مصر ذاهبة الى سقوط الإخوان المسلمين

مصر ذاهبة الى سقوط الإخوان المسلمين



تذهب مصر نحو السقوط الحزبي للإخوان المسلمين ، ويبدو أن الرئيس المصري مرسي ليس بمستوى رئيس جمهورية يستطيع إدارة شؤون مصر، بل أنه يأخذ قرارات سريعة ويتعاطى مع الدول على أساس أن كل الدول يجب أن تحتاج مصر وبالتالي فهو يذهب من فشل الى فشل.

وقعت مشكلة سيناء حيث قتل أكثر من 20 جنديا مصريا ولم يعرف كيف يتصرف ولم يعرف كيف يقوم الجيش المصري بواجباته، فلعبت اسرائيل الدور وأرسلت طائرات في حين كان يجب على الجيش المصري أن يرسل طائرات وأن يلعب الدور الأكبر.

الصراع في سيناء هو بين تنظيم القاعدة وبين حلفاء الإخوان المسلمين، وحلفاء الإخوان المسلمين غير قادرين على فعل أي شيء في سيناء وهم ضعاف ولا يملكون أي شيء يواجهون القاعدة، فيما القاعدة تسيطر على 30% ولكن تنظيم القاعدة غير ظاهر ولا يستطيع الجيش المصري كشف مواقعها بسهولة ، وطالما أن اسرائيل تساهم بطريقة غير مباشرة بدعم تنظيم القاعدة في سيناء ضد نظام الرئيس مرسي.

على الصعيد العربي،هناك فشل كبير للرئيس مرسي فلا هو يقيم علاقة جيدة مع لبنان وسوريا ، ولا يقيم علاقة جيدة مع الأردن لأنّ الأردن فيها إخوان مسلمين وهم ضدّ ملك الأردن، وبالتالي فإنّ علاقة مصر مع الأردن ليست جيدة ، ومصر لا تستطيع التخلي عن الإخوان المسلمين في الأردن لأنّ الحكم في مصر حكم الإخوان المسلمين ، وبالتالي فإن الإخوان المسلمين لا يقبلون الاّ بأن يحكم حزبهم الأردن، أمّا ملك الأردن يريد ديمقراطية مستمرة لكن أميركا تريد أن يحكم الإخوان المسلمين الدول العربية لوضع تنظيم القاعدة بوجه الإخوان المسلمين وأن تحصل حرب ومشاكل بينهم بشكل لا يعود لديهم الوقت للتفرغ ضد أميركا، بل تحصل مشاكل بين الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة.

أما بالنسبة للعراق فعلاقة مصر بالعراق كانت ممتازة من 10 الى 15سنة وكان يعمل حوالي نصف مليون الى مليون مصري في العراق، لكن بعد الحرب ترك المصريون العراق وعادوا الى بلادهم وهاجروا الى مناطق أخرى.

ان الوضع بين مصر والعراق هو سيء ومن هنا عندما نقول أن الرئيس مرسي لا يستطيع أن يقيم علاقات جيدة مع الدول العربية لأنه فشل في إقامة علاقة مع العراق وبدلاً من أن يقوم الرئيس مرسي بمحاولة جدية لإعادة العلاقة المصرية العراقية أهمل الموضوع، وهو يعتمد على أميركا في كل شيء ويريد مساعدات من أميركا وأميركا لن تدفع مساعدات اضافية لمصر. ثم ننتقل الى علاقة مصر مع الخليج ،وعلاقة مصر مع دول الخليج سطحية وبدلاً من أن تكون علاقات استراتيجية جوهرية نراها في المستوى الشكلي .

كان يجب على الرّئيس المصري مرسي أن يوقّع اتّفاقًا مع السّعوديّة ويبني علاقات مصريّة-سعوديّة، لكنه لم يعرف كيف يقيم علاقة مع السعوديّة كي يعود نصف مليون أو مليون عامل للعمل في السّعوديّة، وبالتّالي فإنّ علاقات مصر مع الخليج سطحيّة، وليست عميقة كما يجب أن تكون بين مجلس التّعاون الخليجي ومصر.

السّؤال أين مصر الآن؟

اليوم مصر تعيش أزمة مع الدّول العربيّة مسؤول عنها الرئيس مرسي ومسؤول عنها حزب الإخوان المسلمين، فهم لا يعرفون إقامة علاقات جيّدة مع الدّول العربيّة إلاّ من خلال حزبهم. لذلك، من الآن حتّى 6 اشهر سنرى مصر ستدخل في مشاكل كبرى مع الدّول العربيّة وستزداد يومًا بعد يوم.

فمثلاً إذا أخذنا علاقات مصر مع لبنان، يجب أن تكون ممتازة، لكن لا وزير خارجيّة لبنان زار مصر ولا وزير خارجية مصر زار لبنان. وبالتّالي فإنّ العلاقة المصريّة-اللبنانيّة الّتي كانت علاقة تاريخيّة جغرافيّة هي الآن علاقة سطحيّة وعلى الأرجح إذا قرّرت مصر إقامة مراكز للإخوان المسلمين في لبنان ستدخل في مشاكل كبرى خاصّة بين لبنان وسوريا، لأنّ العدو الأول للنظام في سوريا هم الإخوان المسلمين وإذا قام الإخوان المسلمين بنشاط في لبنان ، فيعني ذلك أنه سيقومون بنشاط ضدّ سوريا وبالتّالي فالعلاقة السّوريّة اللبنانيّة ستصبح سيّئة. وهنا ستنعكس مباشرةً على علاقة لبنان مع مصر فيطلب لبنان من مصر عدم فتح مراكز حزبيّة للإخوان المسلمين، لكن السّفيرة الأميركيّة في لبنان مورا كونيللي تريد أن يتمّ إقامة فتح مراكز حزبية للإخوان المسلمين في لبنان تحت عنوان الرّبيع العربي أو الدّيمقراطيّة العربيّة. وهذه مشكلة كبرى لكن الأساس التي تتصرّف فيه أميركا هي أنّها ليست مع الإخوان المسلمين بل إنّها تريد إسقاط النّظام السّوري لتقوية الإخوان المسلمين لأنّهم الأكثر تدريبًا وتنظيمًا

في سوريا حتّى الآن النّظام يسيطر على الوضع. والجيش السّوري أظهر أنّه جيش عربي عقائدي ولا يزال 250 الف جندي سوري يأخذون أوامرهم من قيادة قصر الشّعب في دمشق، وبالتّالي فإنّ العلاقة ستسوء بين لبنان ومصر في ظلّ هذه الأجواء.

لقد استعرضنا العلاقات المصريّة- العربيّة ووجدنا أنّ الرئيس المصري مرسي يعيش أزمة ازدواجيّة عليه أن يحسم أمره. فإمّا هو رئيس جمهوريّة مصر وإمّا هو رئيس جمهوريّة الإخوان المسلمين في الدّول العربيّة. وبالتّالي، إذا تصرف أنّه إخوان مسلمين وتضامن مع الدّول العربيّة بهذه الطّريقة، فيعني ذلك مشاكل كبيرة بين مصر ودول عربيّة خاصّة وأنّه مثلاً في الجزائر لا يتمّ السّماح أبدًا للإخوان بالتّحرّك.



وفي تونس تحرّك الإخوان المسلمون لكن الجيش التونسي قام بقمع تحرّكات الإخوان. وهنالك المشكلة الكبرى الآتية على الطرّيق وهي تحرّك الإخوان المسلمين في ليبيا وقواتهم الكبرى هناك. ومن هنا ليبيا التي تقع على حدود مصر ومسافة الحدود بين مصر وليبيا هي 1000 كلم، فإنّ ذلك أن الإخوان المسلمين سيستطيعون التّغلغل في مصر تدريجيًّا خاصّة ، ويعني ذلك أنّ لييبا التي هي مركز أساسي للإخوان المسلمين ستسيطر على الشّعبيّة المصريّة، وبالتّالي فإن ليبيا تستطيع دفع أموال كبيرة شهريُّا للشعب المصري ، حيث تريد أن يكون نظامها أقوى من مصر وأن تلعب دور قطر ، حيث أن قطر شبه جزيرة وعدد سكانها 300 ألف مواطن. ومع ذلك تلعب قطر دورًا كبيرًا مثل دور السّعوديّة ، مع العلم أنّ قطر لا تشكّل شيئًا لطاقات وحجم السعودية لكن قطر تستند على دور أميركا واسرائيل لكي تستطيع لعب دور في العالم العربي.

ثم أنها تصرف أموالا كبيرة على الدول العربية ، بينما حتى السعودية التي كانت تصرف أموالا لاقامة شعبية لها، أوقفت المساعدات المالية للدول العربية وهذا الامر حصل في عام 2009 حتى عام 2012، وكان جواب السعودية دائما ان المملكة لا تريد مشاكل مع الدول العربية وانها مثلا اذا قامت بدعم مالي لطرف لبناني ضد طرف لبناني آخر ستصبح السعودية فريقا يختلف مع فريق آخر داخل لبنان وهذا ما لا تريده السعودية بل تريد ان تلعب دورا وسطا ، حتى ان السعودية التي هي ضد نظام الاسد لا تريد ان تصل الى خلاف كبير مع الاسد رغم ان الخلاف كبير جدا.

ما هو وضع العالم العربي اليوم ؟ مصر ليس لديها سياسة ورئيس الجمهورية محمد مرسي غير قادر على ان يلعب دور رئاسي عربي يستطيع جمع الدول العربية حول مصر. اما بالنسبة الى ليبيا فهي غارقة في مشاكل داخلية وكل طرف يريد ان يسيطر على الثروة التي تركها القذافي.

ثم هناك دول المغرب حيث الخلاف الجزائري التونسي والخلاف اللبناني السوري والخلاف السوري المصري ، وبالتالي فان الاوضاع العربية تعود الى الوراء ولا تتقدّم الى الامام،بل ان العالم العربي سيذهب الى التخلف والى الانشقاق أكثر وأكثر ، وهذا ما تريده أميركا واسرائيل .

وبالنتيجة فان الجزائر التي تختلف مع تونس على قيام تنظيم الاخوان فستجد تونس نفسها مع الدولة الاقرب لها والاكثر سكانا. والخلاف بين تونس والجزائر سيكون لصالح الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 35 مليون نسمة ، اما عدد سكان تونس فـ 4 مليون نسمة ،وليس من احد في الدول العربية قادر ان يصالح رئيس الجزائر عبد العزيز بو تفليقة مع ملك المغرب.

على كل هذا الاساس ان الاشهر القادمة ستكون سيئة سواء بالنسبة لحرب على الساحة اللبنانية اما الحرب المشتعلة في سوريا منذ سنتين حتى الآن. ان قمة عربية لن تحصل والرؤساء العرب لن يجتمعوا لان بينهم خلافات كبيرة والمستفيد الاول هو اسرائيل من الخلافات، اذ اعلنت اسرائيل انها دولة يهودية لا تقبل الا بالمواطنين اليهود بينما تسعى اسرائيل الى تقسيم الدول العربية التي حولها لتصبح هذه الدول ضعيفة للغاية والقوى الاساسية هي لـ 7 ملايين يهودي يعيشون في بحر من المسلمين الذين يرفضون اي تغيير في الدستور او الشريعة القانونية داخل مصر ، والدليل على ذلك قرار مجلس الاخوان المسلمين الذي اعلن انه لا يقبل بزواج مدني في مصر ، فاما ان يكون جوازا مسلما واما أن يكون زواجا بين مسلم ومسيحية وعندها على الفتاة المسيحية ان تصبح مسلمة.

إن مشكلة مصر و ليبيا ظهرت قبل 150 عاما والقبائل الليبية هي قبائل اقوى من الجيش الليبي وقد حاربت الاتحاد السوفياتي في الماضي وانتصرت عليه.

هل نحن امام انتقام روسي من أميركا كي لا تأخذ أميركا الدورالأول في الدول العربية ؟ وفي المقابل تقوم اميركا بالانتقام من روسيا كي لا تعود روسيا لها دور كبير في الدول العربية .

هناك 30 سنة قادمة أمامنا لنعرف من سيسيطرعلى العالم ، في السابق كانت مصر وسوريا والعراق وجزء من الخليج ولبنان وسوريا يلعبون دورا واحدا ويضغطون على الدول العربية الاخرى كي تسير في الخط العربي، لكن اليوم تغير الوضع فلا مصر تستطيع ان تضغط على الدول العربية ولا الدول العربية تستطيع ان تضغط على مصر .

النتيجة ان ازمة عربية ستمتد لعشرين سنة قادمة لن يسيطر فيها الا القوي ، ومن الان حتى يظهر الجو الحقيقي للوضع العربي ، سنرى مصر تتراجع الى الوراء وسنرى دول الخليج تشتري اسلحة وطائرات و بوارج حربية من أميركا لا تحتاج اليها وليس لديها طواقم أو عناصر تستطيع ان تشتغل على هذه الطائرات والبوارج البحرية.

مرت الدول العربية بحرب 1967 فانقسمت إلى قسمين واليوم سينقسم العالم العربي إلى قسمين من جديد ، قسم يريد معاهدة مع اسرائيل وقسم لا يريد معاهدة مع اسرائيل، لكن السؤال الاساسي هل تريد اسرائيل ان توقع اتفاق سلام مع الدول العربية ؟ الجواب لا... اسرائيل لا تريد اتفاقا مع العرب ولا تريد سلاما معهم.