دروس حرب تشرين التحريرية التي لن يفهمها المتآمرون والخونة..؟

دروس حرب تشرين التحريرية التي لن يفهمها المتآمرون والخونة..؟


مازالت دروس حرب تشرين التحريرية حتى الساعة عنوان قوة سورية والردع السوري، فحين أوقف السادات الحرب من طرف واحد وترك سورية في المعركة وحدها، حين كان يقال سورية لا يمكنها القتال دون مصر، توقع الإسرائيلي أن ينتقم من سورية ويعوّض ما خسره من أرض مصرية في جنوب سورية، واندلعت حرب استنزاف استمرت نيفاً وثمانين يوماً، ورفضت سورية وقف إطلاق النار رغم التدمير الوحشي الذي قام به الكيان الصهيوني، ولم يوقف إطلاق النار حتى خرجت قوات الاحتلال الصهيوني من مدينة القنيطرة، ومعها ولدت معادلة إسرائيل يمكنها شن الحرب في أي وقت ولكن لا يمكنها أن تتحكم بنهايتها.

وتكرّرت دروس حرب تشرين التحريرية في لبنان العام 1996 وجاء تفاهم نيسان الذي أسس لحماية المدنيين وكان سبباً لتحرير الجنوب لاحقاً، وأصبح جميع العالم يدرك بأن الكيان الصهيوني يمكنه شن الحروب ويمكنه نشر الدمار والقتل الوحشي وارتكاب المجازر كالتي حدثت في القنيطرة وجنوب لبنان، ولكن لا يمكنه أن يوقف الحرب ساعة يشاء.

ومنذ نجاح سورية بالصمود في حرب الاستنزاف التي تلت حرب تشرين التحريرية، تغيّرت قواعد الاشتباك، وأخذت الحرب طابع سباق التسلح، بل إن الصهيوني نقل الحرب مع سورية إلى أراضي الغير وبالتحديد إلى لبنان حيث لا يوجد جيش، وكما في حرب تشرين السادات خذل سورية وخانها، ففي حرب لبنان استطاع الكيان الصهيوني عبر جاسوس في الاتحاد السوفييتي التعرف على نظام الدفاع الجوي السوري وتدمير أهم قاعدة دفاع جوي في لبنان من قبل الطائرات الأمريكية، وفرض على القوات السورية معركة كان أشبه بأن تكون قتالاً بدون غطاء جوي، بين سورية والمقاومة اللبنانية من جهة والكيان الصهيوني وميليشيات لبنانية عميلة وبوارج أمريكية وفرنسية وبريطانية من جهة ثانية، ولكن بسالة المقاتل السوري ومتانة الدبابات السوفييتية كانت سبباً في صمود القوات السورية، واستطاع الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية طرد القوات الصهيونية من بيروت، ولكن لحرب تشرين والحرب في لبنان دروساً تعلمتها سورية ساهمت لاحقاً بتغيير موازين القوى في المنطقة إلى الأبد. فأدرك الرئيس الأسد أن لبنان ساحة صراع محتملة مع الكيان الصهيوني وما حدث عام 1982 يمكن أن يحدث في أي وقت وتصبح إسرائيل في قلب سورية، وهذا ما دفعه إلى دعم المقاومة اللبنانية التي أصبحت اليوم تهدّد وجود الكيان الصهيوني بعد أن كان ضعف لبنان يهدّد الوجود السوري، وأدرك الرئيس الأسد أن موازنة سورية لا تعادل موازنة الكيان الصهيوني وقد لا يمكنها أن تقابل كل طائرة إسرائيلية بطائرة سورية، وقد يصاب الدفاع الجوي يوماً ما كما حدث في العام 1982، ولهذا بدأ الاعتماد على الصواريخ والتحصينات الدفاعية، فحتى الطائرات السورية أصبحت ضمن حظائر محصّنة، في حين مصر التي قصفت طائراتها إبان حرب العام 1967 حتى اليوم لا تحصن طائراتها.

ومنذ أعلن الرئيس الراحل حافظ الأسد عن السعي إلى التوازن الإستراتيجي بعد أن وقّع السادات اتفاق كامب ديفيد حتى اليوم تغيّرت موازين القوى، فبعد أن نجح الكيان الصهيوني في إخراج مصر من القتال، وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية من الصراع، ظنّ البعض أن القضية الفلسطينية قاب قوسين أو أدنى من نهايتها وتصفيتها، ولكن الثورة الفلسطينية انتقلت من لبنان إلى الداخل الفلسطيني وكانت انتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى ولاحقاً انتفاضة الأقصى وأصبحت المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، وتحول لبنان خاصرة سورية الرخوة إلى قوة بفضل مقاومته الباسلة تهدّد وجود الكيان الصهيوني برمته، وسورية التي تعتبر نقطة ضعف مصر أصبحت نقطة قوة العرب، تملك ترسانات صاروخية تمنع حتى "الناتو" من التفكير بغزوها، وأما خسارة مصر فلم تصبح خسارة بالمعنى الكامل بل في العام ذاته سقطت إيران من العباءة الأمريكية على إثر الثورة الإسلامية، وأصبح هناك محور جديد للمقاومة، لم ينهِ فقط التفوق الإسرائيلي بل الأمريكي نفسه الذي هُزم في العراق على يد محور المقاومة من لبنان إلى سورية والعراق وإيران وفلسطين.

أما دروس حرب تشرين التحريرية، فقد استفادت سورية من الحرب وخلقت هذا التوازن في القوى في محيطها وتحوّلت من نقطة ضعف إلى ورقة قوة في المنطقة، وأما دروس حرب تشرين على أمراء النفط والجنس فهي أن ما حدث عام 1973 يمكن أن يتكرّر، ولهذا يجب القضاء على جيوش العرب كي يبقى التفوق للكيان الصهيوني حامي عروش ملوك النفط والجنس، وخيانة ملوك النفط والجنس قديمة وليست جديدة. ولكن يبقى السؤال برسم محمد مرسي الذي حزبه حزب "الإخوان المسلمين" لأول مرة يحتفل بذكرى حرب تشرين، وهنا نسأل محمد مرسي: هل تحرير فلسطين يحتاج إلى وحدة الجيش السوري والجيش المصري أم يحتاج إلى إنهاء الجيش العربي السوري عبر العصابات الإرهابية والوهابية؟!.

والسؤال الآخر برسم خالد مشعل الذي يدعو للمقاومة من قلب دول التطبيع: ماذا ستقول لمحمد مرسي في ذكرى حرب تشرين، ماذا ستقول يا مشعل لمرسي الذي وصفه أحد الطبالين بقائد حرب أكتوبر، ووصفه خالد مشعل نفسه بصلاح الدين، هل ستقول له يا مشعل العودة إلى الصراع مع الكيان الصهيوني إلى جانب سورية سيحرّر فلسطين، أم التمسّك باتفاق كامب ديفيد سيحرّرها، ونتمنى من خالد مشعل أن يجيبنا لكن من دولة لا يوجد فيها سفارة للكيان الصهيوني، ومن دولة لازالت في حال حرب مع الكيان الصهيوني؟!.

أخيراً.. نعتقد جازمين أن دروس حرب تشرين التحريرية التي استوعبتها سورية جيداً حتى باتت قوة إقليمية يعتدّ بها السوريون والعرب، لن يفهمها المتآمرون والخونة بعد أن أصبحوا أداة رخيصة وألعوبة بيد الحلف الخليجي الصهيوأمريكي الذي يسعى إلى ضرب وحدة سورية وتحييد دورها كآخر قلاع المقاومة العربية.