ورطة أردوغان

موضوع: ورطة أردوغان الجمعة أكتوبر 19, 2012 3:39 pm

ورطة أردوغان ...د. محمد صالح الهرماسي
يتصرّف أردوغان سياسياً على نحو لا عقلاني واضح، ويكاد نهجه العدائي الذي تجسّد مؤخراً في إجبار الطائرة المدنية السورية على الهبوط في أنقرة وتفتيشها، بحجّة حملها أسلحة روسية، يكاد أن يفجّر حرباً تركية سورية ستكون كارثة على الإقليم كله وقد تمتد نارها لتحرق العالم...
ومع أن رئيس وزراء تركيا ووزير خارجيتها قد أكّدا وجود الأسلحة على متن الطائرة، إلاّ أنهما لم يقدما أي دليل يثبت ذلك، في حين أكدت الحكومتان السورية والروسية عدم وجود مثل هذه الشحنة العسكرية المزعومة، وتحدتا الحكومة التركية أن تثبت غير ذلك. وإلى الآن مازالت أنقرة تتصرّف بتخبط وارتباك واضحين، إما لأنها ضحيّة معلومات استخباراتية كاذبة، أو لأن ما فعلته هو استفزاز أردوغاني مقصود يهدف إلى إشعال الحرب.
وفي الحالتين فإنّ السلطان السلجوقي الجديد يمارس رعونة سياسية حمقاء، وكأن الفشل الذي حصده حتى الآن بخصوص الشأن السوري يدفعه إلى محاولة تهديم البيت الإقليمي على رؤوس أصحابه وشعاره «علي وعلى أعدائي» والحال أن حكومته هي التي اختارت منذ البداية موقفاً مغرضاً من الأزمة السورية أدّى مع استمرار هذه الأزمة وصمود النظام السوري، الذي لم يكن متوقعاً حتى اليوم، إلى حشرها في الزاوية الضيّقة، وكان بإمكانها لولا الطيش الأردوغاني في أن تنأى بنفسها أو تلعب دوراً إيجابياً يساعد السوريين على تجاوز أزمتهم، وحلّها بما يحفظ وحدة بلدهم، تراباً وشعباً، ويجنّبه ويلات الحرب والدمار، كما يجنّب الإقليم أخطار الانفجار الكبير، وبذلك كانت تركيا ستعزّز موقعها ودورها الإقليمي من جهة وتتجنّب الأضرار السياسية والاقتصادية الفادحة التي أصابتهَا. وهي أضرار بات واضحاً أنّ كاهل أردوغان لم يعدْ قادراً على حملها فدخل في مرحلة من عدم الاتّزان وفقدان ضبط النفس.
وإذا كان من الثابت اليوم انّ أردوغان ينفّذ مشروعاً امبريالياً صهيونياً يستهدف الدولة الوطنية السورية المقاومة، بالاشتراك مع السعودية وقطر، فلأنّه يتوهم أن نجاح هذا المشروع سيجعل من سورية حديقة خليفة لتركيا ومنطقة لنفوذها ما سيمكنّه من تحقيق طموحاته العثمانية التي أطلق لها العنان بعد حدوث ما يسمى «الربيع العربي» ووصول الاخوان المسلمين إلى الحكم في بعض دول هذا «الربيع» ولاسيما مصر وتونس.
والذي تابع مجريات مؤتمر حزب العدالة والتنمية الأخير لا بدّ أنه لاحظ أن أردوغان قد أعلن نفسه زعيماً للعالم الإسلامي وحصل على مبايعة ضيوفه من الاخوان العرب: مرسي والغنوشي ومشعل.
ولكن المشكلة الكبرى التي لا يريد أردوغان الاعتراف بها هي وجود هوّة سحيقة بين طموحاته السلطانية وبين ما يجري على الأرض من وقائع فعلية تفيد أن تلك الطموحات هي بنت الخيال لا بنت الحقيقة... وها هو الحالم بزعامة العالم الإسلامي لحساب أمريكا و"إسرائيل" يعيش في سجن ورطة ولا يستطيع الخروج منه إلاّ بالانحراف نحو المزيد من المكابرة الجوفاء التي يمكن لها، للأسف، أن تفتح نار جهنّم على المنطقة.

» أنا في ورطة.. أنجدوني ...
» ورطة الغرب في سورية: بروباغندا وتخبط ...بقلم : غالب قنديل
» بالفيديو: “دبكة” السفير الأميركي في الأردن على أغنية (تي رشرش) تضعه في ورطة
» أين جيشك يا أردوغان ؟
» أردوغان خسر التاريخ