تؤكّد مصادر موثوقة أن الأزمة في السورية في طريقها إلى وجهة من التصعيد، وأن الانقسام الدولي بشأن الموقف من الأزمة السورية انتهى إلى تشدد الفريقين، وأن كل الرسائل الدبلوماسية والمبادرات التي ترمى في الهواء هدفها إعلان كل طرف أنه غير مسؤول عن الفشل في التوصل إلى حل للأزمة، بينما يشعر المحور الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا ودول الخليج العربي أن المرحلة تتطلب تعديل الواقع الميداني على الأرض. وعلى هذا الأساس تقررت مجموعة خطوات عملانية، أبرزها العمل على دفع قوى المعارضة السورية في الخارج إلى إعلان الانتقال إلى مرحلة «الثورة المسلحة» والشروع في خطوات نوعية على صعيد تسليح المجموعات المعارضة وتوحيدها بالقدر الممكن.
وتذكر المصادر أن المعلومات والتقارير الواردة من عواصم عدة تشير إلى أن المحادثات الجارية بين المحافل الدبلوماسية لا علاقة لها بما يجري على الأرض من استعدادات عملانية، ومن أهمها إدخال أسلحة نوعية إلى المجموعات المعارضة تستهدف توجيه ضربات إلى فرق المدرعات في الجيش السوري، وإلى الطائرات المروحية، إضافة إلى مدفعية ثقيلة مهمتها مواجهة تجمعات وثكن للجيش العربي السوري، إلى جانب تدريب مجموعات كبيرة على القيام بعمليات على طريقة حرب العصابات تستهدف السيطرة على مناطق على طول الشريط الحدودي مع لبنان وتركيا، وخلق مناطق «محررة» بالقرب من المدن الرئيسية، ولا سيما في ريفي دمشق وحلب.
وتشير المصادر إلى أن أجهزة استخبارات عسكرية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى الجانبين التركي والسعودي، تنشط على الأرض. وقد جرى توفير عملية انتقال آلاف المقاتلين إلى مناطق مرشحة لأن تكون جبهات عسكرية. وتلفت المصادر إلى أنه جرى تهريب كميات كبيرة جداً من المتفجرات إلى داخل الأراضي السورية بغية الإعداد لعمليات تخريب تطال مراكز حساسة تخص الدولة والمؤسسات العسكرية والأمنية والإدارية التابعة للدولة.
في موازاة ذلك، تؤكد مصادر عربية أن الحسم هذه المرّة لن يكون حكراً على قوات النظام، فقوات المعارضة السورية المسلّحة «تمتلك من الأسلحة ما يُعطيها قدرة المواجهة. ليس هذا فحسب، بل والحسم في مناطق محددة». وتكشف هذه المصادر أن «سوريا ستشتعل»، لافتة إلى أن حمأة المعارك لن تقتصر على سوريا فقط، بل ستطال شظاياها الشمال اللبناني. وتتقاطع هذه المعطيات مع معلومات أسرّتها جهات في المعارضة السورية تشير إلى أنه عند توقيت الساعة الصفر، ستُنفّذ في الوقت نفسه هجمات وتفجيرات في مختلف المحافظات السورية. ورغم انعدام الرؤية الموحدة وانقسام المجموعات المعارضة التي يؤكد معظمها أن مواجهة النظام بالسلاح الموجود بين أيديها يُعدّ ضرباً من الجنون، وسينتهي بمقتل المئات وحتى الآلاف، تتحدث مجموعات إسلامية أخرى عن حصولها على سلاح نوعي قد يدخل في إطار ما يُعرف بالسلاح الكاسر للتوازن. أما في ما يتعلّق بلبنان، فتقدّر هذه الجهات أن النظام ينظر إلى المناطق اللبنانية الحاضنة لـ ما يسمى «الثورة» السورية على أنها شريان حيوي يُغذي ويموّل المقاتلين. كذلك يكاد يجزم مقاتلو المعارضة السورية بأن قوات النظام ستدكّ بعض البلدات اللبنانية لتقطع خط الإمدادات عن هذه المجموعات بعد محاصرتها.
كيف ستردّ دمشق؟
تكشف المصادر أن القيادة السورية تدرس على نحو مكثّف خلال الأسبوعين الماضيين الوضع، وقد جرت مناقشات مع عواصم عالمية، ولا سيما منها موسكو وبكين لأجل التوضيح أن المجموعات المسلحة، كما العواصم الداعمة لها، استغلت فترة عمل المراقبين الدوليين وجولات الموفد الأممي كوفي أنان، وتراجع العمليات العسكرية والأمنية للقوى النظامية، لإعادة تنظيم الصفوف وحشد المزيد من القوات، وخلق مساحات جديدة من الفوضى. وقالت المصادر إن القيادة السورية تعتبر نفسها التزمت إلى الحد الأقصى بالمطالب الروسية والدولية لوقف العلميات العسكرية. ولكن النتيجة جاءت معاكسة، وأن الجيش السوري وقوى النظام خسرت خلال هذه الفترة المئات من العناصر، وأن غالبية ساحقة من القتلى كانت بين العسكريين وبين المدنيين الموالين للنظام.
وحسب المصادر، فإن حالة من الاستنفار الإضافي تعيشها القيادات العسكرية والأمنية السورية، بما يوحي بالاستعداد لمواجهة عسكرية من نوع مختلف. وتقوم على قاعدة أن قرار القيادة السورية حاسم لجهة منع المعارضين من السيطرة على أي بقعة مستقلة من الأرض السورية، وخصوصاً تلك المتاخمة للحدود مع لبنان وتركيا والأردن، وأن الإجراءات التي تجري على الحدود العراقية لم تأت بنتائج كاملة حتى الآن، ما يوجب على الجيش السوري الاستعداد لعمليات قد تكون أكثر قساوة من تلك التي شهدتها مناطق في حمص قبل عدة أسابيع.
وتتوقع المصادر أن تقرر القيادة السورية سريعاً ما إذا كانت ستبادر إلى عملية هجومية استباقية تحبط مساعي معارضيها وخصومها في الخارج، أم هناك آليات أخرى للعمل. لكن المصادر تلفت إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد تقصّد في خطابه أمام مجلس الشعب الجديد التشديد على الفصل بين العملية السياسية الداخلية وبين مواجهة المجموعات المسلحة، وأنه أراد توجيه رسالة إلى الداخل وإلى الخارج مفادها أن دمشق لن تنتظر طويلاً قبل أن تبادر من جديد إلى القيام بكل ما يلزم من عمل عسكري وأمني لتحقيق هدفها بضرب خصومها المسلحين.
وتقول المصادر إن من بين الأسباب التي تعجل في هذه الأمور، نجاح خصوم سوريا في لبنان، وبدعم مباشر من جانب دول خليجية ودولية، في السيطرة على مناطق حساسة من شمال لبنان، بالتزامن مع قرار السلطات التركية إفساح المجال أكثر لمجموعات المعارضة المسلحة بالعمل على طول الحدود مع سوريا، إضافة إلى ما تجمّع مع معطيات استخبارية لدى الجانب السوري عن الاستعدادات التي تقوم بها الجهات المعادية لها داخل سوريا وخارجها.
سيرياستيبس عن الأخبار
|