«نوح 2 السوري» ينتظر تركيا

«نوح 2 السوري» ينتظر تركيا

يستنفر النظام التركي هذه الأيام كثيراً وصولاً إلى رفع “حالة الطوارئ” إلى أقصاها بين أوساطه الاستخباراتية، بعد تكرار العمليات الأمنية “النوعية” التي نفّذتها دمشق في الأيام القليلة الماضية من أقصى الشمال الحلبي “تل جبين” إلى إدلب ودير الزور وريف اللاذقية، وصولاً إلى ريف حمص الشرقي وريف دمشق الجنوبي ومؤخراً القنيطرة، فاللعبة اليوم كما أسلفنا أمس، انتقلت من الاشتباك العسكري إلى “السباق الأمني”، والأسرع هو من سيحصل على “كاتو الانتصار”، وسيرفع راية انتصاره في وجه الخاسر أو “المهزوم”. تركيا تعي الآن أنها وصلت مع دمشق إلى عدم العودة، وأيقنت جيّداً أن دمشق منذ شهر تقريباً انتقلت من مرحلة “المدافع” إلى مرحلة الهجوم، مع تفعيل “العنصر الأمني” وإخراج أوراق اللعب “الأصلية” من دروجها المغلقة بإحكام منذ بدء الأزمة في هذا البلد. فالأجهزة الأمنية السورية وطيلة الفترة السابقة كانت بصدد تجميع المعلومات والعمل على تراكمها بعد قراءة متأنّية جداً، وربطها مع معلومات أخرى “خارجية أو داخلية” عن تحرّك الاستخبارات الأجنبية في الداخل السوري، لأن ماقبل “اغتيال الضباط السوريين” ليس قبله، وماقبل “اغتيال قادة حزب الله في القنيطرة” أيضاً ليس كما بعده. الجميع بات على أهبة الاستعداد للمرحلة الأخيرة، فإما الجميع يرمي بأوراقه على الطاولة ويبدأ اللعب “مكشوفاً”، أو تنتقل المعارك “الاستخباراتية” من الأراضي السورية إلى العمق التركي .. وهو ماترجّحه الظروف الحالية.

أنقرة منذ مساء أمس عملت على نقل مجهودها العسكري من دبابات وعربات مدرعة ومدافع ومنصات صواريخ إلى الحدود مع سوريا، كما عملت على إزالة حقول الألغام “من طرفها” المزروعة على كتفي الحدود منذ ماقبل الأزمة، لأسباب نجهلها جميعاً، لكن ماتفعله تركيا اليوم أعادنا سريعاً بالذاكرة إلى التسعينات، عندما حشدت تركيا حينها قواتها العسكرية على الحدود منذرتاً آنذاك بحرب عسكرية مع سوريا، إلا أن للراحل «حافظ الأسد» الرئيس السوري السابق، كان كلاماً آخر، عندما أمر القوات العسكرية السورية المنتشرة على حدود البلدين بالانسحاب إلى العمق السوري، ما أثار حينها حفيظة الروس بعد الاستغراب مما قام به الراحل، لفهموا لاحقاً ما كان يجول في ذهن الرئيس «الأسد»، عندما استبدل القوات العسكرية بمنصات صواريخ هدفها ضرب السدود التركية، بهدف إغراق “الحشد التركي” على الحدود ومعظم تركيا، دون أن يحتاج إلى رمي رصاصة واحدة من بندقية جندي سوري ليقتل بها أو يجرح جندي تركي ضمن عملية سماها حينذاك بـ”نوح2″. المفيد في “الذاكرة” بأنها تُعيد الصواب أحياناً إن احترفنا استعادتها وكنّا أذكيا، والمطلوب اليوم من “نظام أردوغان” أن يعود بذاكرته قليلاً إلى الخلف ليرى أن بإمكان سوريا اليوم أن تنفّذ تهديد الراحل «الأسد» وتُغرق تركيا بمن فيها، كيف لا ونحن نفهم ونعرف أن سوريا اليوم لن تفكر بالعودة إلى الوراء “لحظة واحدة” في حال دقّت أنقرة عليها طبول الحرب.

تركيا التي زار وفداً منها الرئيس السوري «بشار الأسد» منذ عدّة أيام، تعيش على جمر مخفي بالرماد، و”نظام أردوغان” الذي رأى بأم عينه مفاعيل العمل الاستخباراتي السوري على الأرض، يعيش حالة من “الجنون الإسرائيلي”، خاصة وأن “ميليشيات الارتباط” التي بدؤوا، أي “تركيا وإسرائيل”، بتشكيلها مع بداية الأزمة السورية بدأت تتهاوى أمامهم مجموعة تلوى الأخرى وجاسوس عقب آخر، كل ذلك أنهى كما أسلفنا في مقال سابق “الأحلام” التي دفعوا عليها ملايين الدولارات وأكثر لتأسيسها، لتظهر فيما بعد مكشوفةً كـ”كف اليد” أمام الأمن السوري الذي لم يوفر جهداً في القضاء عليها بلمح البصر، وهذا بالنسبة للدول الداعمة للإرهاب في سوريا، يعني وصول اللعبة إلى نهاياتها، أي أنهم تأكّدوا بأن أوراقهم المكدسة في أدراج مكاتبهم الاستخباراتية من الشمال السوري إلى أقصى جنوبه، ومن الرياض إلى قطر والأردن، كلها باتت بحكم المحروقة، وأن عليهم الانتقال من اللعب تحت الطاولة إلى فوقها، أي إعلان الحرب العسكرية على سوريا وليكن بعدّة أشكال، أهمها “التدخل البري في الأرضي السورية بحجة تقديم الدعم للمجموعات المسلحة”، كونها ومنذ ثلاث أيام وهي تطلق نداءات الاستغاثة أمام تقدم وحدات الجيش العربي السوري وتثبيته لنقاط سيطرته، خاصة وأن “المهلة التركية – الاسرائيلية” الممنوحة لتلك الميليشيات “تنتهي اليوم”، بإعادة “ماقدر الله” من النقاط التي خسروها في الأيام الماضية وإلا “ستسحب يدها إعلامياً عن دعم تلك الميليشيات”، وهذا التهديد ليس إلا “جزرة” توضع عادة أمام “الحمار” لجعل خطواته أسرع وليس لإطعامه إياها. فالحشد العسكري التركي منذ ليل أمس يشي بأن “طبول الجنون” لدى «أردوغان» قد “ثُقبت”، وبات العزف عليها ضجيجاً لايُطرب إلا “المجانين”.

إذاً .. تُركيا كسرت المحظور وبدأت بالحديث “العسكري”، فحشد الأمس ليس الأول من نوعه، وأن صبر دمشق على “اقتحام” قوات تركية لشمال سوريا بحجة إزالة رفاة «سليمان شاه» جد «أردوغان» لايعني “الصمت” على اقتحام “ثاني”، وبالتالي بحسب رأينا، على النظام التركي أن يجهّز لقواته “سفينة نوح” علّه ينجح بإجلائهم من طوفان “نوح 2″ الذي وعد به الرئيس الراحل «حافظ الأسد» ولم ينفّذه .. تاركاً الخيار مفتوح أما «بشار الأسد» لينتقي بدقة اللحظة المناسبة على إغراق تركيا وتنظيمها الإرهابي به، في حال قررت أن تُعيد التاريخ نفسه ..

عربي برس

» لبنان... ينتظر؟ أو ينفجر؟... امين حطيط
» الكلمة للميدان: «جنيف 2» ينتظر رمضان حلب
» اي مصير ينتظر العراق؟
» حي الوعر ينتظر المعركة.. أو المصالحة
» تركيا «تشرّع» تورطها في الدم السوري