سوريا وتركيا على حافة الحرب والسلم في ظل اشتباكات عسكرية

سوريا وتركيا على حافة الحرب والسلم في ظل اشتباكات عسكرية /
البرلمان التركي يجيز للحكومة التحرّك عسكرياً في خطوة خطرة /
إعلان عن اعتذار دمشق ثم إيضاح من الجعفري بأنها قدمت التعزية
Thursday, October 04, 2012 - 11:55 PM
سوريا وتركيا بين الحرب والسلم، طائرات تركية في الأجواء وطائرات سورية في الاجواء ايضا، ولكن دون اشتباكات، وقصف مدفعي عرضي غير مقصود من سوريا اوقع 6 قتلى في صفوف الجنود الاتراك و7 جرحى فردت انقره بالاستنفار السياسي الاعلى وبالتالي طلبت الحكومة من مجلس النواب التركي منحها الاذن بالتحرك عسكرياً ضد سوريا لتحريك وحدات عسكرية والقيام بأعمال عسكرية ضد سوريا ودون العودة الى مجلس النواب وتصبح الامرة بعهدة الحكومة ووزارة الدفاع وقيادة الاركان التركية. في المقابل، هناك هدوء سوري لا يوازي التوتر التركي بالنسبة للقصف المدفعي، وقالت المعلومات ان سوريا اعتذرت من تركيا على هذا القصف، اما رئيس البعثة السورية في الامم المتحدة بشار الجعفري فقال ان سوريا لم تقدم الاعتذار بل قدمت التعزية بالجنود الذين قتلوا اثناء القصف. امس كادت الحرب ان تندلع بين البلدين وكانت تركيا تنوي القيام بهجوم في مناطق محددة فدخلت موسكو على الخط وقال وزير الخارجية الروسي لافروف بأن على سوريا ان تعترف بأنها قصفت بصورة عرضية وبالفعل حصل تجاوب سوري تمثل بالقول انها تعتذر من تركيا عن عملية القصف وفي المقابل طلبت روسيا من تركيا عدم التحرك ضد سوريا وعدم اجتياز الحدود مقابل الاعتذار السوري. وليلا جاء موقف اضافي على الموقف السوري بشأن الاعتذار فتغيرت اللهجة، إذ اعلن بشار الجعفري ان سوريا تقدمت بالتعزية لكنها لم تعتذر، ولا يعرف اذا كان هذا التصريح سيؤدي الى مزيد من التوتر او يمر في ظل التوتر السياسي والعسكري بين سوريا وتركيا. في حلب، المعارك مستمرة وعنيفة وقد حصل تقدم للجيش النظامي السوري في حي سليمان الحلبي حيث معقل المعارضة المسلحة وواقع الحال ان المعارضة المسلحة تبدي مقاومة عنيفة بوجه الجيش النظامي وواضح ان معركة حلب ليست معركة سهلة ولان المعارك تجري في مدينة عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وهي اكبر مدينة في سوريا والكثافة السكانية كبيرة ولذلك من غير السهل القول ان معركة في مدينة سكانها 5 ملايين ان يتم حسم القتال فيها خلال يوم او يومين او شهر، فالمعركة اطول من ذلك لكن الدبابات تقدمت في حلب وتحقق المزيد من السيطرة على الارض وتراجعت المعارضة الى معاقل داخلية، حيث هناك احياء ضيقة تمنع الجيش السوري من التقدم بآلياته ويصبح القتال قتالا فرديا دون استعمال المدرعات. وفي حين ان معركة حلب جارية وبقوة، فإن ذلك انعكس على بقية المناطق في سوريا حيث هدأت الامور تقريبا وبقي التوتر في حلب حيث وقعت اربعة انفجارات واعلنت جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن التفجيرات الاربعة التي حصلت في حلب. في حماه وحمص وادلب ودرعا، اشتباكات لكن محدودة بين الجيش النظامي وجماعات مسلحة، لكن الانظار كلها نحو حلب وكيف يمكن انقاذ حلب من معركة ستستمر اسبوعا او اسبوعين او شهراً او اكثر خصوصا في الشوارع الداخلية. في هذا الوقت، تحلّ على سوريا كارثة كبرى على مستوى الحضارة والتاريخ واثار سوريا التاريخية التي يتجاوز عمرها 4000 سنة ويتم حرقها وتدميرها وسرقتها وعرضها في المدن والمناطق حيث تقوم عصابات لا علاقة لها بالمعارضة ولا بالنظام وغيره تقوم بسرقة هذه الآثار كما حصل في العراق حيث جرى نهب متحف بغداد التاريخي. وفي سوريا يتم السيطرة والسرقة على آثار من اوغاريت في اللاذقية الى اثار تدمر وادلب والتي يزيد عمرها عن 4000 سنة، مما دفع بمنظمة الاونيسكو من التحذير من كارثة تاريخية ستصيب اثار سوريا ما لم يتم انقاذها. اما على مستوى القيادة السورية، فيبدو ان الرئيس بشار الاسد يدير المعارك، لكن في الوقت نفسه يبقي على خطوط الاتصال السياسية مفتوحة مع موسكو آخذاً بنصيحتها بالاعتذار من تركيا والتعزية بالجنود. اما على الصعيد الداخلي، فهناك قلة على مستوى المأكولات والغلاء يزداد، لكن الحكومة السورية تمكنت من السيطرة على العملة وتبدلاتها وهي تؤمن لكل المناطق الطحين من اجل تأمين وصول الخبز، ويمكن القول ان سوريا لم تحدث فيها تطورات كبيرة باستثناء احتمال اندلاع حرب بين سوريا وتركيا ووقفها من قبل موسكو بالتدخل مباشرة. يمكن القول ان قواعد الصراع مضبوطة في سوريا وحدود الصراع مضبوطة ايضا، وكادت بضع قذائف ان تشعل حربا بين سوريا وتركيا. اما اليوم ورغم القصف المدفعي وسقوط طائرة وتوترات على الحدود كلها، لكن قواعد اللعبة تبقى مضبوطة ولم تخرج عن قواعد الصراع بل ستبقى محصورة. الوقائع الميدانية على الحدود السورية - التركية يبدو أنّ الوضع على الحدود بين سوريا وتركيا يذهب نحو التّأزّم والتّوتّر، ذلك أن قصفًا عنيفًا بالصّدفة صدر عن مدافع سورية، حيث أدّى ذلك إلى سقوط قذائف سوريّة على الأراضي التّركيّة، لكن النّتيجة كانت سيئة للغاية. فقد قتل 6 جنود اتراك فورًا، وجرح 7 جنود اتراك آخرين، منهم جروحهم خطرة. والتهب الشعور التركي المعادي للسوريين عند الجيش التركي، واعتبر قائد الجيش الثاني في الجيش التركي المسؤول عن الحدود مع سوريا، ان الامر بالغ الخطورة، ولا يمكن السكوت عنه، ولا بد من الرد على الموضوع. طلب قائد الجيش التركي من قيادته الرد على المدافع السورية، فوافقت قيادة الأركان التركية على إعطاء الاذن، فقامت المدفعية التّركية بقصف مواقع سورية هي كتيبة مدفعية أرض ـ جو وكتيبة مدفعية ميدان. ولم يردّ الجانب السوري بقصف مضاد، لكن التوتر شمل الحدود، وبلغت رقعة الاشتباكات مسافة 15 كلم بالنسبة للقصف المدفعي. اذا نحن امام ساعات دقيقة آتية على الطريق وهذه الساعات ستحدد كيف سيكون التصرف التركي تجاه سوريا وما هو موقف سوريا من التحركات التركية؟وهل تسكت تركيا عن قصف اراضيها ام انها ستكون مضطرة للرد رغم ان ميزان القوى ليس لصالح سوريا. هل الخطة الدولية ترتسم لإسقاط النظام السوري؟ يبدو ان المخطط الأميركي مع دول الخليج قد اصبح جاهزاً للتنفيذ ضد سوريا لإضعاف النظام ومحاولة اسقاط الرئيس الأسد ولذلك فإن اعذاراً واسباباً غير مقنعة يجري تقديمها لشن عمليات عسكرية ضد سوريا، وقد تبدأ هذه العمليات في الأسابيع القادمة لكنها بدأت فعلياً الآن، ذلك ان القصف المدفعي التركي على كتيبة المدفعية السورية هو قصف مبالغ فيه ورد فعل عسكري لا لزوم له، لأن المدفعية التركية قصفت بالخطأ رغم ان نتيجة الحادثة خطيرة وهو سقوط 6جنود اتراك فورًا، وجرح 7 جنود آخرين. الحرب بين سوريا وتركيا تسير نحو الحصول، وتركيا تحضر نفسها لدور حيث تريد ان تدخل الأراضي السورية وتسيطر على مناطق داخل سوريا على الحدود، وبات واضحاً أكثر ان تركيا أزاحت قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد كي تستطيع التحرك كما تريد فلا يكون الجيش السوري الحر ولا يكون أحد بل تكون الحرية الكاملة للجيش التركي حيث يسيطر على وضع الحدود السورية التركية. هذه اللحظات تعيشها سوريا وتركيا بخطر كبير، واذا كانت تركيا ستعتدي على سوريا فإن الأمر يتجه الى انفجار كبير في المنطقة،لأن سوريا رغم عدم توازنها مع القوى التركية لن تسكت ولن يسكت العراق ولن يسكت حزب الله ولن تسكت القوى الاسلامية في الاردن، اضافة الى أن الشعب السوري رغم أن قسماً منه هو ضد النظام لكنه يكره الأتراك ويعتبر الهجوم التركي اذا حصل هو ضرب للشعور القومي في سوريا مما يؤدي الى اصطفاف المعارضة السورية. تريد المعارضة السورية الوصول إلى الحكم على ظهر الدّبابات التّركيّة، وبالتّالي ليست هي دبابات تركية أكثر من أميركية، فالأمر من واشنطن والدّعم من الخليج، والقرار محاصرة الرّئيس السّوري الأسد ومحاولة إسقاط نظامه و فكّ تحالفه مع ايران وحزب الله. في هذه اللحظات تدخّلت موسكو وأبلغت تركيا الا تشنّ عمليات كبرى ضدّ سوريا،وموسكو سكتت عن قصف تركيا لسوريا، لكن لا يجب أن يزداد الأمر حجمًا، وبالتّالي فإنّ موسكو طلبت من دمشق أن تعلن رسميًّا أنّها قصفت عن غير قصد الأراضي التركية بالمدفعيّة وطلبت موسكو بالمقابل من تركيا ان توقف خطة تطلب فيها من مجلس الأمن الإلحاح بالدخول الى سوريا وفي ذات الوقت يتوقف الأمر الذي اعطاه قائد الجيش الثاني التركي بان تبدأ القوات التركية الدخول والخروج الى سوريا وفق ما تراه القيادة العسكرية. الآن انها ساعات التفاوض بين واشنطن وموسكو، وفي ذات الوقت المنطقة قابلة للإنفجار فايران قالت انها لن تسكت لمعادلة اسقاط سوريا او التدخل العسكري ويعني انه اما إيران ستحرك الجيش ضد تركيا على الحدود الإيرانية ? التركية او انها ستحرك الجيش ضد دول الخليج او انها قد تطلق صواريخ على تركيا اذا شنت تركيا هجوماً شاملا على سوريا، لكن هذه الامور مبالغ فيها الان، انما قد تحصل لاحقاً و في ذات الوقت فان محور موسكو ايران لن يقبل بسقوط سوريا عبر تركيا، وللمرة الاولى تطلب تركيا من مجلس النواب التركي السماح للجيش التركي ببدء عمليات عسكرية ضد سوريا وباجتياز الحدود. ما هي الاجواء على الحدود التركية السورية؟ الاجواء هي توتر شديد جدا وصوت الطائرات الحربية مسموع، دون ان تجتاز الطائرات التركية الاجواء السورية ودون ان تجتاز الطائرات السورية الاجواء التركية، ويبدو واضحا ان تركيا طلبت من 4 طائرات اف 16 التحليق على الحدود التركية السورية وان تكون جاهزة للرمي بالصواريخ والقنابل على المراكز السورية عند اللزوم، وفي المقابل قامت سوريا بتحريك سلاحها الجوي دون ان تستنفر تركيا واطلقت 4 طائرات ميغ 31 و 4 طائرات ميغ لتحلّق على طول الحدود التركية السورية كاشارة الى تركيا بانه اذا قام الطيران التركي بقصف سوريا فالطيران السوري سيقصف تركيا وستكون الطائرات السورية جاهزة للاشتباكات مع الطائرات التركية. ليل أمس اجتمع حلف الناتو بصورة طارئة بناء على طلب تركيا لبحث الوضع العسكري مع سوريا، فتركيا تقول أنها مرتبطة باتفاقية عسكرية مع حلف الناتو للدفاع عن تركيا، ومع ذلك أن تركيا تريد أن تزج حلف الناتو في معركة ضد سوريا اذا حصلت مستقبلا. اما على الصعيد الميداني هناك أكثر من ألف دبابة سورية منتشرة على طول الحدود مع تركيا أي على مسافة 800 كلم. اما تركيا فتنشر حوالي 1500 دبابة وناقلة جند مقابل الجانب السوري وطبعا عندما نقول ألف دبابة سورية على الحدود نعني انها دبابات وناقلات جند مدرّعة وبالتالي فان القوى العسكرية التركية والسورية باتت تتواجه ولم يعد ينتظر الانفجار الا فتيل قد يحصل بالصدفة أو عن قصد. واذا كان سقوط 6 قتلى من الجنود الاتراك امس بالصدفة نتيجة القصف المدفعي السوري فان تركيا تتحرك عن قصد مع حلف الناتو ضد سوريا، وتشن عمليات ضد سوريا، حيث يبدو القرار اسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية تدريجيا. ويتواجه حوالي 30 ألف جندي سوري مقابل 100 ألف جندي تركي على طول الحدود التركية السورية. وفي هذا الوقت الخطير اجتمعت القيادة العسكرية في موسكو واعتبرت ان سوريا في خطر وان خطة توريط سوريا عسكرياً بدأت تظهر اكثر وبالتالي فإن روسيا لا بد ان تتحرك وبالفعل قام وزير الخارجية الروسي لافروف بإدلاء بتصريح قال فيه ان على سوريا ان تعلن انها قصفت الأراضي التركية عن غير قصد وبصورة عرضية، وقالت روسيا لتركيا اذا قام الجيش التركي بالهجوم فروسيا ستعتبر ذلك نوعاً من حرب ضدها، لأن روسيا تمتلك قاعدة عسكرية في طرطوس، اضافة الى انه يوجد اكثر من الفي خبير روسي لتدريب الجيش السوري والمساعدة وتسليم الأسلحة. هنالك صفقة سلاح بقيمة 3 مليارات دولار أبرمتها سوريا مع موسكو ويظهر أن دول الخليج واسرائيل وخاصة أميركا لا تريد أن تصل الأسلحة الروسية الى سوريا وقيمتها 3 مليارات دولار، اضافة الى أن الحرب الرئيسية التي يجري شنها من قبل واشنطن هي الحرب على ايران والحرب على سوريا وبالتالي الحرب على العراق وحزب الله ولذلك فان الوضع سيزداد خطورة لان لا احد سيضمن ماذا سيحصل في سوريا او على الحدود مع الدول المجاورة، هناك احتمال تدخل الجيش الايراني ودخوله الاراضي العراقية واتجاهه نحو سوريا للدفاع عن النظام السوري ويمكن ان ترسل ايران 300 الف جندي الى سوريا برا عن طريق العراق. إنّما هل تسمح أميركا بذلك، طبعا لا تسمح اميركا أن يأتي الجيش الإيراني إلى سوريا، وفي المقابل ستدعم روسيا خطة تدخّل إيرانية، بالتالي ستقع مشكلة أكبر بين روسيا وأميركا. ثم إنّ الحدود اللبنانية السورية ستكون مشتعلة بالمشاكل ولا نعرف ماذا سيحصل في الداخل، فالشّيعة هم مع نظام بشار الاسد والسنة ضد النظام وهذا الوضع قائم في لبنان، لذلك يمكن أن تحصل مواجهة مباشرة بين الشيعة والسنة في لبنان. أما في العراق فيبدو أن الشيعة قد تحركوا وأن حزب الدّعوة وأنصار الصّدر بدأوا يرسلون مقاتلين إلى سوريا لكن كل ذلك يبقى دون الحدّ لتجميع قدرة عسكرية لدى سوريا تستطيع الوقوف في وجه تركيا والجيش التركي القوي إلى حد يصعب على هذه القوى أن تواجهه. السؤال الآن ماذا سيحصل في الساعات والأيام القادمة؟ والجواب هو ان الإتجاه هو معارك سورية تركية على الحدود محدودة وقصف مدفعي وربما تدخل طيران إضافة إلى أنّ البحرية التركية قد تتحرّك ضد منطقة اللاذقية وهي قاعدة جوية سورية استراتيجية على البحر وتؤثر جدًّا في الجو السوري. الأمور تطورت بسرعة والأمور تذهب نحو الخطورة، لكن الصّراع يبقى بين القطبين الروسي والأميركي.فماذا ستفعل موسكو وماذا ستفعل واشنطن؟ والجواب يكون في الأيام القادمة.