الغباء السياسي يورّط «14 آذار» ومطابخ الأكثرية مطالبة بخريطة طريق .."البناء"

الغباء السياسي يورّط «14 آذار» ومطابخ الأكثرية مطالبة بخريطة طريق .."البناء"
تنكبّ قوى الأكثرية على قراءة مرحلة ما بعد اغتيال اللواء وسام الحسن لتحديد كيفية التعاطي مع هذه المرحلة الجديدة، والخيارات المنوي اتخاذها،
ورسم خارطة الطريق للفترة المقبلة. فقرار قوى «14 آذار» الذي وجد ترجمته بمحاولة هز الاستقرار الأمني وضرب مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، بدأ يحرّك مطابخ قوى الأكثرية سياسياً ودستورياً لإيجاد صيغة دستورية تؤمّن استمرار عمل المجلس الذي إن توقف سيؤدي إلى شلّ البلد بشكل عام ولن يسلم أحد من التداعيات والنتائج.

في ساحة النجمة، المجلس النيابي مرتاح من اجتماعات اللجان، وما يرافق جلساتها من تبادل اتهامات بين الفريقين. نواب الأكثرية، مستاؤون ومستهجنون لتصرّفات نواب الأقلية الذين إنْ حضروا يحضرون، ويتمترسون وراء مكاتبهم، في مرحلة يجري خلالها دراسة القانون الانتخابي، الذي من المفترض أن ينتهي قبل نهاية العام.
ويعتبر نواب في قوى الثامن من آذار أنّ القانون الانتخابي الذي ستجرى على أساسه الانتخابات هو بيت القصيد والسرّ الحقيقي الذي يكمن خلف قرار «14 آذار» مقاطعة جلسات البرلمان واللجان النيابية، وهنا تقع المعضلة التي تحكم تصرفاتهم.

وتلفت مصادر نيابية متابعة إلى «أنّ المقاطعة لكلّ ما يتصل بعمل الحكومة رافقه مقاطعة للجان التي لا صلة للحكومة بها، فنواب الأقلية لم يقاطعوا اجتماع اللجان المشتركة التي يحضر فيها الوزراء، بل اللجنة المصغرة الموكلة دراسة القانون الانتخابي، يطرح شكوكاً حول مصير المشروع الانتخابي الذي حولته الحكومة، أو الاتفاق على مشروع بديل وبالتالي يضع الجميع مرة جديدة أمام قانون الستين المرفوض من المسيحيين عامة ومن البطريركية المارونية ومن قوى الأكثرية.

يسلك نواب «14 آذار» مسار تعطيل العمل المؤسساتي وعرقلته، وهذا وفق نواب الأكثرية سيضعهم أمام الرأي العام في مأزق، فهم سيتحمّلون أمام اللبنانيين، وأمام جمهورهم بصورة خاصة مسؤولية الشلل الذي سيرافق عمل المجلس النيابي الذي يتحضّر لإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر.
يضع نواب الأكثرية مسار الخيارات الخاطئة والمتراكمة، التي يسلكها الشباطيون في الآونة الأخيرة في خانة الانكشاف والقصور والتخبّط وغياب خارطة الطريق التي ستحدّد وجهة سيرهم، وكيفية تعاطيهم مع المستجدات الأخيرة، لا سيما في ظلّ الموقف الغربي غير المسبوق الداعم لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والذي تمثل بالزيارة التي قام بها إلى قصر بعبدا سفراء الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الامن، بالإضافة الى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي، وزيارة السفير السعودي التي تصبّ في الخانة نفسها، كما برز ذلك من الدلالات والمقاصد الواضحة جداً التي رافقت زيارة المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، ما يدلّ على أنّ مواقف وتحركات قوى «14 آذار» لا تنال موافقة الدول الغربية التي تعتبر أنّ الفراغ الحكومي من شأنه أن يخلق حالة من التسيّب والفلتان الأمنيّ، وزعزعة الاستقرار، وذريعة لتمدّد الازمة السورية إلى لبنان.

ويبدو لنواب الأكثرية الذين حضروا إلى المجلس النيابي أمس كالمعتاد، وإلى عين التينة ككلّ أربعاء، أنّ القراءة السياسية لقيادات «14 آذار» هذه المرة كانت قاصرة، ولم تأخذ أو تستوعب اللحظة السياسية الآنية بكلّ تعقيداتها الطائفية والأمنية بعين الاعتبار، فضلاً عن أنهم لا يزالون يعتمدون السياسة نفسها، فهم سارعوا عند اغتيال اللواء الحسن، إلى إطلاق الاتهامات السياسية المسبقة قبل أن تتضح المعطيات أو الخيوط القضائية، ما يعني أنه اتهام سياسي وتكرار للعبة ذاتها التي تورّطوا بها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ليصل الأمر إلى حدّ الإستعانة بالـ «أف بي أي» الذي لا يعتبر طرفاً محايداً، بل هو يعمل ضمن فريق له حساباته السياسية ومشاريعه التي يهندسها في المنطقة، وفي القريب قد يتضح ما فعله هذا الجهاز في لبنان، متسائلة: هل هذا يخدم نزاهة التحقيق، ولماذا لا تتمّ الاستعانة بجهات محايدة على سبيل المثال سويسرية أو روسية؟

ولا يغيب عن نواب الأكثرية صورة اقتحام السراي يوم الأحد الماضي، فما حدث، بدءاً من مطالبة الرئيس فؤاد السنيورة بصوت مرتفع بضرورة إسقاط الحكومة وتوجيه الكلام مباشرة إلى الرئيس نجيب ميقاتي محمّلاً إياه مسؤولية اغتيال اللواء الحسن: أنت المسؤول أنت المسؤول، أنت المسؤول»، والصرخة التي أطلقها الإعلامي الأزرق نديم قطيش «يا شباب يا صبايا يلا يلا إلى السراي» بحضور قيادات «14 آذار»، يؤكد الرضى الضمني لهذه القيادات عن اقتحام السراي، حتى ولو حاولوا لاحقاً التنصل من الأمر بعد فشله، وحصر المسؤولية عنه بقطيش.
إنّ ما شهدته الأيام الماضية كان نتيجة اكيدة للغباء السياسي المتحكم بفريق «14 آذار» الذي تصرّف استناداً إلى أوهام لا يمكن أن تجد طريقها إلى أرض الواقع، وبالتالي فإنّ فريق الأكثرية، وبدلاً أن ينتظر وقوع الآخرين في الأخطاء لاستثمارها سياسياً، فهو مطالب من موقعه السياسي ومن موقعه الحكومي بوضع خطة عمل من شأنها أن تنقذ البلد وتحميه من محاولات إشعال الفتنة، وأن تحقق تدريجياً الإنجازات والأهداف التي يتطلع إليها كلّ اللبنانيين على أكثر من مستوى سياسي وأمني واقتصادي واجتماعي.

» سليمان سيطعن بالمشروع الأرثوذكسي في حال حاز الأكثرية النيابية
» 14 آذار: طبيعي قتل غية بــسبب التزامه السياسي! فراس الشوفي
» على طريق الحوار ..الجزء الأول .. بقلم الكاتب والمحلل السياسي عفيف دلا
» على طريق الحوار ..الجزء الثاني .. بقلم الكاتب والمحلل السياسي عفيف دلا
» مصدر ديبلوماسي: الأسد لن يبقى.. وشخصية من خارج «14 آذار» و«8 آذار» ستصل إلى قصر بعبدا