هذه سوريا التي يريد "المغول الجدد" إحراقها

هذه سوريا التي يريد "المغول الجدد" إحراقها

يوسف الصايغ – عربي برس

لا يمكن لعقل بشري او فكر إنساني أن يرى ما إقترفته أيدي دعاة "الثورة والحرية" لسوريا منذ عام ونصف وحتى الآن حتى يدرك أي مستقبل يريده هؤلاء في سوريا على أيدي تلك الجماعات التي أبعد ما تكون عن مفهوم الحضارة والحرية، كيف لا وما شهدته أسواق حلب من حرق لأسواقها الأثرية التي تختزن الاف الأعوام من الحضارة والثقافة يدل وبشكل واضح على نهج وسلوك أولئك "الثوار الجدد"، وهو ما يأتي استكمالا لمسلسل هدم أضرحة الأولياء الصالحين في ليبيا المتشرذمة بعد ثورة الناتو فيها، وامتدادا لظاهرة الإعتداء على ثقافة دعم المقاومة ضد إسرائيل في تونس المحترقة بعقلية التعصب الأعمى، كما انه لا ينفصل عن مسلسل تهجير أقباط مصر وإقامة الحد عليهم، وها هو مشهد إحراق أسواق حلب التي أدرجتها منظمة "الأونسكو" على لائحة التراث الثقافي والحضاري يعيد الى الأذهان صورة المسجد الأقصى المحترق بلهيب العنصرية الصهيونية، بل يستحضر لنا جريمة احراق بغداد ومكتبتها على يد هولاكو ورمي مكتبتها التي كانت تعد أضخم وأهم مرجع ثقافي وحضاري في تاريخ الإنسانية فأتى من قضى عليها بجهله وتخلفه فغرق نهر دجلة بسواد حبر الكتب المتلوفة، وها هي حلب بالأمس تغرق بعتمة نار إحراق أسواقها الأثرية التي تختزن حضارة تمتد الى الاف من السنوات والتي احترقت بأيدي "المغول الجدد".
نعم هم "المغول الجدد" الذين يذبحون ويطلقون النار ويغتصبون الفتيات والنساء بدم بارد، هم المغول الجدد الذين يعبثون ببلاد شهدت حضارة الإنسان الأول قبل الاف الأعوام، هم المغول الجدد الذين يدمرون الجوامع والكنائس، ويذبحون على الهوية ويقيمون إماراتهم المزعومة، وألويتهم العسكرية التكفيرية.
أليست سوريا التي يريدون تدميرها هي سوريا صلاح الدين، وسوريا الثورة مع سلطان الأطرش وابراهيم هنانو وصالح العلي الذين رفضوا امارات الطوائف ودويلات الاستعمار؟ أليست هي سوريا المنتفضة مع يوسف العظمة ضد المستعمر الفرنسي اليست هي سوريا الأبية مع ثوار الغوطة، هي سوريا حرب تشرين في العام 73 مع قائدها حافظ الأسد الذي أعاد الكرامة والعزة للعرب أجمعين.
أليست هي سوريا جو جمال ابن اللاذقية الذي تصدى للمدمرة الفرنسية " جان بار " واستشهد في العملية التي ادت إلى تدميرها واغراقها.
أليست هي سوريا خالد الأزرق ابن حلب الذي رد وديعة الأمة اليها يوم انسكب دمه جمرا احرق جنود الاحتلال الاسرائيلي في لبنان، أليست هي سوريا فدوى غانم التي لبّت من السويداء نداء الواجب فتحول جسدها كتلة من كرامة وعنفوان ألهب المحتل.
من ذا الذي يريد ان يقضي على سوريا الدولة والمؤسسات، على سوريا المتقدمة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، على سوريا المجتمع الواحد والحياة الواحدة، من الذي يريد تدمير سوريا المقاومة بصواريخها المحمولة على سواعد أبطالها الى جنوب لبنان لتدمر دبابات العدو وتحرق جنوده، من الذي يريد تدمير سوريا العصية على الهزيمة؟
إن من يريد تدمير سوريا من دول الغرب ومن معها من أحفاد الوهابية من الخلجان والتكفيريين وجماعات سلفية وعثمانيين جدد الذين أرادوا التوحد كما توحدت قبائل التتار والمغول ليحتلوا سوريا ويدمروها والقضاء على مهد الإنسانية والحضارة، لكنهم سيهزمون في حلب وفي دمشق وفي كل الأرجاء السورية ، وسيبقى عطر ياسمين الشام اقوى من رائحة الدم والبارود القادم اليها عبر قطعان المغول الجدد.