حسم معركة تكريت «مسألة وقت»بينما دمر تنظيم “الدولة الإسلامية” أطلال مدينة الحضر الأثرية التي يعود تاريخها إلى ألفي عام في شمال العراق، تخوض القوات العراقية مدعومة بالميليشيات معارك مع التنظيم جنوب تكريت، في سادس ايام العملية العسكرية التي اعرب رئيس اركان الجيش الاميركي، قبل زيارة قريبة للعراق، ان حسمها لصالح بغداد يعتبر مسألة وقت.
وعلى رغم ان طيران الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن لم يشارك في العملية، في مقابل دور ايراني علني، اعلنت الولايات المتحدة ان ضربات الائتلاف في الاسابيع الماضية مهدت الارضية للهجوم، وهو الاكبر ضد التنظيم منذ سيطرته على مناطق واسعة من البلاد في حزيران.
على جبهة اخرى، اعلن الجيش الاميركي ان القوات العراقية استعادت، بدعم من طيران التحالف، بلدة البغدادي في محافظة الانبار، القريبة من قاعدة جوية تضم جنودا اميركيين يدربون القوات الامنية.
وقال ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي ان القوات الامنية تخوض “اشتباكات ضارية” مع التنظيم المتطرف في قضاء الدور جنوب تكريت، والذي تمكنت من اقتحامه الجمعة.
وكان الرئيس الاسبق صدام حسين اعتقل على يد القوات الاميركية عام 2003 قرب الدور، وهي ايضا مسقط نائب الرئيس السابق عزة ابرهيم الدوري، ابرز مسؤولي النظام السابق الذين لازالوا مطلوبين لواشنطن.
وبدأ نحو 30 الف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل شيعية مسلحة وابناء بعض العشائر السنية، هجوما من ثلاثة محاور الاثنين باتجاه تكريت والمناطق المحيطة بها، لا سيما قضاء الدور وناحية العلم. وتشن القوات هجومها من مدينة سامراء ، ومحافظة ديالى، وقاعدة سبايكر وجامعة تكريت.
وتعد تكريت ذات اهمية رمزية وميدانية، فهي مدينة رئيسية ومسقط راس صدام حسين. كما تقع على الطريق بين بغداد والموصل، كبرى مدن محافظة نينوى واولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم في حزيران.
في غضون ذلك،اعتبر رئيس هيئة الاركان المشتركة في الجيش الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي ان استعادة تكريت صارت مسألة وقت. واوضح ان “الارقام تؤكد هذا الواقع”، مشيرا الى ان عديد القوات العراقية والمسلحين الموالين لها، وقدره بنحو “23 الف عراقي”، يواجههم “بضع مئات” من عناصر تنظيم الدولة الاسلامية.
وفي حين لم يشارك طيران الائتلاف الدولي في عملية تكريت، نشرت وسائل اعلام ايرانية صورا لقائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني، مشيرة الى وجوده في صلاح الدين لتقديم استشارة عسكرية للقوات العراقية والفصائل الشيعية المدعومة بقوة من ايران.
وقال ديمبسي ان الضربات الجوية للتحالف في الاسابيع الماضية شمال تكريت، زادت الضغط على التنظيم المتطرف ومهدت للهجوم البري. واعرب عن اعتقاده ان “الهجوم على تكريت بات ممكنا بسبب الضربات الجوية التي نفذت في محيط بيجي”، القريبة من كبرى مصافي النفط في البلاد. واضاف “اريد ان يدرك رئيس الوزراء ووزير الدفاع (العراقيان) ان هذا (الهجوم) لم يحصل بسحر ساحر او بسبب وجود الميليشيات الشيعية على الطريق بين بغداد وتكريت”. واشار الى ان ايران تعزز القدرات العسكرية للفصائل الشيعية في العراق، من دون ان يتضح ما اذا كان يساعد او يعوق قتال الجهاديين.
وقال للصحافيين على متن الطائرة التي كانت تقله الى البحرين والعراق انه سينقل للمسؤولين العراقيين، قلقه من تنامي النفوذ الايراني. واضاف انه يتابع باهتمام “التحديات” التي يطرحها دعم ايران لهذه الفصائل، مشيرا الى ان تنامي نفوذ طهران يثير قلق اطراف في الائتلاف الذي يضم دولا عربية تنظر بعين الريبة لنفوذ ايران، وابرزها السعودية.
واعتبر ديمبسي ان الاختبار الحقيقي في تكريت سيكون الطريقة التي يعامل بها السكان السنة بعد استعادة السيطرة على المدينة.
وكان حجم الهجوم ومشاركة فصائل شيعية فيه، اثارا مخاوف من حصول عمليات انتقامية بحق بعض السكان الذين يتهمون بالتعاون مع التنظيم، او المشاركة في عمليات قتل جماعية بحق مجندين من الشيعة.
في محافظة الانبار ذات الغالبية السنية، اعلن الجيش الاميركي ان القوات الحكومية وعشائر سنية استعادت بلدة البغدادي، وثلاثة جسور على نهر الفرات يسيطر عليها التنظيم منذ ايلول.
اثار الحضر
وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية إن متشددي تنظيم “الدولة الإسلامية” دمروا أطلال مدينة الحضر الأثرية التي يعود تاريخها إلى ألفي عام بشمال العراق. واوضح احدهم إن الوزارة تلقت تقارير من موظفيها في مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتشدد تفيد أن الموقع الأثري في الحضر دمر. وأضاف أن من الصعب تأكيد التقارير وأن الوزارة لم تتلق أي صور توضح حجم الدمار الذي لحق بمدينة الحضر التي أدرج اسمها ضمن مواقع التراث العالمي عام 1987.
لكن أحد سكان المنطقة قال ل”رويترز” إنه سمع دوي انفجار هائل في وقت مبكر صباح السبت وإن آخرين في مناطق قريبة ذكروا أن مقاتلي الدولة الإسلامية دمروا بعض أكبر المباني في الحضر وأنهم يدمرون مناطق أخرى بالجرافات.
وتقع الحضر على بعد نحو 110 كيلومترات إلى الجنوب من الموصل أكبر مدينة عراقية تحت سيطرة “الدولة الإسلامية”. وكان المتشددون بثوا مقطع فيديو قبل أسبوع ظهروا فيه وهم يحطمون تماثيل ومنحوتات في متحف المدينة حيث توجد قطع أثرية لا تقدر بثمن وتعود للحقبتين الآشورية والهلنستية قبل ثلاثة آلاف عام.
وتعود الحضر إلى الإمبراطورية السلوقية قبل ألفي عام والتي سيطرت على جزء كبير من العالم القديم الذي غزاه الاسكندر الأكبر. وتشتهر بمعبد الأعمدة وسط موقع أثري مترامي الأطراف.
* النهار