الحرب على الإرهاب.. اعترافات مُذهلة ورموز جديدة للمحاكمةمحمد بلوط – صحيفة الديار
ما الذي يمنع ترجمة الاجماع على محاربة الارهاب الى استراتيجية وطنية؟ وما السبيل الى استثمار انتصارات وانجازات الجيش والقوى الامنية على هذا العدو؟
أدرج حوار عين التينة بين حزب الله وتيار المستقبل على جدول أعماله بند الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب في ضوء اعلان الطرفين على مستوى السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري الرغبة في الحوار حول هذا الموضوع.
ومما لا شك فيه ان مناقشة هذا الامر تحتاج الى الدخول في تفاصيل كثيرة بدءا من المواجهة العسكرية والامنية وانتهاء بالسياسة والاعلام. ولذلك فان الخوض في مكافحة الارهاب يفترض تعاونا صادقا للوصول الى توحيد الرؤى لتحقيق النتائج المرجوة.
وترى مراجع متابعة ان مجرد دخول المتحاورين في نقاش هذا الملف الحيوي والاساسي يسجل في خانة ايجابيات الحوار، مع العلم ان لا احد ينتظر الوصول الى نتائج ناجزة في غضون ايام.
وفي رأىها ان هناك عناصر ايجابية يمكن الاستناد اليها في الدفع بهذا الاتجاه، لا سيما على صعيد ما حققه الجيش والقوى الامنية من خطوات وانجازات مهمة في الحرب على الإرهاب.
وتشير المراجع إلى ان نجاح الجيش أخيراً في جرود رأس بعلبك وعرسال بتغيير المعادلة من الدفاع الى الهجوم، يعتبر محطة مهمة في مسار المعركة التي يخوضها ضد المجموعات الارهابية المسلحة في هذه المنطقة وفي درء خطرها على المنطقة ولبنان.
ووفق التقارير والمعلومات تقول هذه المراجع ان هذا الانتصار الجديد للجيش لم يأت من الفراغ، بل هو نتيجة لجهد عسكري من جهة وللدعم والمؤازرة التي يحظى بها على المستويين الرسمي والشعبي.
فمعركة تلال رأس العين هي جزء من المسار الذي بدأ مع حرب البارد مرورا بالحملات والمعارك الناجحة التي خاضها ضد الارهابيين والجماعات المتطرفة في طرابلس وصيدا ومناطق اخرى.
وبرأي هذه المراجع ان الجيش استفاد وبامكانياته المحدودة من التجارب على كل المستويات، واستطاع سد الثغرات التي برزت في كل هذه المعارك لا سيما في معركة جرود عرسال التي دفع فيها ثمنا باهظا وغاليا.
وتضيف ان هذه الانجازات لا يجب ان تحجب الاهتمام بتسريع الخطوات من اجل تسليح وتعزيز الجيش والقوى الامنية، بل يفترض ان تشكل حافزا في مضاعفة الجهد من أجل ترجمة مفاعيل الهبة السعودية في اقرب وقت، خصوصا ان قيادة الجيش والجهات الامنية اللبنانية قامت بواجباتها تجاه هذه المساعدات، عدا عن ان الاجراءات الادارية والتقنية والقانونية قد انجزت ايضا، فلا سبيل ولا مبرر لاي تأخير بعد الان.
وتأمل المراجع في ان تظهر النتائج عمليا، كما اعلن مؤخرا، مع شهر نيسان المقبل لتزويد الجيش بالاسلحة اللازمة والمناسبة من اجل استكمال معركته التي يخوضها في وجه الخطر الارهابي باسم لبنان واللبنانيين جميعا.
وتؤكد أيضاً ان ما حققه ويحققه الجيش ميدانيا يعتبر احد بنود وعناصر الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب وبالتالي يفترض ان يشجع المسؤولين والاطراف السياسية على التوصل الى قواسم مشتركة حول هذه الاستراتيجية المفترضة.
وإلى جانب الانجازات العسكرية والميدانية المباشرة تنظر المراجع الى ما حققته مخابرات الجيش وباقي الاجهزة الامنية في محاربة الرموز والشبكات الامنية في الداخل نظرة ايجابية للغاية نظرا للنتائج التي ترتبت وتترتب عن هذه الانجازات الامنية التي تشكل جزءا اساسيا في المعركة ضد المجموعات الارهابية.
واستنادا الى الوقائع والتقارير فان هذه المعركة اسفرت حتى الان عن تفكيك وتوقيف المئات من الرموز والعناصر الارهابية، وبالتالي ساهمت مساهمة كبيرة في افشال عدد كبير من العمليات التي تخطط لها هذه المجموعات، واضعاف والحاق الخسائر الكبيرة بالتنظيمات الارهابية على انواعها.
وتقول المعلومات، نقلا عن مصادر مطلعة، ان القبض وتوقيف عدد من القيادات والرموز الارهابية كشف عن حقائق مذهلة باعتراف هؤلاء الارهابيين، وان العديد منهم جاهر في التحقيقات ثم في المحاكمات بانتمائه الى “القاعدة” او داعش واعترف بكل انواع الجرائم والارهاب اكان على مستوى العمل لتنفيذ عمليات ارهابية، او على صعيد تخزين السلاح والمتفجرات ونقلها لهذه الغاية، او على مستوى الحصول على اموال وتجنيد العناصر الارهابية.
وقد فوجئت الجهات القضائية المدنية والعسكرية باعترافات بعض هذه الرموز التي وصلت الى حدود المجاهرة والوقاحة في استهداف الجيش والقوى الامنية، والتخطيط لتوسيع حرب الفتنة في لبنان، والتي لا تطال طرفا سياسيا او طائفة بل كل اللبنانيين.
وتكشف هذه المصادر عن ان هناك مفاجآت جديدة ستحصل. وان رموزاً ارهابية لم يكشف النقاب عنها قد وقعت في المصيدة، وسيكون لمحاكمتها نتائج مفيدة ليس على المستوى الأمني فحسب بل ايضا على مستوى كشف المخطط الارهابي الذي يستهدف لبنان والاستقرار العام فيه.
وتشير المصادر ايضا الى ان هذه الانجازات الأمنية اكدت اولاً قدرة الاجندة اللبنانية في مختلف المؤسسات على نجاحها في هذه الحرب الدقيقة، وهي تعتبر ايضاً عنصراً مهماً وأساسياً في الاستراتيجية الوطنية التي يفترض ان تتبلور وتنجز لتحصين لبنان، في وجه هذا الخطر.
أما الحجر الثالث الاساسي في هذه الاستراتيجية المفترضة فهو اجماع اللبنانيين وكل الاطراف السياسية على محاربة الارهاب والجماعات الارهابية من جهة ودعم الجيش والقوى الامنية من جهة ثانية. وقد برهنت الوقائع ان لا فرق بين “جبهة النصرة” التابعة للقاعدة وتنظيم “داعش” وباقي المجموعات الإرهابية التكفيرية، وأن الحرب على الارهاب يجب ان تأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار.
وتقول المراجع المتابعة ان هذه العناصر الثلاثة الاساسية يمكن ان تشكل انطلاقة ايجابية مهمة في مناقشة الاستراتيجية، وان النقطة الخلافية حول مشاركة “حزب الله” في الحرب ضد الإرهاب يفترض ان يتم التعاطي معها بموضوعية ومن دون حسابات ضيّقة، بحيث يوضع الهدف الاساسي اي محاربة الارهاب ومواجهة خطره موضع الاهتمام اذ لا يمكن ملء الفراغ الميداني في الجرود الشرقية للبنان بالواقع والوضع الحالي، وبالتالي يفترض ان تؤخذ هذه النقطة بالاعتبار في سياق المصلحة الوطنية العامة التي تفترض تجنيد كل الطاقات المتاحة لمواجهة الخطر المشترك اي الارهاب.
وبرأي هذه المراجع ان هذه النقطة يمكن مناقشتها تحت هذا العنوان اي “مواجهة خطر الارهاب”، وان هناك صيغاً واشكالاً عديدة يمكن التوافق والتلاقي حولها، فما المانع من توسيع نطاق القوى الشعبية المسلحة والمؤطرة في اطار هذه الاستراتيجية في الحرب المقبلة؟