جبهة «النصرة» الى صفوف التحالف الدولي ضدّ «داعش»؟فيما كانت الانظار متجهة الى ملف العسكريين الاسرى والحلحلة المستجدة على خطه، بعد هدوء عاصفة «ترتيب البيت الداعشي في القلمون» بعد حملة الاخضاع التي قادها التنظيم، عادت اخبار الاقتتال الداخلي بين الفصائل الى الواجهة، هذه المرة من بوابة الخلافات داخل «داعش» واتخاذها منحى خطيرا يهدد بتصفية وجود التنظيم عن الحدود اللبنانية – السورية.
ففي الوقت الذي نفت فيه مصادر متابعة لملف العسكريين الاسرى، عودة الوسيط القطري احمد الخطيب الى ساحة التفاوض وزيارته لعرسال، تعثرت المفاوضات مع تنظيم «داعش»،والتي يتولاها نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي، بسبب خلافات داخلية في صفوف مسلحي «الدولة الاسلامية»، اذ تكشف المصادر ان تعليمات وردت الى «جبهة النصرة» تدعوها الى التخلي عن تشددها في قضية العسكريين وغيرها من الملفات، كبادرة لبحث امكان انضوائها في تحالف ضد «داعش»، ولا سيما بعد الاتفاق التركي – الاميركي على تدريب مجموعات من المعارضة، وبعد تحييد غارات التحالف الدولي لمواقع الجبهة. تجاوب «النصرة» مع هذا الطرح وصلت اصداؤه الى «داعش» تضيف المصادر، ما فجر الخلاف داخل التنظيم في القلمون، بين من يريد الابقاء على التشدد في قضية العسكريين ومن يريد الحلحلة، ليتطور الى اشتباكات بين مجموعة ابو اسامة البانياسي امير داعش في القلمون والمعين منذ اقل من شهر ومجموعة ابو وليد المقدسي الداعشي المتشدد ما ادى الى سقوط عدد من الجرحى نقلوا للعلاج في عرسال وترددت معلومات عن مقتل البانياسي ولكنها تبقى حتى الساعة من دون اي اثباتات.
وبحسب المتابعين للعلاقة بين «النصرة» و»داعش»، فانه منذ أن نصب «أبو عائشة البانياسي» أميراً للدولة الاسلامية في القلمون وجرودها على الحدود السورية – اللبنانية، تدور خلافات داخل «تنظيم الدولة الاسلامية» بسبب علاقة الأمير الجيدة بأمير «جبهة النصرة» من جهة، ودفاعه عن ابو مالك التلي في الاجتماعات التي تعقد رافضا تكفيره وقتله، وطريقة قيادته للتنظيم الذي ادت الى فشله في الحصول على مبايعة كافة الفصائل المسلحة ومن بينها جبهة النصرة للخليفة ابو بكر البغدادي، على عكس «أبو الوليد المقدسي» الذي دخل في معارك حادة وتصفيات مع كل من لم يبايع التنظيم، اسفرت عن ضمه عناصر من «الجيش الحر» لتنظيمه،ومنها الوية «الحق»، «القصير»، «الفاروق»، «التركمان» وكتيبة «المقنع»، من جهة ثانية.
خلافات زادت حدتها في الفترة الاخيرة وتطورت الى اشتباكات عنيفة بين مسلحي «داعش»، اسفرت جولتها الاخيرة عن مقتل أبو سامة البانياسي الملقب بـ «أبو عائشة » مع اثنين من مرافقيه، بعد تكفيره، في جرد عرسال قرب معبر ميرا، بعد إطلاق النار الذي أصاب سيارته على أثر الاشتباك المسلح الذي وقع مع مجموعة تؤيد الامير الشرعي «ابو الوليد المقدسي» الذي يعتبر نفسه الاولى بتولي منصب أمير «الدولة الاسلامية» في القلمون، بعد ان ارسلته قيادة الرقة مع اثنين من الشرعيين (سعودي ويمني) لتنظيم امور مقاتلي التنظيم ومتابعة معاركهم مع الفصائل المعارضة في المنطقة تمهيدا لاخضاعها.
وتقول العلومات بانه مع التقارب بين أبو عائشة البانياسي و«جبهة النصرة»، ورفضه تكفير أبو مالك التلي زعيم النصرة في القلمون، وقتال الجبهة هناك، بدأت حملات التخوين التي أدت في نهاية المطاف الى وقوع الاشتباك المسلح الذي اودى بابي عائشة البانياسي على يد الأمير العسكري أبو بلقيس المؤيد للامير الشرعي أبو الوليد المقدسي، بحسب ما افادت تغريدات لتنسيقيات تابعة لـ «جبهة النصرة» على موقع «تويتر»، فيما ذكر مصدر سوري في القلمون أنّ الرواية الرسمية لتنظيم «الدولة الاسلامية» أفادت بأنّ النظام السوري أغار بالطيران على موكب أمير «الدولة الإسلامية» في القلمون أبي عائشة البانياسي (أبو أسامة) وقتله.
إلى ذلك، كشفت بعض المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي أنباء عن انفصال «جبهة النصرة» عن تنطيم «القاعدة» وتوحد قريب بينها وبين «حركة أحرار» الشام وجيش المهاجرين ولواء المهاجرين.كما أكدت بعض الشخصيات المقربة من التيار الجهادي، بالإضافة إلى إعلاميين وشخصيات من جبهة النصرة، نية «أبي محمد الجولاني» أمير النصرة إعلان انفصال «الجبهة» عن تنظيم «قاعدة الجهاد العالمي». فقد أكد أبو عزام الإدلبي أحد أعضاء شبكة المنارة البيضاء في تغريدة له على حسابه في تويتر أن جبهة النصرة مُقبِلة على مشروع جديد مع فصائل أخرى، دون التطرق إلى تفاصيل إضافية.
يذكر أن هناك مشروع قرار في الاتحاد الأوروبي برفع «جبهة النصرة» من قائمة الإرهاب بشرط انفصالها عن تنظيم القاعدة. وذكرت الحسابات المقربة من «النصرة» أن تنظيم «القاعدة» وافق على هذا الانفصال بشرطين: الأول أن لايتم إعلان اية إمارة إسلامية في سوريا، والثاني أن تتوحد «النصرة» مع الفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا وفق مشروع إسلامي واضح المعالم. علما ان فكرة انفصال «جبهة النصرة» عن القاعدة ليست جديدة، وإنما طُرحت منذ فترة بعد الإعلان عن تشكيل الجبهة الإسلامية؛ حيث تناقلت شخصيات تابعة لجبهة النصرة بعض تفاصيل النقاش بين «الجولاني» و«الظواهري» من أجل فك ارتباط «الجبهة» بـ «القاعدة» وأن الجولاني رفض ذلك.
يذكر أن «جبهة النصرة» أحدثت تغييرات جوهرية في هيكليتها حيث تم عزل أبو ماريا القحطاني وهو الشرعي العام للجبهة وتعيين الاردني سامي العريدي بدلا عنه. خطوات يرى المراقبون انها تأتي في سياق محاربة التطرف وربما يكون ذلك مرتبطا بدعم دولي.
* الديار