سياسة أوباما بعد إعادة انتخابه: للاستمرار في تدمير بُنية الدولة السورية

خذل الأتراك والقطريين "مجلس اسطنبول" الذي حارب مستميتاً من أجل الإبقاء على كيانه المستقل عن بقية القوى، فاضطر للانحناء أمام العاصفة الدولية التي كان مصدرها الولايات المتحدة، على أمل أن لا ينهزم فيفرط عقد الائتلاف من الداخل ويعود هو إلى الواجهة.

وتؤشر ولادة الائتلاف الجديد إلى موقع القرار الحقيقي في الحرب على سورية، وهو الولايات المتحدة، التي قالت "كلمة السر" فتخلى الأتراك عن ربيبهم، وتخلى القطريون عن "إخوانهم"، مفسحين المجال أمام داعية على الطريقة السعودية. وتقول المعلومات إن القطريين والأتراك ذهبوا بعيداً في الضغط على الجميع من أجل الدخول في "الائتلاف"، رغم أنه كان بشكل واضح ضد مصالحهما وخططهما، وعندما تبيّن للأميركيين أن مجلس اسطنبول ماض في تعنته، كان الضغط القطري والتركي غريباً جداً، لجهة قيام الأولى بإبلاغ من يعنيهم الأمر بأن الأموال القطرية لن تعرف إليهم سبيلاً إن هم رفضوا، وأن حسابهم المالي المفتوح في قطر سيُقفل، مع ما تبقى فيه من أموال لم يصرفها أعضاء المجلس، ووصل الأمر بأحد المسؤولين القطريين إلى القول، إن اعضاء المجلس قد يضطرون إلى دفع فواتير فنادق الدوحة، خصوصاً تلك المتعلقة بالمشروبات الكحولية والتدليك! أما الأتراك فقد هددوهم بطرد "المجلس" من تركيا وإقفال مكاتبه، فيما كان أمر "الثوار" أكثر سهولة، إذ تم إيقاف الدعم المالي القطري والعسكري التركي قبل انعقاد مؤتمر قطر.

لكن ما سبق لا يعني أن "الإخوان" قد فقدوا دورهم في ما يجري التخطيط له لسورية، فالصفقة التي تضمنت تأليف هذا "الائتلاف" أعطتهم حصة كبيرة في مقاعده، بما يسمح لهم بالتأثير فيه بقوة، خصوصاً عندما يتحالفون مع قوى أخرى تميل إليهم، حتى أن معارضاً سورياً وصفه بأنه "محاولة جديدة قديمة لترقيع أخطاء المجلس الوطني السوري"، أو توقيع "مصالحة" بين "المجلس" وظله، لإعادة تركيب أجزائه المتبعثرة والمتناثرة في "ائتلاف جديد"، بدلاً من أن يكون مشروعاً وطنياً شاملاً للمّ شمل كلّ المعارضات السورية تحت سقفه، فالمجلس له 38 مقعداً من أصل 63، منهم 22 رسميون مسجلون باسمه، بالإضافة إلى 5 منشقين و11 بين شخصيات وطنية وأعضاء لجان محلية مقرّبة منه.

وبغض النظر عن التفاصيل، فإن الوقائع تقول إن "الإخوان" ما يزالون لاعباً رئيسياً وأساسياً في المعركة، وإعلان "الائتلاف" قد يكون إنقاذاً لهم، بعد أن تهاوى مجلسهم بفعل ممارساتهم وعدم قدرتهم على إنتاج شيء على الأرض السورية، وبالتالي فإن الدبلوماسية الأميركية نجحت في تقديم "وجبة أولى" لمن ترعاهم؛ باعتراف بعض الدول فيهم "ممثلين حقيقيين" أو "وحيدين" للشعب السوري، فيما يتوقع هؤلاء أن تكون الوجبة الثانية هي المزيد من السلاح والدعم اللوجستي والعملاني على الأرض، لتحقيق نتائج أفضل.

وستحدد التطورات المقبلة على الأرض السورية ما إذا كانت واشنطن قد اتخذت قراراً حاسماً ما في ما يتعلق باستراتيجيتها في سورية، والقائمة على عدم التدخل العسكري المباشر، وعلى دعم المسلحين بما يكفي للصمود لا الانتصار على النظام، فالولايات المتحدة كما يقول أحد المعارضين "المنشقين" عن المعارضة، تعمل أولاً وأخيراً لمصلحة مشروعها في المنطقة: "إسرائيل"، والأخيرة تفضّل استمرار الوضع الراهن، لأن فيه الكثير من الإيجابيات لها، منها إضعاف دور سورية المحوري في المنطقة، وتدمير بنية سورية، بغض النظر عمن ستؤول إليه السلطة هناك.. الجواب قد تحمله الأيام المقبلة.
سورية الان - الثبات