الأحصنة الخشبية والأحلام الصبيانية د. حسن أحمد حسن
خاسرٌ من يراهن على حصان خاسر, وأحمق من يبني عرش سلطنةٍ مأمولة على أحلام سوّقها خاسرون لأنهم راهنوا على أحصنة من خشبٍ نخره السوس من الداخل, وعلا الصدأ سطحه الهش, فلا كثرة المسامير تجدي نفعاً لأنها مهترأة, ولا جعجعات التسويق المأفون على قنوات الدم والفتنة تُثمر إلا مزيداً من خيباتٍ تضاف إلى سجل إخفاقات من خططوا وحاكوا فصول مؤامرة كفيلة بإسقاط دول عظمى, لكنها سقطت تحت أقدام السوريين شعباً وجيشاً وقيادة وهم يجسدون بشكل عملي الخصوصية السورية التي تُكسّر أنياب الشر بعمق الانتماء للوطن, وتعيد حراب الغدر المسمومة لتستقر في نحور من شحذها لنحْر موطن الأبجدية الأولى ومهد الحضارة الإنسانية.
الحمقى الصغار وصبيان السياسة مزجوا بجهلهم بين الحروف والكلمات فإذا بالعمق الاستراتيجي يتحول إلى عمى استراتيجي, وإذا بتصفير المشكلات يتحول إلى متتالية هندسية من مشكلات مختلفة تثقل كاهل تركيا, وتهدد داخلها, وتدفع الشارع التركي إلى التظاهر ورفع الأصوات بانتقاد السياسة الأردوغانية التي تسببت وساهمت بقتل ألاف السوريين, ولم تنعكس على الاقتصاد التركي إلا بأضرار تزداد تفاقماً جراء الانقياد الأعمى لإملاءات الغرب الذي لم يَفِ بوعوده لأنه عاجز عن ذلك, فمهلة الأسابيع والأشهر التي اقنعوا بها أردوغان وحاشيته امتدت لتتجاوز السنة والنصف, وسورية ما تزال صامدة بوعي شعبها وتماسك جيشها وحكمة قائدها, وأوهام إعادة أمجاد السلطنة العثمانية ستبقى أضغاث أحلام, وقد تتحول إلى كوابيس إذا قُدّر لحكومة أردوغان إن تفيق من غيبوبتها وتفتح عيونها على الحقيقة المرة التي تؤكد إن الغرب الأوروبي وَأدَ تلك السلطنة وتقاسم ولاياتها على إنها تركة الرجل المريض, وأن إعادة الحياة إليها أمر خارج إطار المنطق والتفكير السليم, إذ لم تعرف البشرية ميتاً عاد للحياة, وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء إلا عند الحمقى والمهووسين بعقد النقص الكفيلة بشل الإرادة والقدرة على العقل والتأثير .
واهمٌ من يظن إن إصدار الأوامر والتعليمات إلى الأزلام والأقزام قد يفلح في تحقيق ما عجز من يصدر تلك الأوامر عن تحقيقه, ومشكوك بقدراته العقلية من يتوهم انه بالوعود المعسولة يستطيع إيقاف حركة الزمن, والأسوأ من هذا وذاك من يرتضي لذاته إن يكون بيدق احتياط على جانب لوحة شطرنج, وهو يعلم إن السلطنة أو المشيخة التي يمد نفوذه عليها لا تكاد ترى على الخريطة الكونية, وحسب أبناء سورية أنهم بصمودهم ولحمتهم الوطنية وتضحيات رجال الجيش العربي السوري يدقون المسمار الأخير في نعش الأحادية القطبية, وهم على يقين تام بقدرتهم على تحقيق الانتصار الاستراتيجي الممهد لإلحاق نظام الأحادية القطبية بمصير تركة الرجل المريض, فتكالبُ الأزلام وتعدد السهام قد يخيف أشباه الرجال أمثال رخويات النفط ومشايخ البترودولار لأنهم خلقوا صغاراً وسيبقون أقزاماً لا يعرفون معنى السيادة والرجولة والكرامة .
أما صيصان الأعماق الإستراتيجية فأحلام يقظتهم الطامحة بتعقب وقع حوافر خيول أجدادهم كفيلة بإخماد فوراتهم التمثيلية, لأن الشعب التركي الجار والصديق قال كلمته, وهو على يقين إن الطحالب الأردوغانية لا تتناسب وعراقة الشعب التركي الحريص على إقامة علاقة محبة وصداقة وحسن جوار, والمتطلع إلى الدفاع عن مصالحه الوطنية المشروعة واحترام سيادة دولته ودول الآخرين بعيداً عن القفز البهلواني الأردوغاني في الهواء, والرقص على حافة الهاوية, الذي قد يفضي إلى الانزلاق في مهاوي ما لا تحمد عقباه.