شكّل اغتيال مسؤول برامج التثقيف في حركة التوحيد الاسلامي الشيخ عبد الرزاق الأسمر خلال الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس ومنطقة ابي سمرا تحديدا عقب اغتيال رئيس فرع المعلومات وسام الحسن شرارة عودة الاحتقان بين الحركة من جهة، والجماعة الاسلامية من جهة ثانية، خصوصا بعد اتهام "التوحيد" لـ "الجماعة" بأنها شاركت بطريقة او بأخرى في اغتيال الشيخ الأسمر وانها جزء من ما يسمى بـ "المجلس العسكري" الذي اتخذ قرار الاغتيال، وكانت الحركة قد تقدمت بدعوى قضائية ضد عدد ممن تعتبرهم متورطين باغتيال الأسمر أبرزهمأمين سر "اللقاء الوطني الإسلامي" عميد حمود.
الخلاف بين "التوحيد" و"الجماعة" بدأ على خلفية موقف الطرفين من الأحداث السورية فالجماعة تتهم الحركة بالوقوف الى جانب النظام والتعامي عن مظلومية الشعب السوري، الى جانب كونها احد احلفاء حزب الله في الشمال، والمتهم بدعم النظام في سوريا عسكريا وهذا ما يعتبره البعض المبرر الأهم للقوى المناوئة لحزب الله في الشمال في حربها ضد الحركة ومحاولة الغاءها حلفائه شمالاً.
وتشهد الساحة الطرابلسية حالة من الترقب الحذر على خلفية احتقان الشارع لا سيما في ظل تبادل الاتهامات وتوتر الاجواء بين الحركة والجماعة، والتي وصلت بحسب المطلعين على الأجواء هناك الى حد التكفير، وهو ما استدعى تدخلاً من قبل الفعاليات في طرابلس كذلك دخل مفتي الشمال مالك الشعار على خط التهدئة للحؤول دون تطور الخلاف بين الجهتين وبلوغه مراحل خطرة قد تترجم في الشارع، لكن المساعي لم تنجح بسحب فتيل الاحتقان حتى الآن، لا سيما بعد انقطاع التواصل بين الجهات الاسلامية في طرابلس وغياب الحوار، مقابل ارتفاع منسوب التأزيم.
كما سبق حادثة اغتيال الشيخ الأسمر اكثر من محاولة للإعتداء على مقر حركة التوحيد خصوصا اثناء الاحداث الأمنية التي كانت تشهدها عاصمة الشمال، حيث تم اطلاق النار على مكتب الامانة العامة للحركة في «ساحة الشراع»، كما تم التعرض لمقر الحركة خلال المسيرة الداعمة للثورة السورية التي نظمتها القوى السلفية والاسلامية في طرابلس.
من جهتها تؤكد مصادر قيادية في حركة التوحيد الإسلامي لـ "عربي برس" ان هناك مساع تبذل معها ومع عائلة الشيخ الأسمر لسحب الدعوة المقدمة ضد عميد حمود و6 اخرين من المتورطين باغتيال الشيخ الأسمر، وايجاد حل جذري للتوتر القائم، وحول ربط الاعتداء على الحركة بموقفها الى جانب النظام السوري على حساب الشعب ترد المصادر بالقول: نحن موقفنا مع الشعب السوري أيضا لأننا نرفض ان تدمر سوريا، ويضيف: في لبنان هناك مطالب للشعب فهل يدمر لبنان لأجل تحقيق هذه المطالب؟، وعن التحالف مع حزب الله والذي يعتبر ايضا احد الذرائع التي يتم استخدامها للتحريض ضد الحركة فتؤكد مصادرها ان الحركة هي في موقف داعم لكل الحركات المقاومة والتحررية الإسلامية والوطنية في لبنان وفي فلسطين المحتلة مرورا بمواقف المطران كبوجي والرئيس هوغو تشافيز، كما تؤكد ان الحركة ومنذ تأسيسها قبل ثلاثين عاما هي تنظيم مستقل لا تخضع لأي إملاءات، والبعض يحاول التذرع بهذه الحجج الواهية ليسترزق من هذا الكلام ويدخله في دائرة البازار السياسي للتجارة بالموت والشهداء.
وتشير مصادر التوحيد الى التوتر القائم في الشارع الطرابلسي المنقسم ما ينبىء بعواقب امنية لا تحمد عقباها، كما تفيد ان حملة التحريض لا تقتصر فقط على الحركة بل هي تستهدف باقي القوى السنية المناوئة لتيار المستقبل فهناك استفزاز للرئيس عمر كرامي، كما ان هناك خيم منصوبة على مدخل الرئيس نجيب ميقاتي، وتشير المصادر الى تبدّل في موقف التيارات السلفية في طرابلس، والتي باتت تدرك انه يتم استخدامها كوقود في الأحداث الأمنية، وهذا ما حصل في اغتيال الشيخ عبد الرزاق لتأمين عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، خصوصا وانها ترى كيف ان باقي القوى والتيارات السياسية في الطوائف الباقية تتلاقى وتتوافق رغم اختلافاتها السياسية، وتضيف المصادر: من هنا باتت هذه القوى تدرك ان سعد الحريري يسعى للتسبب بمجزرة بين أهل السنة وتنفيذ منطق الإلغاء بحق الفريق الآخر المناوىء له، وتختم المصادر "كلنا ضعيف بنفسه وقوي بأخيه، ونحن قوتنا بتضامننا ووحدتنا الوطنية".
على ضفة الجماعة الإسلامية يؤكد نائبها في البرلمان اللبناني عماد الحوت لـ "عربي برس" ان " الوضع الأمني مستقر حاليا في طرابلس كما يتم استيعاب بعض الاستفزازات التي تحدث من وقت لآخر والتي نفذه بعض المندسين، اما عن التحركات السلمية فهي لا تشكل اي ارباك، وحول مقتل الشيخ عبد الرزاق يرى الحوت انها جريمة مستنكرة خصوصا وانها تطال العلماء، ولكنه يأسف لقيام حركة التوحيد بتوظيف الدم في ادعاءات رخيصة حيث تدأب الحركة وبحسب الحوت على تزوير الحقائق، ويتابع: فقد ثبت ان الشخص القتيل كان موقوفا في قضايا تزوير وما شابه.
اما حول ما يحكى عن وساطات لسحب فتيل الفتنة ووأدها يرى الحوت ان "الجماعة جزء من اي حراك لوأد الفتنة، لكنه يعتبر ان وأد الفتنة لا يكون عبر الاعتداء على كرامات الناس، وعليه فإن الجماعة متوقفة عن أي شيء حتى تتراجع قيادة التوحيد عن تصرفاتها، واذ يستنكر الحوت الدعوى المقدمة ضد العميد حمود و6 اخرين من بينهم اعضاء من الجماعة، ينفي التلفيقات عن تورط الجماعة بأي شكل من الاشكال بحادثة اغتيال الشيخ عبد الرزا، مؤكدا الثقة بالقضاء.
وعن ربط الاعتداء على حركة التوحيد بموقفها الى جانب النظام في سوريا وحزب الله يجيب الحوت ان "ما يعنينا هو موقفنا ونحن لا ننظر الى موقع الحركة في تحديد رؤيتنا وموقفنا".