دام برس :
احرقوا كتب الأدب جميعاً تلك قصةٌ تختصر ما في الأرض من آلام و من عشق و سلام و شهادة، كتبوا كثير عن قصص الحب وعن قصص الحرب، روايات وروايات اكتظت بها المكتبات، ولكن في وطني تكتب ملحمة البطولة بدماء الشهداء، ملحمة مقدسة غيرت التاريخ وأسست لأدب جديد هي قصة من واقعنا المعاش تتكرر يوميا أحببت أن أرويها لكم وكما يقال في القصة عبرة.
في مطار الشهيد باسل الأسد في مدينة الشهداء في منطقة جبلة اجتمعت ومن حولي نساء ورجال وشيوخ وأطفال، اجتمعنا مودعين شبابنا المغادرين إلى حلب لتلبية نداء الواجب الوطني، شباب من المتطوعين والاحتياطيين نادهم الوطن فلبوا النداء.
ضجيج المكان لم يواسي دموع الأمهات المولعات، تلك تشتم شعر ابنها، وتلك تقبّله في صدره علّه لا يشعر بحقد الرصاص حين يخترق جسده،وأخرى تقف لتزغرد, هو آخر أبنائها يمضي كما أخوته إلى الشهادة، طفل يودع أباه بدموع بريئة تحرق الكون أسئلة تجول في البال متى ستعودون.
اكتظ المكان بالبشر يأتي ضابط يحمل بيده ورقة كتب عليها أسماء الجنود المسافرين إلى محافظة حلب لتلبية نداء الواجب.
كنت أودع صديقي يومها كم تمنيت أن ينسى الضابط قراءة اسمه أن يخطأ به أن لا يراه أو لا يقرأه، رغم أنني كنت أتمنى أن أكون بدلا منه ولكن لكل أجل كتاب.
تصل الطائرة المرتقبة يتهافت الأهل و الأحبة مستقبلين ومودعين، تلك الطائرة لم تصل فارغة كانت محمّلة بنعوش الشهداء ممن قدموا أرواحهم قرابين على مذبح الوطن في حلب الشهباء.
إحدى عشر سيارة إسعاف لتنقل جثامين الشهداء، يعمّ الصمت أرجاء المكان، يكسره زغردة الأمهات و بكاء أخريات، أباء قدموا فلذات أكبادهم ليحيا الوطن يقفون شامخين راسخين معتزين بشهادة الأبناء.
نعم هنا نودع الموت للموت، هنا نقبل النعش, أقبل رأس أخي وصديقي نعشاً آخر هنا تودع أمي ابنها لتعود و تدفن الآخر،هنا نبكي لوداع الأحياء و نفرح بلقاء الشهداء.
هم الشهداء ما رحلوا، تلتهب حناجر الجموع كلها بالهتاف للوطن وقائد الوطن بالروح بالدم نفديك سوريا، بالروح والدم نفديك يا بشار.
تشتد العزيمة و يزداد الإصرار، أي مشهدٍ هذا، راحلون للشهادة، أي فخرٍ هذا، أي دينٍ، أي قلبٍ، أي وطنٍ هذا.
الجواب يختصر كما يلي، في سوريا يا أخوتي نحمل أرواحنا على أيدينا ونلبس أكفاننا و لأجل ترابها نموت ألف مرة باختصار سوريا أرض الشهادة.