..
لم تصبح هيلاري كلينتون رئيسة، لكن باراك اوباما كان من الدماثة، والشهامة، ان عينها وزيرة للخارجية ليس فقط لكي تنسى مونيكا لويفنسكي، عشيقة زوجها، بل لكي تنسى زوجها ايضا. وحين حاولت ان تتصرف كما لو انها لا تزال زوجة الرئيس افهمها باراك بشيء من الفظاظة المهذبة، او المخملية،انه هو بالذات من يتولى هندسة السياسات الخارجية للولايات المتحدة.
من الآن وصاعداً لم تعد السيدة هيلاري تعنى بشعرها اكثر مما تعنى بملف الشرق الاوسط. انكسر التقليد الآخر، وها هو جون كيري يستعد للحلول محلها. ويقال في واشنطن انه الرجل الذي نحتاج اليه الآن. براغماتي ولا تستبعدوا ان يعانق محمود احمدي نجاد او ان يشتم علناً بنيامين نتنياهو، وهو الذي يعتبر، على كل حال، ان الاثنين بعيدان عن التفاعل مع فلسفة العصر، كما مع مقتضيات العصر...
قال الباحث مايكل والتز انه لو أتي برايس من نيويورك الى واشنطن لخربّت كل شيء، وعلى كيري ان يبني كل شيء دون ان يصطدم في اي يوم بالبيت الابيض الذي يفترض بالجميع ان يفهموا انه البيت الابيض، وان ثمة رجلاً آخر في داخله..
في القرن الفائت، او بالاحرى حتى السنوات الاخيرة جداً من النصف الاول من القرن، لم يكن هناك وزير للخارجية يستطيع ان يكون اكثر من ظل، ظل خافت جداً، للرئيس، اذ من تراه سمع بوليم براين او روبرت لانسنغ في عهد وودرو ويلسون، او بكورديل هول او ستيتينيوس جونيور في عهد الرئيس فرنكلين روزفلت؟
وزراء الخارجية بدأوا يتألقون مع هاري ترومان. في عهده برز الجنرال جورج مارشال، صاحب المشروع الشهير لقيامة اوروبا من بين الانقاض، قبل ان يكتب سايروس سالزبرغر عن قيامة العالم. وفي عهده ايضا برز دين اتشيسون الذي عُزي اليه مصطلح «الحرب الباردة». والصحيح ان هذا المصطلح من انتاج ملكة اسبانيا ايزابيلا التي طردت العرب من الاندلس، وموّلت حملة كريستوف كولومبس بمجوهرات غرناطة، حتى ان برنارد لويس، وقبل ان يتحول ضدنا، قال ان المال العربي هو الذي اكتشف اميركا، وهو الذي ينقذ الآن، مجاناً، اميركا....
انه دوايت ايزنهاور، بطل النورماندي، في البيت الابيض. قال له وزير خارجيته جون فوستر دالاس «هذا هو، يا سيدي، الوقت الذي نعيد فيه هيكلة الكرة الارضية، فلقد انتهت الامبراطوريات القديمة في اوروبا، وعلينا ان نبقي الامبراطورية السوفياتية وراء الثلوج». بدا ذلك واضحا في موقف واشنطن حيال حرب السويس وحين ساندت الفيتكونغ في فيتنام ضد الفرنسيين. ولكن مع دالاس بدأت تلك النظرة الفوقية الى العالم. قال السناتور وليم اولبرايت «هذا الرجل علّم الآخرين كيف يكرهون اميركا حتى عندما يبعث اليهم بأكياس الطحين» عبر «النقطة الرابعة».
الخارجية الاميركية عرفت العديد من الشخصيات الباهتة. البارزان روبرت ماكنمارا وجميس شليسنجر آثرا البنتاغون، ليكون النجم هو هنري كيسنجر. سأل اندريه فونتين «هل هو الثعلب ام الذئب ام التمساح الذي يحطم عظام ضحاياه؟»، على ما فعل بسلفه وليم روجرز وبالمستعربين في الوزارة.انه حتماً، كل هؤلاء واكثر...
الآن، جون كيري الذي يرث عارضة الازياء هيلاري كلينتون التي قد تصبح رئيسة لاميركا عام 2016. حتما اسلوب مختلف في التعاطي مع الملفات الحساسة. السناتور يضرب يده على الطاولة ليخيف خصمه لا ليحطمه. ولكن هل لا يزال باستطاعة اميركا تحطيم خصومها؟ لا نقول خصوم، او اعداء، الدرجة الثانية او الثالثة!

» اتفاق كيري نتنياهو - ناصر قنديل
» بعد نتنياهو كيري يوزع الاتفاق – كتب ناصر قنديل
» نتنياهو يرفض مصافحة كيري ؟.. لو كنت مكانه لرددت الاهانة بما هو اكثر ايلاما منها!
» اعتصامات ضد عقد مؤتمر أعداء سورية على الأرض الأردنية وكادر الجزيرة يستفز المشاركين ويشتم الذات الالهية
» خليفة نجاد واحد من هؤلاء