المقاتلون الأجانب و "ثورة " المستعمرين على الطغاة

المقاتلون الأجانب و "ثورة " المستعمرين على الطغاة

يأخدك العجب و شيئ من الإعتزاز أيضا ، عندما تقع في تاريخ حرب التحرير الجزائرية على صفحات تروي قصة رجال كمثل بيار شاليه و فرانسيس جانسن و فرانس فانون و غيرهم من جنسيات مختلفة ، ساهموا بطريقة أو بأخرى إلى جانب المقاتلين الجزائريين في تلك الحرب . فلقد كان هؤلاء الرجال مناضلين ضد الإستعمار . أعترضوا على الظلم و العنصرية و الإستغلال والأستلاب . تصدوا أحيانا لمقاومة العنف الذي تمارسه سلطات بلادهم ضد الناس في المستعمرات.
من البديهي القول أن ما حملهم على نهج هذا السلوك هو واجب كفاح الإستعمار و العنصرية .بمعى آخر كان المشترك بينهم و بين الجزائريين واضحا . يستحق في فهمهم له ، التضحية والعطاء . تقودني هذه الخلاصة إلى السؤال عن مصير هذا المشترك . هل ما يزال الهدف المتمثل ، بمحاربة الإستعمار و دعم الشعوب في معركتها من اجل الحرية و المساواة و الإستقلال ، مشتركا بين الجزائريين و بين الحركات المناهضة للإستعمار في هذا العالم ؟ يستتبع ذلك سؤال ثان لا مفر منه ، لا سيما أن " الثورات" تتفجر في هذا الزمان ، في بلاد العرب ... و كأنها قنابل تسقط من السماء أو الغام دست في تربتها ، عن السبب الذي يحث المقاتلين من دول المشرق والمغرب على التوافد إلى سوريا ؟ هل هو مقاومة الأستعمار؟
قد يجيب أحدهم أن هذا السبب هو كفاح طغيان الحاكم ،و أن هذا الأخير أشد خطرا من الإستعمار . قد يكون هذا الطرح مقبولا لدى مفكرين ينافحون عن ثورة يدعمها المستعمرون و من يحاولون مماثلتهم . و لكن لا يجوز أغفال أصل الإستعمار و هو أحنبي ، عكس الطغيان وهو محلي . الذي يرتكز عادة على دعائم في المجتمع ، تتطلب زعزعتها توفر عوامل إجتماعية داخلية ، لا يمكن أستنهاضها بإرادة خارجية ، دون تهديد و حدة المجتمع نفسه ، و تقسيمه أو الغاء وجوده بالكامل .
و مهما يكن ، فما تنامى إلى العلم عن هذا الموضوع ، يشير إلى أن أنضمام ألمناضلين الفرنسيين و غير الفرنسيين إلى صفوف جبهة التحرير الجزائرية ، كان تعبيرا عن مبادرات فردية و ليس عن حزب أو منظمة أو جهة رسمية قرروا ارسالهم إلى الجزائرللقتال ضد المستعمرين الفرنسيين . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فالمعروف أيضا ، أنهم كانوا ينشطون في فرنسا نفسها أي في البلد المستعمِر . و ليس على ارض الجزائر التي يدري الجزائريون بشعابها ، اكثر من غيرهم ..
يبقى السؤال الذي لا بد من الإجابة عليه لا سيما اننا حيال وضع يمكن أن ينعت بالخطورة على الثقافة و الوجود : إذا كان الطغيان أشد خطرا من الإستعمار ، فهل نأمن لهذا الأخير و نستغيث به ضد الطغيان . كأن " الثوار" على ثقة بان حيلتهم ستنطلي على المستعمرين ... و بان الناس صدّقوا أنهم ضد الطغيان . هل يعقل أن تكون " الثورة " ثورة ، عندما تشارك فيها دول الحلف الأطلسي و دول مجلس التعاون الخليجي ، و الحكومة التركية و طلائع الأخوان المسلمين المقاتلة ؟؟