مخيم اليرموك ...وفلسطينيو سورية....مع الثورة ام مع النظام ؟

مخيم اليرموك ...وفلسطينيو سورية....مع الثورة ام مع النظام ؟

ريما حليمة - عربي برس - دمشق

لا يمكن أن تمضي ليلة في مخيم اليرموك دون أن ترهف سمعك أولاً، ليس لأصوات الرصاص وقذائف الهاون المشتعلة في بعض الشوارع وحسب، بل لكل ما يشاع، وما يؤكد على لسان أهالي المخيم. هنا بات للجميع صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتخلى كثيرون عن معظم الفضائيات على اختلاف آرائها السياسية، وإن كانوا لا يغلقون التلفاز أبداً، إلا أنهم لا ينصتون.
استطاع اليرموك أن يبقى كما اعتاده أهله، وطناً مؤقتاً وصف يوماً بالمخيم وقد كان دائماً، لكن ليس الآن، مدينة صغيرة لا تنام، حتى مع وصول الآزمة في سوريا عامها الثاني.
يختلف اليرموك عن باقي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن بمستوى المعيشة الأفضل فهو مخيم بالأسم ولكنه في الواقع جزء من ضواحي مدينة دمشق العمرانية .
وحسب، بل بخروجه من توصيف المخيم الاعتيادي أيضاً، فزيارة لمخيم اليرموك في دمشق، وللعائدين في حمص، تدرك ذلك بسهولة. فلم يعد كل ساكني المخيم من الفلسطينيين وإن كانوا أغلبهم، ولم تعد تمشي في شوارع المخيم مشتتاً في سلامات لا تنتهي، لأنك تعرف الجميع هناك فالغرباء عن المخيم (من السوريين) .
تمضي أسماء، مدرِّسة في الخامسة والثلاثين، ليلتها أمام شاشة حاسبها المحمول، ذاك الذي ابتاعته مؤخراً فقط كي تكون في قلب الحدث. حتى وإن رأت بأم عينها ما يحدث في الشارع، تفضل أن تقرأه على صفحة المخيم على الفيسبوك، لتقتنع أنه حقيقة. كذلك فعلت أمام جثة شابين رأتهما في طريقها إلى المدرسة قبل يومين، مازالت حتى اللحظة تصف المنظر.
" كان دمهما يسبح في بقع المطر قرب الرصيف .. " .
بحثت عن هوية الرجلين وكيف قتلا، وجدت في إحدى صفحات المخيم: " العثور على جثث كل من الشهيد أحمد ديب أشقر والشهيد عبدو المبيض أمام مسجد البشير اليوم صباحاً وهم من أبناء مخيم اليرموك كانوا متوجهين صباحاً الى سوق الهال والشهيد أحمد من سكان شارع حيفا جادة 20.
" لا تعلم أسماء من قتلهما، لكن مع كل نعوة جديدة تقرؤها على جدران الفيسبوك، تشكو حالنا إلى الله وحده، " لأن الله وحده بيعرف مين الظالم ومين اللي عم يقتل."
يتفق الكثير على هذه النقطة، أن من يذبح اليوم، لا دية له، فقاتله غير معروف، أيضاً يتفقون أن المخيم جرَّ في هذه الأزمة غصباً عنه، وإن كان معظم فلسطيني مخيم اليرموك لا ينتمون لأحد الفصائل الفلسطينية المعروفة، إلا أن أغلبهم له ولاء سياسي ولو مضمر.
الاغلبية العلنية تؤيد النظام السوري وتخاف من المجهول القادم الى المخيم والحامل معه رغبة زج سكانه في صراعات لا جمل لهم فيه ولا ناقة. حتى انصار ياسر عرفات هنا ممن اصبحوا يوالون ابو مازن يتسائلون:
" اي نظام اخواني بديل عن النظام السوري لن يمنح للفلسطينيين ما منحهم اياه حافظ الاسد من حقوق تساوي بينهم بالكامل وبين المواطن السوري" .
للجبهة ولحماس انصار كثيرون ولهم نسب توازي نسب ما لهم من شعبية في رام الله او في غزة او في مخيمات الشتات ولكن كل الجماهير الشعبية في المخيم لها توجه آني ومرحلي واحد:
" نعم كبيرة للجان القيادة العامة الشعبية التي تمنع الوهابيين في المخيم من فتحه امام مقاتلين عرب وسوريين من اتباع جبهة النصرة الموالية للقاعدة والتي تعتقد ان القتال في المخيم يعطيها افضلية عسكرية ودعائية ، الاولى لان المخيم مدخل رئيسي الى قلب العاصمة السورية ورابط مع ريفها ودعائية لانهم يريدون استفزاز الجيش السوري ليقاتلهم في المخيم فيصبح لديهم مادة تثبت ان الجيش السوري لا يقتل السوريين فقط بل يقتل الفلسطينيين ايضا" .
رغبة يعرفها الفلسطينيون في المخيم تماما ويرفضونها لأنهم يرون فيها رغبة اجرامية تريد ان تضحي بما يوازي ثلاثمئة الف انسان من اجل حملة الدعاية للوهابيين الذين يقاتلون الجيش السوري والحكومة السورية.
لذا ومع وجود اختلافات سياسية جذرية بين الفلسطينيين في المخيم الا ان تقدير العارفين لأنصار الوهابيين في المخيم يشير الى رقم عشرة الاف مناصر من بين ثلاثمئة الف مقيم في المخيم اكثر من نصفهم من الفلسطينيين.
لجان القيادة العامة الشعبية هي الأمل الوحيد في إبقاء المخيم خارج الحرب.
تقول ميساء، طالبة جامعية، " شباب القيادة العامة يحمون المخيم، لولاهم لكان المخيم اشتعل ككل المناطق المحيطة به."
ميساء التي تقطن في اول المخيم، فقدت ابن جارها ..... ثمانية عشر عاماً، قتل على يد أحد رجال الجيش الحر، لأنه من أحد شباب اللجان الشعبية. رغم أنها لا تعرفه شخصياً، إلا أنها ترتدي الأسود منذ اسبوع.
حمزة الذي نزح من بيته في الحجر الأسود قبل أسابيع، يرى غير ذلك، "فاللجان الشعبية هي السبب في اشتعال الوضع في المخيم، لا يمكن تسليح الشارع بهذه الطريقة، وانتظار أن يمر الأمر بسلام." فالمشكلة ليست في الاشتباكات التي تحصل بين الطرفين، بل في القذائف التي تسقط على المناطق السكنية، اليوم فقط ذهب ثلاثة عشر شهيداً، لا يمكن القول أن هذه القذائف اسقطت بالخطأ.
خلال الأيام الثلاثة الماضية سقط في المخيم أكثر من عشر قذائف هاون أصابت مدنيين، أسفرت عن استشهاد أكثر من ثلاثين مدني حتى الآن، وإن كانت هذه القذائف تقتصر قبل ايام على شارع الجاعونة فقط، لا يمكن توقع مكان سقوطها اليوم، فشارع لوبية وصفد وبيسان والقسام وغيرها، ودع اليوم شهداء عدة ذهبوا في هذه القذائف. ويغص مشفى الباسل هناك بعشرات الجرحى ممن أصيبوا خلال الأيام الثلاثة الماضية بشظايا هذه القذائف. يختلف سكان المخيم في تحديد مصدرها، بين من يرى أن جيش النظام يطلقها قاصداً بها الجيش الحر، أو العكس تماماً، لكنها في الحقيقة لم تصب هذا ولا ذاك. لا يمكنك أن تناقش أياً من الرأيين هنا، في حمأة الرصاص والأصوات المرعبة، تصبح مسألة " رأيك " تافهة حقاً.
يصبح مطلبك بعودة المخيم لحالته الطبيعية تافهة أيضاً، يختلف سكان المخيم في رأيهم حيال الأزمة في سوريا، فمنهم مؤيد ومنهم معارض، لكنهم يتفقون جميعاً أن على المخيم البقاء خارج هذه الأزمة تماماً، وأن أي تدخل لأحد الأطراف فيه، لن يكون في صالح الفلسطينيين هنا أبداً.
ومهما احتدمت الاشتباكات خلال في شوارع المخيم، يأتي الصباح غريباً عن كل ما يحدث، تعود الحياة شبه طبيعية رغم الركام ، لا تعلم إن كان هذا انفصاماً و إنكاراً للواقع، أم أنه محاولة عابثة للاستمرار رغم الألم.

» مخيم اليرموك : حصار و قنص ...وقبور
» عاد مخيم اليرموك أخيراً..
» شهادة من قلب الحدث “مخيم اليرموك”
» على خطوط التماس في مخيم اليرموك
» مخيم اليرموك يعود الى نار الاشتباكات