خاص دام برس - بلال سليطين :
"نقطة المواجهة" عنوان لا يحتاج إلى تفسير فالمكتوب واضح من عنوانه كما يقال فالنقطة المذكورة هي خط المواجهة الأمامي مع المسلحين في ناحية "سلمى" بريف اللاذقية الشمالي وعند هذه النقطة دارت عشرات المعارك والمواجهات وسقط العديد من الشهداء برصاص القناصين الذين يعدون الخطر الأكبر الذي يهدد المقاتلين المتواجدين في تلك النقطة والذين يتحصنون بشكل جيد ويتعاملون مع القنص بالكثير من السخرية فبمجرد الجلوس هناك للحظات فان الجالس سيستمع لعشرات الكلمات المثيرة للضحك حول القنص والقناصين الذين عجزوا عن شل تحركات المقاتلين في تلك النقطة وعلى العكس تماماً فان الموضوع اخذ بعداً عكسياً وتحول إلى مايشبه البزر الذي يفصفص مع كأس المتة أثناء المناوبة.
الحياة هناك مختلفة تماماً فلا سيارات ولا طرق ولا مواطنين فقط يوجد غابات ومسلحون وجيش قوي مسيطر ومتحصنٌ بشكل جيد فالمنطقة كلها تحت أنظار مقاتليه المتمركزين في أماكن لا تخطر على بال أحد في ظل حاضن شعبي قوي جداً ومؤثر به فالسكان في المناطق القريبة من النقطة المذكورة أعطوا منازلهم لوحدات الجيش التي أقامت بها وشاركت المواطنين حياتهم وفرحهم بوجود الجيش الذي أتاح لهم فرصة العودة إلى الحياة بعد أن كانت طقوسها ممنوعة عنهم حسب قولهم بفعل تواجد المسلحين الذين كما يقول الأهالي حرقوا الأشجار والمزروعات وقتلوا مزارعاً أثناء حصاده لأرضه قبل أشهر قليلة في وضح النهار لأنه رفض الاستجابة لهم.
بالعودة إلى نقطة المواجهة وأثناء ذهابنا إليها في /24/11/2012 سيراً على الأقدام بين الجبال والغابات كانت أصوات الغناء والضحك تعلوا في المكان مما أثار استغرابنا قبل ان نعلم أنها أصوات المقاتلين وهم يقطعون الحطب لكي يتدفئون عليه من برد الشتاء القارص في تلك المنطقة، كان مشهداً جميلاً جداً وكان تعليقهم على الموضوع مميزاً جداً عندما قالوا "نحن نتغلب على كل الصعوبات من أجل الاستمرار في المواجهة دفاعاً عن الوطن".
داخل المعسكر او النقطة وأثناء الجلوس مع المقاتلين فانك لا تشعر بمرور الوقت رغم واقع المكان العسكري فهو ينبض بالحياة ولكل مهمته ووقت راحته الذي يخصه للتسلية والضحك والغناء وما إلى ذلك من وسائل الترفيه الشبابية، وهم لايوفرون مناسبة للحديث عن بطولاتهم ومعاركهم واستعدادهم للموت في سبيل الوطن.
تنظر اليهم وهم يتحدثون عن المعارك وكأنهم يتحدثون عن لعبة كرة القدم تنظر بكثير من البلاهة ان صح التعبير، فالحديث غني بالمغامرات والتشويق والإصابات والنجاة من الموت في اللحظة الأخيرة أو الاشتباك المواجه مع المسلحين ونصب الكمائن لهم بكثير من الدقة والشجاعة، كما أنهم لا ينسون الحديث عن رفاقهم الشهداء دون أن يهتز لهم جفن وهم يروون تفاصيل استشهادهم وكيفية استهدافهم سواء بالقنص أو الكمائن أو المواجهات المباشرة ..... إلخ.
المقاتلون هناك وثقوا معاركهم بالصور والفيديوهات وتركوها ذكرى على هواتفهم النقالة الغنية بها، فكل واحد منهم وجد وقتاً خلال المعركة للتصوير والتوثيق للذكرى، ويقول أحد المقاتلين معلقاً على الفكرة قائلاً : نحن نواجه الخصم مبتسمين غير آبهين بعواقب المواجهة فهدفنا هو النصر وفقط النصر، والخصم لا يخيفنا وهو جبان جداً وما ان تحتدم المعركة حتى يبدؤون بالفرار، فهم يعتمدون على القنص والكمائن في استهداف الجيش العربي السوري وهي الطريقة التي قضى بها أكبر نسبة من الشهداء في المنطقة.
الجيش يعمل حالياً على تمشيط تلك المنطقة بالكامل وهو يحكم السيطرة على المسلحين في معاقلهم ويمنعهم من التنقل الا بالصعوبة القصوى والعمل هناك على قدم وساق لكبح جماح المسلحين واستعادة الامن والامان لتلك المناطق المعرفة بأهميتها السياحية، ويعتقد المقاتلون هنا أن الايام القادمة ستشهد استسلام عدد كبير من المسلحين نظراً لصعوبة موقفهم ويؤكدون أن هذا الأمر حدث سابقاً وأن عدد من المسلحين استسلموا وسلموا أنفسهم وأسلحتهم للجهات المختصة في تلك المنطقة.
ا
عتماد الجيش على الكمائن لعب دوراً كبيراً في تحقيق عنصر المفاجأة وقد استطاعت هذه الكمائن قتل والقاء القبض على عشرات المسلحين أثناء تنقلهم أو محاولتهم التسلل إلى مناطق معينة، حيث كان المسلحون لا يجدون أنفسهم الا وقد اصطادهم الكمين.
إذا هذا هو الحال في نقطة المواجهة التي تعد النقطة الأكثر سخونة في تلك المنطقة والأقرب إلى المسلحين الموجودين في سلمى حتى الآن وهم تحت نظر وحدات الجيش التي تخطط للقضاء عليهم وفق خطة محكمة وضربة واحدة على مايبدو، وبشكل شبه يومي تحدث مواجهات هناك حتى أثناء تواجدنا كنا نسمع أصوات إطلاق النار بوضوح ومن مناطق قريبة، لكن مع كل رصاصة تسمع في تلك المنطقة يولد إصرار جديد لدى المقاتلين على المضي في المعركة حتى النهاية وتطهير الوطن من المسلحين وأذاهم حسب تعبيرهم