أبو ابراهيم، منتج إعلامي استخباراتي.. وأهل أعزاز ضدّه

أبو ابراهيم، منتج إعلامي استخباراتي.. وأهل أعزاز ضدّه
2012-12-07 08:06:01

دون ان نضطر في الدخول والبحث بالغثيان اللبناني الإعلامي يميناً ويساراً في تغطية قصة اختطاف اللبنانيين الأحد عشر في أعزاز- شمال حلب، الكل بات يعرف مدى "صرف الهواء" المباشر وغير المباشر لتعويم قضية الإختطاف برمتها. وتخرج مقدمات الأخبار كانها قطع إعلانية للمدعو ابو ابراهيم والرجل مجرد مهرّب من اعزاز. مهرّب أي يرشي الامن والمعابر. مهرّب اي أمني. مهرّب أي متموّل. مهرّب. ابو ابراهيم ليس سوا مهرّب ذكي، أصبح قائداً لان الأتراك أعجبهم ذلك. المخطوفين اختطفوا فقط لانهم شيعة. هكذا اراد الجميع ان نتكلم ونفهم. ولربما بعمره لم يمر احدهم من امام مبنى هيئة دعم المقاومة في الضاحية.. لكنهم لحزب الله. هكذا قال من خطفهم. وبدورهم المخطوفين، لعبوا دور الشحمة على الفطيرة. شيعة في حلب. حلب، الساقطة منذ قبل سقوطها. حلب الحلم التركي الإقتصادي والإستخباراتي القديم والجديد.

أحب أن أسميهم "المخطوفين لانهم شيعة".. فهم كما أرادوا لنا ان نردد، اختطفوا لانهم شيعة.

بعيداً عن قصتهم، سوف أخبركم ما جمعت من حول أبو ابراهيم بقرب معبر السلامة الذي يحكمه هذا الأرعن.

يقول اهل اعزاز انه اليوم بات يتقاضى 250 ليرة سورية لتمريرهم، وهي ليرات قليلة قد لا يملك فقراء الصراع السوري الشمالي أن يدفعوها، هم ياتون نزوحاً او هرباً او رضوخاً للأمر الواقع. مع عائلاتهم. أبو ابراهيم يحصل المال من المعبر، وكذلك الصفة الرسمية تجاه الجانب التركي. كل من توقفه السلطات التركية على الحدود، يتم تسليمه لابو ابراهيم.

الاتراك يديرونهم ويديرون صراعهم ايضاً. لهم عدة علاقات. كانهم يباركون وجود ابو ابراهيم وكذلك أعدائه. يوزعون مهام رجالهم السوريين في شمال سوريا.

أبو ابراهيم يحكم المعبر، مع مسلحيه الذين سمّاهم "عاصفة الشمال". لكن لواء عمر ابن العاص، الاعزازي، والتابع بدوره أيضاً للجيش الحر، يشتبك وبمباركة الاتراك، بشكل شبه يومي مع عاصفة الشمال. يتصارع اللواءان الشماليان في ما بينهما، والكرد يغازلون الصراع، ومن فوق، النظام بطائراته يزور سماء الشمال الحلبي كل ليلة، يقصف او لا يقصف.. لا ينتظم هجومه.. كأنه لا يريد أو لا يستطيع ان يحسم.

ومع كل هذا، ثمة اتفاقية بين التركي والسوري، أن لا قصف يحدث على مسافة 5 كلم من الحدود التركية. لكن السوري خرق الإتفاقية احياناً.. خاصة وأن التركي، يمارس حربه بلا هوادة، يجنّد المقاتلين. يرسل عناصر استخباراته. يجنّد النازحين، يغض الطرف عن كل السلاح المار، لا بل يرعاه.

من التجربة والخرق، أشهد ان الحدود التركية السورية، مشوار ممكن لأي شخص يرغب... من أينما اتى، وكائناً ما يكون غرضه. الخطر الوحيد، ان تتهم هنا بأنّك "شيعي".. تلك المصيبة...

كن أميركياً شيشانياً طرابسياً ليبياً سعودياً ألمانياً بريطاني.. كن ما تشاء، لكن لا تكن شيعي..

بأية حال. من مطار غازي عنتاب، تفصلك ساعة واحدة عن مخيم كيليس للنازحين، الواقع على باب معبر السلامة، حيث يحتكم المنفذ البري الإستراتيجي، لما يسمى بابي ابراهيم.. على المعبر، يحدثك الناس عن ظلمه ومشاكل الأعزازيين معه. فهو يسجن من يريد، ويوقف من يريد. هناك خطر على كثير من الشباب إن عبروا من عند "باب السلامة"، لذا، يستمر وينشط ويعمر التهريب لمختلف الاسباب. تهريب مباح على كل الحدود الشائكة، بسهولة تامة. سهولة العبور بلحظة فوق الشريط الشائك. نتفق مع مهرب اعزازي الوالد كردي الأم تركي المسكن، سوف نعبر معه إلى منطقة تسمى "تلال الشام" شرق أعزاز.

معنا في السيارة "التهريبية" طبيب من أعزاز، تعيش عائلته في كيليس، لا يدخل إلى سوريا إلا تهريباً. فالمرور عند الدايخي، سيعرضه للقتل. أسأله لماذا... "نحن من لواء عمر إبن العاص". نحن نقاتل الداديخي كل يوم، بالأمس، أنزلنا له الكثير من الجرحى وحاصرناه..

لا أفهم. الكل يحارب أبو ابراهيم هنا، لا بل أكثر. الكل يقول ان أبو ابراهيم هو صنيعة النظام. فيروي الطبيب ان الداديخي هو الوحيد الذي استولى على معبر دون معركة. يقولون ان الداديخي لم يشتبك مع القوات النظامية التي كانت هنا. تقدّم مسلّحوه وتراجع الجيش العربي السوري. بكل بساطة.

ربما كان قد جنّد الضباط هناك، او قلبهم معه، وهكذا اخذ المعبر. وربما فروا لأن المعركة محسومة لمصلحة التركي هنا. وربما هي لعبة استخباراتية وسخة من المعيار الإستخباراتي السوري. أي شيء قد يحدث.

هنا، قد تنبش لنا المخابرات السورية تحية كاريوكا من تاريخها وترقّصها لنا تحت شجر اعزاز... لا حدود لدناءة اللعبة الامنية هنا. اما اللعبة العسكرية والسياسية، فهي تحصل ما بين المعارضات. لا تنظيم على الأرض. بعض الكتائب المقاتلة تتخذ شكلاً محلياً بسيطاً وبعضها تتخذ شكلاً إسلامياً يرتبط بالمشايخ وبدورهم المشايخ هم الوصل مع البترودولار القريب من مكة المكرمة. الاجانب لا يتواجدون بكميات كثيرة. نسبتهم قليلة جداً. ياتي الاجانب بنوعيات. مثلاً، تاتي فرقة قناصة، يزور الشمال خبير استخباراتي معيّن.. لكن، لا فيالق جهادية اجنبية منظمة.. أقله انا لم أرَ ما يدل على ذلك في جولتي على الحدود. ما يحصل ان الاجانب المعارضين يتصارعون بالسوريين هنا. صراع سعودي قطري تركي أميركي ومن كل الانواع.

معبر أعزاز الشمالي، باب السلامة، هو المعبر الحدودي الأقرب إلى حلب. ويقع بين منطقتين كرديتين. عفرين إلى يمينه كالمقصلة المنتظرة. اكراد عفرين هم p k k بأغلبهم، أي يتبعون لحزب العمال الكردستاني. الحزب الذي يلعب لعبة عسكرية منظمة. يغازل ويجابه النظام والمعرضة، مكرساً حالته المنفصلة في سوريا عن الجهتين. مكرساً قوميته الصغرى.

كردستانه السورية

عند تلال الشام، لم تنجح عملية الدخول إلى سوريا. اعتقلتنا المخابرات التركية. لان الجواز بقي في مخبأه السري، وكذلك الكاميرا، إنتحلت صفة نازحة سورية حلبية. نقلتنا سيارات الاتراك إلى المخفر، وفي اليوم التالي، عدنا إلى مخيم كيليس. سوف يرتبون لنا الاوراق، ويخرجوا لي بطاقة نازحة سورية ويعطوني مكان في مخيم كيليس.

وصلت إلى مكتب النازحين. وهناك، لان الاتراك بدورهم ما عادوا يحتملون النزوح السوري. ولان السوريين بدورهم باتوا ينزحون كي يتنقلوا بحرية ويستغلون الوضع الإنساني للإستفادة المادية، ولأن كل موضوع النزوح والمأساة الإنسانية باتت بدورها استثمار تجاري، كان من السهل ان نقنع هيئة النزوح بإعادتنا إلى تركيا احرار. فهم أصلاً، سئموا النزوح والنازحين والسوريين.

رشوة صغيرة، ودليل حلبي ذكي، وننفذ من الإعتقال لدى الاتراك. إعتقال لم يشمل تفتيشنا بدقة. لم يكتشفوا أن جوازي اللبناني مع مالي، يختبئ على رجلي تحت البنطال العسكري.

لم يتنبهوا أنني لست وفاء الخطيب، ولست من بستان باشا.

لم يدركوا انني أنوي الدخول تهريباً لأن العبور من عند أبو ابراهيم سوف يكلفني اختطافي أو ربما قتلي. لا لشيء سوى لأن شمال سوريا كلّه "فالت". والسلاح بيد الجبناء يقتل من دون سبب. الخوف يطلق الرصاص. الخوف من الآخر.

الاهم من أنني نفذت، كانت الليلة التي أمضيتها "معتقلة" مع النازحين عند الاتراك. ففي تلك الليلة، حدثنا، وباللغة العربية، جنود الإستخبارات العسكرية التركية. هناك، أخبروني عن مهامهم التي حملتهم إلى اللاذقية وحمص وحلب. تكلموا بلهجات سورية. وسهروا معنا حول النار، قرب الثكنة العسكرية التابعة لمعبر السلامة، على بعد رمشة عين من ابو ابراهيم الموجود بشرعية وسلامة تام.

تحدثوا عنه وعن سواه. كانهم هم مدير الحرب الشمالية السورية.

غداً: "قهرمان" مجنّد عشريني في الإستخبارات التركية

» معارك عنيفة بين «داعش» و«الإسلامية» في أعزاز
» وأخيراً مفتي السعودية يقول لا للتكفير وقتل المعاهدين وأهل الذمة!!
» الى أعزاز .. در
» مصادر: لا سجينات سوريات ضمن صفقة تحرير مخطوفي أعزاز
» هل ستسقط أعزاز السورية بيد «داعش»؟